نشرت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، الإثنين 22 فبراير/شباط 2021، أول تسجيل صوتي من المريخ، وهو صوت خافت للريح التقطته المركبة الجوالة "برسفيرانس روفر"، كما نشرت أول مقطع فيديو يصور هبوط المركبة على الكوكب الأحمر.
"ناسا" أشارت إلى أن الميكروفون لم يعمل أثناء الهبوط، لكن العربة الجوالة تمكنت من التقاط الصوت بمجرد هبوطها على سطح المريخ، وشغّل مهندسو وكالة ناسا مقطعاً صوتياً قصيراً لما قالوا إنه هبة ريح على السطح، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
أتاحت "ناسا" عبر حسابها على موقع Sound Cloud إمكانية سماع الصوت الذي استمر 18 دقيقة.
كذلك أظهر مقطع الفيديو، مدته ثلاث دقائق و25 ثانية، فتح المظلة وهبوط العربة الجوالة على السطح وسط سحابة من الغبار.
مايكل واتكينز، مدير مختبر الدفع النفاث التابع لناسا، قال في تصريح للصحفيين: "هذه لقطات فيديو رائعة حقاً"، مضيفاً أنها "المرة الأولى التي نتمكن فيها من تصوير حدث مثل الهبوط على المريخ".
من جانبها، قالت جيسيكا صامويلز، مديرة مهمة برسفيرانس على السطح، إن العربة الجوالة تعمل كما هو متوقع حتى الآن، مؤكدة أن وضع المركبة "برسفيرانس بخير".
رحلة طويلة إلى المريخ
كانت بعثة "مارس 2020″ قد أقلعت في نهاية يوليو/تموز الماضي، من ولاية فلوريدا الأمريكية، على المسبار "برسفيرانس"، وهو الأكبر والأكثر تطوراً بين المركبات التي أُرسلت حتى اليوم إلى كوكب المريخ.
قطعت المركبة، في رحلتها الطويلة بالفضاء، 472 مليون كيلومتر بسرعة 19 ألف كيلومتر في الساعة، لتبدأ الاقتراب من نقطة الهبوط على سطح المريخ، وذلك في أول محطة لها بحثاً عن علامات على حياة ميكروبية قديمة على الكوكب الأحمر.
فيما قال مدير مشروع البعثة جون ماكنامي إنه على ثقة تامة بأن ناسا ستنجح في بعثتها التاسعة على سطح المريخ، ومركبة برسفيرانس هي المركبة الجوالة الخامسة.
وعلى الرغم من هذا الإنجاز الكبير، فإن دور الإنسان في الذهاب إلى المريخ لم يحِن بعد، ومن غير المتوقع أن يكون الموعد قريباً، مع أن الرحلات البشرية إلى هذه الوجهة الفضائية هدف قديم وُضِع منذ عقود.
في هذا الصدد، قال مدير ناسا بالإنابة ستيف جورشيك يوم الخميس الفائت، إنه "بحلول منتصف العقد الثالث من القرن الجاري، قد نبدأ في استخدام الوسائل التي نستخدمها للوصول إلى القمر لإرسال رواد فضاء إلى المريخ".
وإذا كانت الصعوبات التكنولوجية الكبيرة عولجت تقريباً، فإن عوامل كثيرة لا تزال غائبة من المعادلة، فالرحلة إلى المريخ تستغرق نحو سبعة أشهر، وعلى رواد الفضاء أن يمضوا هناك 30 يوماً في البداية، بحسب ناسا.
كذلك يبلغ متوسط درجة الحرارة 63 درجة مئوية تحت الصفر، فضلاً عن أن الإشعاعات كثيرة، والجو يحتوي على 95% من ثاني أكسيد الكربون.
أما الجاذبية فلا تتعدى 38% من جاذبية الأرض. لكنّ جي سكوت هابارد الذي كان يعمل في ناسا وقاد أول برنامج يتعلق بالمريخ، قال "تعلمنا الكثير عن الجاذبية الصغرى بفضل محطة الفضاء الدولية".
مسبار "برسفيرانس" كان قد حمل إلى المريخ أدوات عدة بهدف التحضير للبعثات البشرية في المستقبل، من أبرزها جهاز بحجم بطارية سيارة سمّي "موكسي" سيحاول إنتاج الأكسجين مباشرة في الموقع، عن طريق امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي للمريخ، على غرار ما تفعل النباتات.
هذا الأكسجين سيمكّن مستوطنين بشريين مستقبلاً من التنفس، وسيُستخدَم كذلك كوقود، ورأت المحللة في قطاع الفضاء لورا فورشيك أن إرسال بشر إلى كوكب المريخ "قابل للتحقيق"، لكنّها شددت على أن "إرسال روبوتات في الوقت الراهن أكثر أماناً"، إذ إن معايير السلامة المطلوبة تكون أقل.
يُشار إلى أن وكالة الفضاء الأمريكية تراهن على صاروخها "إس إل إس" (نظام الإطلاق الفضائي) لتنفيذ الرحلة إلى المريخ، وهو سيخضع للاختبار في نهاية سنة 2021 على أقرب تقدير، ولن يكون مأهولاً، وقد عانى المشروع من ارتفاع كلفته وتأخيرات إضافية، بينها فشل اختبار المحركات في كانون الأول/يناير 2021.