أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل جروسي، الأحد 21 فبراير/شباط 2021، أن الوكالة التابعة للأمم المتحدة أبرمت اتفاقاً مع إيران لمواصلة أنشطة التحقق والمراقبة "اللازمة" في إيران التي كانت قد قلصت تعاونها الأسبوع الحالي، معتبراً أن ما اتفقوا عليه "شيء قابل للتطبيق، ومفيد لجسر الهوة بيننا وإنقاذ الموقف الآن".
لكن جروسي قال، في مؤتمر صحفي، إن وتيرة وصول المفتشين إلى المواقع الإيرانية ستتراجع، ولن يكون هناك مزيد من عمليات التفتيش المفاجئة.
تأتي تصريحات المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية عقب زيارته الأخيرة لطهران التي بحث خلالها "أنشطة التحقق الضرورية" التي تجريها الوكالة، وكان قد التقى بعض المسؤولين الإيرانيين منهم رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي.
"على أمريكا رفع العقوبات"
في سياق متصل، قال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، الأحد 21 فبراير/شباط 2021، إنه يتعين على الولايات المتحدة رفع العقوبات عن إيران أولاً إذا كانت تريد الحديث عن إنقاذ الاتفاق النووي، ليؤكد بذلك موقف طهران بأنها لن تتخذ الخطوة الأولى لإعادة الاتفاق مع القوى العالمية.
أضاف ظريف، في مقابلة تلفزيونية مع قناة برس تي.في الإيرانية الناطقة باللغة الإنجليزية، أن الولايات المتحدة لن تتمكن من الانضمام مُجدداً إلى الاتفاق النووي قبل أن ترفع العقوبات، مضيفاً: "بمجرد أن يفي جميع الموقعين على الاتفاق النووي بالتزاماتهم ستعود إيران إلى المفاوضات لاستئناف الاتفاق".
وزير الخارجية الإيراني ذكر أن "بايدن يدّعي أن نهج إدارة ترامب في ممارسة أقصى قدر من الضغط كان بمثابة فشل كبير، لكن من حيث المبدأ والممارسة، استمر في سياسة الإدارة السابقة ولم يغيرها"، مؤكداً أن الولايات المتحدة أصبحت "مدمنة" لفرض العقوبات، وممارسة الضغط والتنمر، لكن هذه السياسات لن تنجح مع إيران، على حد قوله.
كانت إدارة بايدن قد صرّحت الأسبوع الماضي بأنها مستعدة للحديث مع إيران حول عودة البلدين للاتفاق الذي يهدف إلى منع طهران من امتلاك أسلحة نووية مقابل رفع معظم العقوبات الدولية.
جدير بالذكر أن هناك قانوناً أقره البرلمان الإيراني العام الماضي يلزم الحكومة بوقف تنفيذ البروتوكول الإضافي اعتباراً من يوم 23 فبراير/شباط الجاري إذا لم تُرفع العقوبات.
بينما تطبق إيران البروتوكول الإضافي بموجب الاتفاق النووي، مما يمنح الوكالة الدولية للطاقة الذرية سلطة إجراء عمليات التفتيش بإخطار قصير مسبق في مواقع لم يعلن عنها.
تعليقاً على هذا الموعد، قال ظريف: "هذا ليس موعداً نهائياً للعالم وليس إنذاراً. كأي دولة ديمقراطية، علينا تطبيق القانون الذي أقره البرلمان. خطوة (وقف عمليات التفتيش المفاجئ) ليست تخلياً عن الاتفاق".
باب الحوار ينبغي أن يكون مفتوحاً
في سياق آخر بحث الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والإيراني حسن روحاني، في اتصال هاتفي، التطورات على الصعيد الإقليمي، وسبل تطوير العلاقات الثنائية.
حيث أكد أردوغان، في بيان أصدرته دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، الأحد، أن "أنقرة تحافظ على الإرادة اللازمة لتعزيز العلاقات التركية الإيرانية"، معرباً عن تمنياته بأن تتخلى إدارة بايدن عن العقوبات المفروضة على طهران وتزيل "العقبات غير العادلة" أمام رفاهية الشعب الإيراني.
أردوغان اعتبر أن اتفاق كافة الأطراف حول خطة عمل جديدة وشاملة مع إيران "سيكون أكثر خطوة منطقية"، مشدّداً على أهمية إبقاء باب الحوار مفتوحاً رغم كل الصعوبات.
الولايات المتحدة لا تخطط لرفع العقوبات
كانت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي قد قالت، الجمعة 19 فبراير/شباط 2021، إن الولايات المتحدة لا تخطط لرفع العقوبات المفروضة على إيران، قبل الانضمام إلى محادثات مع أوروبا بشأن البرنامج النووي الإيراني.
إذ أكدت ساكي، في كلمة للصحفيين على متن طائرة الرئاسة الأمريكية، أنه لا توجد خطة لاتخاذ خطوات إضافية بشأن إيران قبل إجراء "الحوار الدبلوماسي".
جاءت تصريحات ساكي بعد يوم واحد من قيام السفير ريتشارد ميلز، نائب المندوبة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة، ببعث رسالة إلى رئيسة مجلس الأمن السفيرة البريطانية باربرا وودوارد، ذكر فيها أن بلاده تسحب خطابيها الموجهَين إلى المجلس بتاريخ 21 أغسطس/آب و21 سبتمبر/أيلول الماضيين، بخصوص تفعيل آلية "سناب باك"، ما يعني إلغاء العقوبات التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على إيران.
يشار إلى أن آلية "سناب باك" تتيح إعادة فرض عقوبات أممية على إيران إذا طلبت ذلك دولةٌ طرف في الاتفاق النووي الموقَّع بين الدول الخمس الكبرى بمجلس الأمن (الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وبريطانيا، وفرنسا) إلى جانب ألمانيا مع إيران عام 2015.
العودة إلى الأسلوب القديم
في السياق ذاته، رفعت إدارة بايدن قيود السفر عن دبلوماسيين إيرانيين كانت قد فرضتها إدارة ترامب، وهو ما حدَّ من التمثيل الدبلوماسي الإيراني لدى واشنطن وحضور طهران في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك.
فيما أكد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية، أن هذه الخطوة تهدف إلى فسح المجال أمام الدبلوماسية لتلعب دورها بملف برنامج إيران النووي.
هذا التصرف رأى مراقبون أنه يعني عودة إدارة بايدن إلى الأسلوب القديم حين كان يُعطى الدبلوماسيون من دول مثل إيران وكوريا الشمالية حرية التحرك في نطاق لا يتجاوز محيط مدينة نيويورك.
يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه إدارة بايدن استعدادها للتفاوض مع إيران والدول الأخرى الموقعة على الاتفاق النووي.
إذ أعلن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، أن بلاده ستقبل أي دعوة من جانب المفوضية العليا للاتحاد الأوروبية لحضور اجتماع لدول 5+1 وإيران؛ لمناقشة السبل الدبلوماسية المتعلقة ببرنامج إيران النووي.
ودول الـ"5+1″ هي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وهي الصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وأمريكا؛ إلى جانب ألمانيا.
جدير بالذكر أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب كان قد انسحب من الاتفاق النووي عام 2018، وأعاد فرض العقوبات على إيران التي تُتهم حالياً بأنها بدأت بدورها انتهاك بنود الاتفاق تدريجياً.
لكن إيران والولايات المتحدة على خلاف حول من يجب أن يتخذ الخطوة الأولى لإحياء الاتفاق. وتصر إيران على ضرورة أن ترفع واشنطن العقوبات أولاً، بينما تقول الولايات المتحدة إنه ينبغي على طهران العودة أولاً إلى الالتزام بالاتفاق.