تحدث المصور العسكري السوري المنشق، المعروف باسم "قيصر"، عن كيفية تهريبه لعشرات آلاف الصور الصادمة، لمعتقلين قتلهم نظام بشار الأسد داخل معتقلاته السرية، وذلك في ظهور جديد للمصور الذي لا تزال هويته مجهولة.
برنامج 60 دقيقة الذي بثته شبكة CBS الأمريكية، الأحد 21 فبراير/شباط 2021، تحدث عن الانتهاكات المروعة ضد المعتقلين في سوريا، وأجرى لقاءً مع قيصر، وصديق له يدعى سامي، ومعاذ مصطفى المدير التنفيذي "لفريق عمل الطوارئ السورية"، والذي سبق أن عمل في فريق "عمل قيصر".
لم يظهر قيصر بشكل كامل في البرنامج، بل تم إخفاء وجهه حفاظاً على هويته، واكتفت الكاميرا بتصوير سترته الزرقاء وحركات يديه بينما كان يتكلم.
قال قيصر في تعليقه على الصور التي التقطها: "حين كنت ألتقط الصور، كنت أفكر كيف لهذه الحكومة فعل ذلك في شعبها، وانتابني الحزن والغضب لما أشاهده، وفي نفس الوقت الخوف من أنه في أية لحظة، ليس هناك ما يمنع من لقائي المصير ذاته وتعرضي للتعذيب وتُلتَقط صوري لاحقاً".
سأل المذيع قيصر عن الطريقة التي اتبعها في تهريب صور المعتقلين، وقال المصور العسكري: "كل يوم كنت أجلس إلى الحاسوب وأستخدم وحدة ذاكرة فلاشية لنقل جميع الصور التي التقطتها في ذلك اليوم، وأُحمِّلها على وحدة الذاكرة، ثم أخرج من العمل بطريقة سرية وتحمل مجازفة، وأتواصل مع صديق مقرب لي يُدعَى سامي، الذي يأخذ وحدة الذاكرة وينقل ما فيها يومياً إلى حاسوبه الشخصي".
تحدث سامي أيضاً في برنامج 60 دقيقة، وتم إخفاء وجهه أيضاً، وقال: "كان على عاتقنا، أنا وقيصر، مسؤولية تجاه الشعب السوري لنريهم، ونبرهن لهم، ونُعلِمهم بمصير أحبائهم".
أضاف سامي: "أتذكر أنَّ جارتي، ابنها كان صديقي، وشاهدت صورته على وحدة الذاكرة التي جاء إليّ بها قيصر في أحد الأيام، أتذكر أنَّ هذه الأم كانت تذهب يومياً إلى المنشأة الاستخباراتية وتسأل عن ابنها، وعن أية معلومات عنه، ولم أستطع حتى إخبارها بحقيقة ما حدث له؛ لأنني لم أرغب في فضح أمرنا بينما نحن نوثق هذه المعلومات".
وعرضت شبكة CBC عدداً من الصور التي سربها قيصر، ووضعت عليها تأثيراً لإخفاء التفاصيل المفزعة فيها، وظهر فيها معتقلون سوريون قُتلوا من شدة التعذيب في المعتقلات.
كشف الفظائع في معتقلات الأسد
كان معاذ مصطفى قد تحدث في تصريحات سابقة لصحيفة "الشرق الأوسط"، عن توثيق قيصر للجرائم في المعتقلات، وقال إن قيصر كان يعمل مصوراً في الشرطة العسكرية وكانت مهمته قبل الحرب تصوير وتوثيق الأحداث من جرائم وحوادث عادية أو انتحار أو غيرها.
لكن مع اندلاع الثورة في سوريا، طلب منه ومن كل الفريق الذي كان يعمل في التصوير لمصلحة وزارة الدفاع التوجه نحو المستشفيات العسكرية، وخصوصاً مستشفى المزة العسكري رقم 601 ومستشفى تشرين العسكري، لتصوير وتوثيق صور القتلى.
مصطفى أشار إلى أن قيصر بعدما بدأ في التصوير بفترة قصيرة، رأى أن غالبية الضحايا هم من المتظاهرين والمعتقلين المدنيين الذين خرجوا في بدايات الثورة عام 2011.
كان قيصر مصوراً عادياً ولم يكن منخرطاً في الثورة ضد الأسد، لكن بعد مشاهدته لحجم القتل والمجازر التي يرتكبها النظام، قرر البقاء قدر المستطاع وتصوير الضحايا بالمعتقلات لتمكين عائلاتهم من معرفة مصيرهم.
تمكَّن قيصر من تسريب نحو 55 ألف صورة لـ11 ألف معتقل في سجون الأسد، وكان قد غادر سوريا في العام 2013، وقدّم شهادته أمام الكونغرس في العام 2014.
وعلى إثر الفظائع التي كشفها قيصر، صادق مجلس الشيوخ الأمريكي في ديسمبر/كانون الأول 2019، على قانون قيصر، ووقع عليه الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب.
القانون يتضمن فرض عقوبات على نظام الأسد وعلى المتعاونين معه وداعميه، وكان هذا القانون ثمرة جهود كبيرة من معارضي الأسد لمعاقبته على الجرائم في المعتقلات.