نشرت صحيفة The Telegraph البريطانية تفاصيل جديدة عن هروب الأميرة الإماراتية لطيفة، إذ قالت الصحيفة إن اليخت الذي حمل اسم "نوسترومو" Nostromo، والذي كان عبارة عن قارب شراعي يبلغ طوله 29 متراً ومزود بمحرك ويقوده ضابط استخبارات فرنسي سابق، احتوى على مجموعة من وسائل الاتصال تسببت في كشف مكان الأميرة الهاربة.
تفاصيل القبض على الأميرة لطيفة
الصحيفة قالت إن اليخت الذي قررت الأميرة الهرب عن طريقه مزود بأجهزة ملاحة متقدمة، وهواتف محمولة، وجهاز كمبيوتر محمول، وراديو عالي التردد، ورادار، وأجهزة إرسال واستقبال لنظام تحديد الهوية التلقائي، وهاتف متصل بالأقمار الصناعية، وجهاز لاستقبال الإنترنت عبر الأقمار الصناعية يومض ويخبو أثناء إرسال واستقبال الإشارات.
وتشير الصحيفة إلى أن أحد هذه الأجهزة كشف عن موقع اليخت، الذي انتهت رحلته عام 2018 في اليوم الثامن بعد صعود قوة من الكوماندوز الهنود والإماراتيين على متنه قبالة سواحل غوا الهندية، وما أسفر عنه ذلك من نقل الأميرة لطيفة، التي أخذت ترفس وتقاوم، إلى قفصها الذهبي في الإمارات.
الصحيفة تحدثت إلى تينا جوهياينين، وهي مدربة لياقة بدنية فنلندية كانت على متن القارب مع صديقتها الأميرة لطيفة وتقود الآن حملات البحث عن حريتها، التي تصف أحداث وقائع الاقتحام، فتقول: "إنها كانت أشبه بعملية عسكرية" كما أصدرت تينا هذا الأسبوع مقاطع فيديو جديدة للأميرة وهي في الأسر، فيما تقول إنها تخشى على حياتها.
"قصة إثارة خيالية"
تبدو قصة هروب الأميرة لطيفة أشبه بقصة إثارة خيالية، لكن كيفية القبض عليها تشكل فصلاً آخر لا يقل إثارة عن روايات الجاسوسية، فبعد اختفائها نظم والدها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبي، عملية بحث واسعة النطاق.
وبالإضافة إلى القوات الخاصة التي كانت على أهبة الاستعداد للتحرك في كل من الإمارات والهند، نشر فريق التتبع أسطولاً من طائرات المراقبة المسيّرة والقوارب، ووفقاً لتحقيقات حديثة، هناك إشارات تتبع "خبيثة" للهواتف المحمولة مرسلة من جزر القنال الإنجليزية.
ويتابع تقرير الصحيفة بالقول إنه في ديسمبر/كانون الأول، حصل "مكتب الصحافة الاستقصائية" في لندن، على بيانات يقول إنها تؤكد أن أحد الهواتف المحمولة الموجودة على متن "نوسترومو" تعرض لحملة مطالبات مكثفة عبر إشارات البحث عن المواقع في اليوم السابق لمداهمة اليخت.
فيما عرضت المنصة الإعلامية غير الهادفة للربح بالتفصيل كيف بدأت شبكات للهاتف المحمول في جزيرة جيرسي البريطانية والكاميرون وإسرائيل ولاوس في وقت مبكر من 3 مارس/آذار 2018، في إرسال طلبات "للكشف عن معلومات التوجيه" إلى الهاتف الذي كان موجوداً على متن القارب.
وتلفت الصحيفة إلى أن هذه الطلبات، وإن كانت تستخدم لأغراض شرعية في العادة، فإن شركات الاستخبارات الخاصة قد تستخدمها أيضاً لتتبع الهواتف المحمولة دون علم المستخدم.
تقرير مكتب الصحافة الاستقصائية يشير إلى أنه بعد أن منعت جدران الحماية الدولية محاولات الإشارات السابقة، فإن مشغّلاً صغيراً لخدمات الهواتف في مينيسوتا يُدعى "نيوكور وايرلس" NewCore Wireless نجح أخيراً في إرسال إشارة استقبلها الهاتف.
هاتف كشف موقع الأميرة لطيفة
من جانبه، قال رئيس الشركة، ألبرت كانغاس، لمكتب الصحافة الاستقصائية إن "ذلك لم يكن أمراً جيداً"، فعلى ما يبدو أن نقطة الوصول التي استأجرتها شركة "نيوكور" لطرف ثالث استُخدمت لتحديد موقع اليخت الذي كان يحمل الأميرة لطيفة على متنه، ومع ذلك لا تزال هوية صاحب الهاتف الذي كان على متن المركب والمسؤول عن الكشف عن موقعه محل نزاع.
تعليقاً على ذلك، قال هيرفي جوبير، قبطان اليخت، لصحيفة The Sunday Telegraph إنه يعتقد أن السيدة جوهياينين هي المسؤولة وبحسب كلامه، فهو كان قد "طلب من الأميرة لطيفة أن تترك هاتفها ولا تأخذه معها، وكذلك أخبر تينا جوهياينين بذلك، لقد كان أمراً" ومع ذلك، فقد أحضرتا هاتفين إلى القارب، في انتهاك لتعليماته.
في المقابل، أنكرت تينا جوهياينين ذلك، وقالت للصحيفة إنها والأميرة لطيفة قد تخلصتا من الهواتف القديمة قبل مغادرة دبي. وأضافت: "كان لدينا هواتف جديدة وأرقام جديدة، لذا لم يكن من الممكن تعقُّبنا عن طريقها". وتنتقد تينا [القبطان جوبير]، قائلة "إنه لو كان محترفاً، لكان أخبرنا أنه لا ينبغي لنا استخدام شبكة الواي فاي".
في غضون ذلك خلص مكتب الصحافة الاستقصائية في تحقيقاته إلى أن الهاتف المحمول المسجل في الولايات المتحدة، والخاص بالقبطان جوبير، هو الذي تلقى إشارات تحديد الموقع.
بعد إحباط محاولة الهرب، احتجزت السلطات الإماراتية القبطان جوبير وتينا جوهياينين لفترة وجيزة، لدورهما في خطة الهروب، قبل أن يُطلق سراحهما لاحقاً.
أمَّا الشيخ محمد، والد الأميرة لطيفة، فيصرّ على أن إعادة ابنته إلى الإمارات كانت مهمة إنقاذ، فيما لم يعلق المسؤولون على الأساليب التي استخدمت في تعقبها.
فيما قالت عائلتها هذا الأسبوع إن لطيفة تتلقى الرعاية في المنزل من قبل عائلتها وأخصائيين طبيين، وإنها "تتحسن وتأمل الأسرة في أن تعود قريباً إلى حياتها الطبيعية".
على الجانب الآخر تقول رادها ستيرلنغ، الرئيس التنفيذي لمنظمة "محتجزون في دبي" Detained in Dubai الحقوقية وأحد أبرز منتقدي أوضاع حقوق الإنسان في الإمارات، إن الشيخ محمد ربما لجأ إلى هذه الإجراءات المتطرفة لأنه يخشى أن يُنظر إليه على أنه شخص ضعيف من قبل خصومه السياسيين ورجال الحاشية.
مطالبات بكشف مصير الأميرة لطيفة
وفي وقت سابق دعت بريطانيا، الإمارات، إلى تقديم برهان على أن الشيخة لطيفة، ابنة حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد، لا تزال على قيد الحياة، وذلك بعد أن نشرت هيئة الإذاعة البريطانية مقطع فيديو ظهرت فيه الشيخة، وهي تقول إنها رهينة في فيلا تحولت إلى سجن.
جاء ذلك في تصريحات لوزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، لتلفزيون Sky News، وسُئل عما إذا كان يؤيد ضرورة أن تقدم الإمارات العربية المتحدة دليلاً على أن الشيخة لطيفة على قيد الحياة.
أجاب راب: "في ضوء ما شاهدناه أعتقد أن الناس تريد على المستوى الإنساني أن ترى أنها على قيد الحياة وبخير بالطبع. أعتقد أن هذه فطرة ونحن بكل تأكيد نرحب بذلك".
وفي مارس/آذار الماضي، أعلن قاض بالمحكمة العليا في لندن قبول سلسلة من الادعاءات تقدمت بها الأميرة هيا الزوجة السابقة لحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في إطار معركة قانونية دائرة بين الطرفين، من بينها أن الشيخ محمد أصدر أمراً باختطاف لطيفة. ورفض محامو الدفاع عن حاكم دبي الادعاءات.
كان القاضي قد قال إن الشيخ محمد بن راشد خطف لطيفة مثلما فعل مع أختها الكبرى شمسة التي اختطفها من إنجلترا قبل نحو عقدين وعاملها بطريقة غير إنسانية، مضيفاً: "في التقييم العام للأدلة المتعلقة بلطيفة أعتبر الدليل الذي قدمته تينا جوهياينن ذا أهمية استثنائية"، ووصفها بأنها "شخصية مثيرة للإعجاب بشكل عام".
احتجاز الشيخة لطيفة
تأتي دعوة بريطانيا للإمارات، بعدما نشر برنامج التحقيقات الاستقصائية بانوراما في "بي بي سي"، تسجيلاً مصوراً تظهر فيه الشيخة لطيفة، وهي تقول إنها محتجزة دون إرادتها في فيلا.
أشارت الشيخة، التي تبلغ من العمر 35 عاماً، إلى أنها تعيش في مكان فيه جميع النوافذ مغلقة، حيث لا يمكن فتح أي منها، موضحةً أنها صورت هذا التسجيل من مرحاض الفيلا، لأنه المكان الوحيد الذي تستطيع غلق بابه عليها.
كذلك كشفت الشيخة لطيفة تفاصيل عن عملية اختطافها قبالة السواحل الهندية، وقالت إنها قاومت الجنود الذين أخرجوها من القارب و"ركلت وضربت وعضت" ذراع أحد الحراس الإماراتيين حتى صرخ، وبعد إعطائها مهدئاً فقدت وعيها أثناء نقلها على متن طائرة خاصة، ولم تستيقظ إلى أن وصلت إلى دبي.
واحتُجزت الشيخة لطيفة بمفردها دون الحصول على مساعدة طبية أو قانونية في فيلا ذات نوافذ وأبواب محكمة الإغلاق وتحرسها الشرطة.