انتقد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، التوزيع "المتفاوت المجحف للغاية" للقاحات فيروس كورنا المستجد، مشيراً إلى أنَّ 10 دول فقط تسيطر على 75% من جميع لقاحات كورونا، وطالب بجهود عالمية عادلة منسّقة لضمان وصول اللقاح إلى جميع الأشخاص في كل الدول بأسرع وقت ممكن، حسب ما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية، الخميس 18 فبراير/شباط 2021.
فقد واجهت دول أوروبية وشركات غربية انتقادات كثيرة بسبب محاولتها احتكار لقاحات كورونا والاستحواذ على أكبر قد من الجرعات، خاصة في أوروبا والولايات المتحدة اللتين وقعتا اتفاقات لشراء ملايين الجرعات مع الشركات المنتجة للقاحات فيروس كورونا.
130 دولة لم تتلق أي جرعة من لقاحات كورونا
قال غوتيريش في اجتماع رفيع المستوى لمجلس الأمن الدولي، الأربعاء 17 فبراير/شباط، إنَّ المساواة في توزيع لقاحات كورونا تُمثّل في هذه اللحظة الحرجة أكبر اختبار أخلاقي أمام المجتمع العالمي، مضيفاً أنَّ هناك 130 دولة لم تتلق أي جرعة من اللقاحات.
دعا غوتيريش إلى خطة تطعيم عالمية عاجلة تجمع بين كل من لديهم القدرة على ضمان التوزيع العادل للقاح -العلماء ومنتجو اللقاحات- والذين يمتلكون الإمكانات المالية لتمويل هذا الجهد.
وقال إنَّ اجتماع مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى، المقرر يوم الجمعة 19 فبراير/شباط "يمكن أن يخلق الزخم لجمع الموارد المالية اللازمة".
بينما يكافح المُصنّعون لزيادة إنتاج لقاحات كورونا، تشكو العديد من الدول -لاسيما الفقيرة- من عدم حصولها على أي جرعة من اللقاح، وحتى الدول الغنية تواجه نقصاً وشكاوى محلية.
قد أخفق بالفعل برنامج "كوفاكس"، وهو مبادرة عالمية تابعة لمنظمة الصحة العالمية تهدف إلى التوزيع العادل للقاحات كوفيد-19 في جميع أنحاء العالم، في تحقيق هدفه ببدء التطعيم ضد فيروس كورونا في الدول الفقيرة بالتزامن مع الدول الغنية. تقول منظمة الصحة العالمية إنَّ برنامج "كوفاكس" يحتاج إلى 5 مليارات دولار في عام 2021.
السياسيون يبحثون عن حلول
من جانبه، أكَّد وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أنَّ إدارة جو بايدن "ستعمل مع شركائها في جميع أنحاء العالم لتوسيع قدرات التصنيع والتوزيع وزيادة وصول لقاحات كورونا إلى جميع سكان العالم، من بينهم المجموعات السكانية المُهمّشة".
وأعلن بلينكن أنَّ الولايات المتحدة ستخصّص بحلول نهاية شهر فبراير/شباط أكثر من 200 مليون دولار لدفع التزاماتها السابقة والحالية لوكالة الأمم المتحدة.
من جانبه، دعا وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، العالم إلى "التآزر لرفض النزعة القومية في مسألة توزيع لقاحات كورونا والعمل على جعله متاحاً وميسور التكلفة للدول النامية، من بينها التي تشهد صراعات.
قال وانغ يي إنَّ الصين ستساهم "مبدئياً" بـ10 ملايين جرعة من اللقاحات لبرنامج "كوفاكس"، وذلك بناءً على طلب منظمة الصحة العالمية.
وسط مخاوف من الاحتكار والتخزين
في السياق ذاته، حذّر وزير خارجية الهند، سوبرامانيام جيشانكار، من أنَّ "تخزين جرعات زائدة عن الحاجة من لقاحات كورونا سيقوض جهودنا الرامية إلى تحقيق الأمن الصحي الجماعي".
وقال جيشانكار إنَّ ثمة لقاحين، أحدهما طُوّر في الهند، حصلا على تصريح الاستخدام الطارئ، معلناً أنَّ الهند تنوي تقديم 200 ألف جرعة من اللقاح هدية لحوالي 90 ألف فرد من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة العاملين في عدد من البؤر الساخنة حول العالم.
تقول بريطانيا إنَّ أكثر من 160 مليون شخص معرّضون لخطر الاستبعاد من التطعيم ضد فيروس كورونا، لأنَّهم يعيشون في دول منكوبة بالصراع وعدم الاستقرار، من بينها اليمن وسوريا وجنوب السودان والصومال وإثيوبيا.
قد حث وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، الذي تتولى بلاده رئاسة الاجتماع الافتراضي لقمة مجموعة الدول السبع، مجلس الأمن الدولي، على تبني قرار لوقف إطلاق النار في مناطق الصراع للسماح بإيصال لقاحات كورونا.
بينما تحدثت الأمم المتحدة عن "فشل أخلاقي كارثي"
منذ بدء توزيع اللقاح الخاص بفيروس كورونا، تحدث الجميع عنه، لكنّ قليلين هم الذين رأوه، إذ يبدو أن التمييز في توزيع لقاحات كورونا سيعبر عن ثراء الدول وقدراتها، وقوة استخباراتها، وحتى لون شعبها وانتمائه العرقي والحضاري.
بدأت هذه الأيام أكبر حملة تطعيم في التاريخ، حيث تم إعطاء أكثر من 42.2 مليون جرعة في 51 دولة، وفقاً للبيانات التي جمعتها وكالة Bloomberg. وكان أحدث معدل يبلغ 2.43 مليون جرعة في اليوم بالمتوسط.
لكن منظمة الصحة العالمية حذَّرت من "فشل أخلاقي كارثي"، بسبب النزعة القومية في توزيع اللقاحات.
إذ قال تيدروس أدهانوم جيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، في 18 يناير/كانون الثاني 2021، إن العالم على شفا "فشل أخلاقي كارثي" فيما يتعلق بتوزيع لقاحات الوقاية من كوفيد-19، وحث الدول والشركات المُصنِّعة على مشاركة الجرعات بشكل أكثر إنصافاً في مختلف أنحاء العالم.
كما أشار إلى توقيع 44 اتفاقاً ثنائياً العام الماضي، و12 على الأقل بالفعل هذا العام. وقال: "قد يعطل هذا شحنات مبادرة توزيع اللقاحات التي تقودها المنظمة (كوفاكس)، ويخلق الظروف نفسها التي صُمم (كوفاكس) لتفاديها، بالتكديس وبالسوق الفوضوية وبالاستجابة غير المنسقة وباستمرار الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية".
أضاف في افتتاح الاجتماع السنوي للمجلس التنفيذي لمنظمة الصحة، الذي ينعقد عبر الإنترنت، أن "أسلوب أنا أولاً" في توزيع اللقاحات جعل الأكثر فقراً وضعفاً بالعالم في خطر. وتابع: "في نهاية المطاف لن تسفر هذه التصرفات إلا عن إطالة أمد الوباء".
عرض تيدروس مثالاً لانعدام المساواة، فأشار إلى استخدام أكثر من 39 مليون جرعة من اللقاحات في 49 من الدول مرتفعة الدخل، مقارنة مع 25 جرعة فقط بإحدى الدول الفقيرة.