كشفت صور أقمار صناعية أن الإمارات أقدمت على تفكيك أجزاء من قاعدة عسكرية كانت تديرها في دولة إريتريا الإفريقية، على الساحل المقابل لليمن، حيث كانت تشارك هناك في التحالف العربي الذي تقوده السعودية ضد جماعة الحوثي.
صحيفة The Washington Post الأمريكية، قالت الخميس 18 فبراير/شباط 2021، إن الميناء الذي شرعت الإمارات في بنائه في سبتمبر/أيلول 2015، قد بدأت في تفكيكه وفقاً لصور فحصتها وكالة The Associated Press الإخبارية الأمريكية.
موقع استراتيجي مهم
بحسب الصحيفة، فإن مهبط الطائرات في مدينة عصب الإريترية كان يشهد عمليات توسّع، هدفها الاعتماد على المنشأة كقاعدة لنقل الأسلحة الثقيلة والقوات التي تجلبها من السودان إلى اليمن، وذلك ضمن مشاركتها في التحالف.
وأشارت الصحيفة إلى أن الإمارات قد ضخّت ملايين الدولارات لتطوير منشآت القاعدة في مدينة عصب، خاصة أنها تقع على بعد نحو 70 كيلومتراً فقط من اليمن. كما قامت بعمليات التجريف لتشييد ميناء مطل على المياه العميقة، وتحسين مدرج الطيران الذي يبلغ ارتفاعه نحو 3500 متر لتيسير السبل أمام طائرات نقل الدعم الثقيل.
كذلك بنى الإماراتيون ثكنات وحظائر طائرات وسياجات تحيط بالقاعدة التي تبلغ مساحتها 9 كيلومترات مربعة، وكانت إيطاليا قد شيدتها لأول مرة أثناء استعمارها للمنطقة.
بحسب الصحيفة، فقد ضمّت الثكنات في القاعدة قوات إماراتية ويمنية، كذلك التُقطت صور لقوات سودانية انطلقت من القاعدة أثناء نزولها في مدينة عدن الساحلية اليمنية، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وتُظهر السجلات أن السفينة التي كانت تقلهم "سويفت 1″، أبحرت ذهاباً وإياباً إلى ميناء عصب، وقد تعرّضت السفينة في وقت لاحق لهجوم من قوات الحوثي في عام 2016، وخرجت الحكومة الإماراتية وقتها لتقول إن السفينة كانت تحمل مساعدات إنسانية، وهو ادعاء وصفه خبراء الأمم المتحدة بعد ذلك بأنه "غير مقنع أو مطابق للحقائق".
وبحسب مايكل نايتس، الزميل في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، فإن القاعدة شاركت أيضاً في توفير المساعدة للجنود الجرحى، من خلال احتوائها على "أحد أفضل المستشفيات الجراحية الميدانية في أي مكان في الشرق الأوسط".
ومع استمرار حرب اليمن، استخدم الإماراتيون القاعدة أيضاً لاحتجاز السجناء، لاسيما بعدما تزايدت الضغوط الدولية على التحالف السعودي الإماراتي، بشأن إساءة معاملة المحتجزين، والغارات الجوية التي تقتل المدنيين في اليمن.
من ناحية أخرى، يأتي تدمير حظائر الطائرات المسيّرة بعد أن زعم متمردون في منطقة تيغراي الإثيوبية، في نوفمبر/تشرين الثاني، أن طائرات مسيّرة إماراتية انطلقت من عصب وهاجمت مواقع لهم. غير أن الإمارات لم تعلق على تلك المزاعم، ولم يقدم المتمردون أدلة عليها.
علاوة على ذلك، زعمت حكومة الوفاق الليبية، المدعومة دولياً، أنّ الإمارات كانت تنقل أسلحة إلى ليبيا عبر مطار عصب، لدعم انقلاب اللواء المتقاعد خليفة حفتر عليها. واتهم خبراء من الأمم المتحدة الإمارات ودولاً أخرى بنقل أسلحة إلى ليبيا، وسط الحرب الأهلية المستمرة هناك منذ سنوات.
تراجع الإمارات
بحسب خبراء، فإن الدولة التي أشاد بها وزير الدفاع الأمريكي السابق، جيم ماتيس، ذات يوم، واصفاً إياها باسم "سبارتا الصغيرة"، وجدت نفسها في مأزق مع توسيع نطاق مشاركتها في الصراع اليمني.
من جانبه، يقول رايان بول، المحلل في مركز "ستراتفور" الاستخباراتي الأمريكي، إن "الإماراتيين بدأوا في تقليص طموحاتهم الاستراتيجية والانسحاب من أماكن كان لهم فيها وجود. إن انتشار قواتهم العسكرية على هذا النحو المباشر يعرضهم لمخاطر أكبر مما هم على استعداد الآن لتحمُّلها".
ويقول أليكس ألميدا، المحلل الأمني في Horizon Client Access: "بمجرد أن اكتشفوا أن اليمن لا يستحق كل هذا العناء منهم، قرروا: (سننهي الأمر)، وأنهوه فجأة".
وتظهر صور الأقمار الصناعية، أنه في يونيو/حزيران 2019، في الوقت الذي أصدر فيه الإماراتيون إعلان انسحابهم، أن عمالاً شرعوا على ما يبدو في هدم مبانٍ يُعتقد أنها كانت ثكنات تقع بجانب الميناء. وقام العمال بتجميع المعدات والمواد في صفوف متراصة شمال الميناء، في انتظار شحنها على ما يبدو.
وفي أوائل يناير/كانون الثاني من هذا العام 2021، أظهرت صور أخرى ما يبدو أنه مركبات ومعدات أخرى يتم تحميلها على سفينة شحن منتظرة. وبحلول 5 فبراير/شباط، اختفت السفينة ومعها المعدات.
تشير الصحيفة إلى أن عملية التفكيك تضمنت حظائر الطيران المبنية حديثاً على طول مدرج المطار الجديد بالقرب من مدرج المنشآت أيضاً. وفي صور الأقمار الصناعية الملتقطة في 5 فبراير/شباط، يظهر تفكيك مجموعة أخرى من حظائر الطائرات، كان محللون قد ربطوها بطائرات مسيّرة تنطلق من القاعدة. وكانت الإمارات قد استخدمت طائرات مسيّرة مسلحة صينية الصنع لقتل قادة من المتمردين الحوثيين.
من جانبهم، لم يرد المسؤولون الإماراتيون على الأسئلة التي وجهتها إليهم وكالة The Associated Press بشأن الموضوع، كذلك لم ترد الحكومة الإريترية، التي كانت قد منحت الإماراتيين عقد إيجار للقاعدة لمدة 30 عاماً، على الأسئلة التي أُرسلت إلى سفارتها في واشنطن.
بحلول صيف 2019، أعلنت الإمارات أنها بدأت في سحب قواتها العسكرية المشاركة في الحرب التي ما زالت مستمرة حتى اليوم.