أعلن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، الخميس 18 فبراير/شباط 2021، حل المجلس الشعبي الوطني والدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة. وقال تبون على التلفزيون الرسمي/ "قررت حل المجلس الشعبي الوطني الحالي، والمرور مباشرة لانتخابات خالية من المال الفاسد ومفتوحة للشباب".
كما أعلن الرئيس الجزائري، في أول ظهور له منذ عودته من رحلة علاج دامت نحو شهر بألمانيا، عن إجراء تعديل حكومي خلال 24-48 ساعة، والعفو عن 30 شخصاً من معتقلي الحراك الجزائري.
بخصوص وضعية فيروس كورونا في البلاد، وعد الرئيس عبدالمجيد تبون بتصنيع لقاح "سبوتنيك V" الروسي في الجزائر خلال 6 أشهر.
قرارات كانت متوقعة لامتصاص الغضب
كان "عربي بوست" قد أشار في تقرير سابق، الأربعاء 17 فبراير/شباط، إلى أن القصر الرئاسي بالعاصمة الجزائر شهد حركة استقبالات استثنائية بعد عودة الرئيس عبدالمجيد تبون من رحلته العلاجية في ألمانيا.
إذ استقبل الرئيس الجزائري رؤساء أحزاب المعارضة ونشطاء سياسيين، تزامناً مع الذكرى الثانية للحراك الجزائري، والتي يحاول الرئيس استباقها بتقديم حلول لإخماد غضب الشارع.
حسب المعلومات التي حصل عليها "عربي بوست" من مصادر خاصة، فإنه من بين الحلول المطروحة أمام تبون، حل البرلمان وتشكيل حكومة جديدة، ودمج أحزاب المعارضة، وسحب البساط من الأحزاب القوية في الجزائر، وهو ما أعلن عنه الرئيس الجزائري في خطابه الخميس.
العودة إلى الحراك
في المقابل، شهدت مدينة خراطة بمحافظة بجاية، الثلاثاء 16 فبراير/شباط، خروج آلاف من المتظاهرين في مسيرة تحتفي بذكرى حراك فبراير/شباط 2019، وأيضاً تحضيراً لإعادة بعث الحراك الشعبي، تزامناً مع تحركات عبدالمجيد تبون.
مراد بن بقة، ناشط سياسي شارك بمسيرة خراطة، قال في لقاء مع "عربي بوست"، إن "مطالب الحراك لم تتحقق، وحتى العصابة التي زج بها في السجن لتورطها في الفساد والتخابر أُصدرت بحقها أحكام البراءة، ما يجعلنا نفقد الثقة تماماً بنوايا هذا النظام".
أضاف المتحدث أن "الشعب الجزائري كان معلِّقاً آماله على انتقال السلطة بانتخابات رئاسية، حتى وإن قاطعها الأغلبية، لكن واقع الاقتصاد، ومستوى معيشة المواطنين، وانتهاج السلطة لنفس أسلوب النظام السابق بالتخويف والتهديد والتضييق، جعلنا مرغَمين على العودة إلى الشارع".
من جهته، يرى الناشط السياسي عادل سرايحي، في حديثه مع "عربي بوست"، أن "كورونا كانت هدية للسلطة من أجل تأكيد نيتها للشعب، وإجراء إصلاحات وفق ما وعد به الرئيس الجزائري، لكن ذلك لم يتحقق على أرض الواقع، بل احترق الشعب بالأسعار الملتهبة للمواد الاستهلاكية وتدني الخدمات".
تحركات الرئيس الجزائري
فقد كثف الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون بعد عودته للجزائر، لقاءاته مع رؤساء أحزاب، وشخصيات وطنية، تطرَّق فيها -حسب تقارير التلفزيون الجزائري- إلى الوضع السياسي العام في البلاد، وتبادل الآراء، من أجل الخروج من بعض التعقيدات الاقتصادية والمشاكل الاجتماعية.
كما فتح الرئيس جلسات الحوار الوطني مع أحزاب المعارضة التي قاطعت رئاسيات ديسمبر/كانون الأول 2019، وعلى رأسها الأمين الوطني الأول لحزب القوى الاشتراكية، المصنَّف كأكبر حزب معارض منذ استقلال الجزائر.
أيضاً كانت للرئيس جلسة مشاورات مع رئيس حزب حركة مجتمع السلم المعارض، عبدالرزاق مقري، الذي أبدى استعداد الحركة لأي حوار مع السلطة، والمساهمة في إنقاذ البلد مما هي فيه.
كان تبون قد استقبل كلاً من الأمين العام لحركة البناء الوطني عبدالقادر بن قرينة، وكذا رئيس حزب جبهة المستقبل الوطني، عبدالعزيز بلعيد، وهما الحزبان اللذان شاركا في رئاسيات ديسمبر/كانون الأول 2019.
يرى المحلل السياسي الجزائري سمير قلالتة، أن "تحركات عبدالمجيد تبون ولقاءه رؤساء الأحزاب جاءا لامتصاص حالة الغضب التي يعيشها الشارع قبل ذكرى الحراك، ولتسكين حالة الغليان والتذمر".
إذ اعتبر المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست"، أن "لجوء الرئيس إلى هذه الأحزاب في هذا الظرف بالذات هو لتبيان نيته بناء حكومة سياسية تمثل جميع الأطياف الحزبية، والاعتماد على أنصار تلك الأحزاب في قلب موازين الشارع الذي يهم بالعودة لكن ليس بالقوة التي كان عليها في 2019".