كشفت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، الثلاثاء 16 فبراير/شباط 2021، عن ملامح الشراكة الاستراتيجية التي تريد أن تجمعها بالعراق، وأوضحت أن أولوياتها هي عراق مستقر وديمقراطي ومسيطر على الميليشيات، إضافة إلى منع عودة تنظيم داعش للظهور في البلاد، وفق ما ذكرته شبكة Voice of America الأمريكية.
إذ بعد أن كان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يرغب في سحب أكبر عدد ممكن من قواته في العراق، فإن إدارة بايدن أعلنت في وقت سابق أنها ستعيد النظر في القرار، على غرار مجموعة من القرارات التي كان أصدرها ترامب وأوقفها بايدن بمجرد وصوله البيت الأبيض.
أمريكا تريد عراقاً "مستقراً وديمقراطياً"
إذ قال نائب السفير الأمريكي إلى الأمم المتحدة ريتشارد ميلز، خلال اجتماعٍ افتراضي لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول العراق: "ستظل الولايات المتحدة شريكاً ثابتاً وموثوقاً للعراق والشعب العراقي".
كما أضاف المسؤول الأمريكي أن واشنطن ستسعى إلى مساعدة بغداد على فرض سيادته في مواجهة أعدائه، داخلياً وخارجياً، عن طريق منع عودة ظهور داعش والعمل من أجل عراقٍ أكثر استقراراً.
أردف ميلز أنّ الإدارة الجديدة ستدعم جهود الإصلاح الاقتصادي ومناهضة الفساد في العراق، وستواصل تقديم المساعدات الإنسانية. كما ستدعم واشنطن أيضاً جهود السيطرة على الميليشيات وأنشطة إيران المُزعزعة للاستقرار، مع توفير المشورة والدعم لقوات مكافحة الإرهاب التابعة للحكومة العراقية.
دعم أمريكي للانتخابات
بخصوص الانتخابات البرلمانية أوضح المبعوث أنّ الاستقرار يتطلّب انتخابات وطنية ذات مصداقية، والتي من المقرر عقدها في أكتوبر/تشرين الأول.
إذ أقرّ البرلمان تشريعاً لتمويل الانتخابات، بينما بدأ تسجيل المرشحين والناخبين. وقد حثّت الأمم المتحدة البرلمان على الانتهاء من قانون المحكمة الاتحادية العليا، لأنّ تلك المحكمة هي التي ستُصادق على نتائج الانتخابات.
فيما طلبت بغداد من بعثة الأمم المتحدة، المعروفة باسم يونامي، توفير مراقبين للانتخابات في تصويت أكتوبر/تشرين الأول. وستجري مناقشة الطلب بواسطة مجلس الأمن، قبل طرحه على الدول الـ15 الأعضاء للتصويت.
ميلز قال إن أمريكا تدعم المراقبة الدولية للانتخابات العراقية من أجل ضمان حرية، ونزاهة، ومصداقية الانتخابات. كما نتطلّع إلى التعاون مع العراق، ومجلس الأمن، والدول الأعضاء، والأمم المتحدة من أجل تحديد الشكل الأمثل الذي يجب أن تأخذه هذه الجهود".
إذ قدمت الولايات المتحدة بالفعل 9.7 مليون دولار لبعثة الأمم المتحدة من أجل التحضير للانتخابات. ودعا ميلز السلطات العراقية إلى التخطيط لتشديد الإجراءات الأمنية للانتخابات قائلاً: "إن ظهور الميليشيات المسلحة، والمتشددين العنيفين، والمخربين هي من أخطر العقبات في طريق توفير البيئة المواتية للانتخابات".
هجمات أربيل تعيد العراق للواجهة
تصريحات المسؤول الأمريكي في الأمم المتحدة تزامنت مع اعتداءات نادرة تعرضت لها منطقة أربيل، فيما رفضت واشنطن توجيه الاتهام لأية جهة بالوقوف وراء الهجوم الدامي، وقالت إنها تعمل على تحديد المسؤول عن الهجوم.
إذ قال البيت الأبيض، الثلاثاء، إن إدارة الرئيس جو بايدن ما زالت تعمل على تحديد المسؤول عن هجوم صاروخي على القوات التي تقودها الولايات المتحدة في شمال العراق، أسفر عن مقتل متعاقد مدني يوم الإثنين وإصابة عسكري أمريكي.
كما قالت جين ساكي، المتحدثة باسم البيت الأبيض، في مؤتمر صحفي "ما زلنا نعمل من خلال التعاون مع شركائنا في بغداد لتحديد المسؤولية عن هذا الهجوم"، مشيرة إلى أن الإدارة "غاضبة" من هذا الهجوم.
فيما أعرب وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، عن غضبه من الهجوم الذي استهدف، الإثنين، مطار أربيل، شمالي العراق، حيث تتمركز القوات الأمريكية وقوات التحالف المناهضة لتنظيم "داعش" الإرهابي.
كما أشار برايس أن بلينكين نقل تعازيه لأسرة المتعاقد المدني الذي قتل جرّاء الهجوم، وتمنياته بالشفاء للجرحى، مضيفاً: "كما عبّر الوزير عن غضبه من تلك الهجمات الصاروخية".
أضاف في بيان لوزارة الخارجية الأمريكية أنه بحث مع الجانب العراقي الجهود المبذولة لتحديد المسؤولين عن الهجوم ومحاسبتهم، ومسؤولية العراق والتزامه بحماية أفراد الولايات المتحدة والتحالف الموجودين في البلاد، بدعوة من الحكومة العراقية للقتال ضد داعش.
غياب العراق عن أجندة جو بايدن
لم يأتِ الرئيس الأمريكي جو بايدن على ذكر العراق ولو مرة واحدة منذ توليه المسؤولية، ولا حتى عندما تحدث عن "عودة أمريكا" للمسرح الدولي، لكن هذا التجاهل لأبرز حروب واشنطن اللانهائية لا يمكن أن يستمر، وهذه هي الأسباب.
فقد ألقى بايدن بثقل إدارته وراء هدف معلن، وهو إنهاء الحرب المستمرة في اليمن منذ نحو 6 سنوات، واتخذ قرارات منها وقف الدعم الأمريكي للعمليات العسكرية للتحالف بقيادة السعودية، وإلغاء تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، وهو ما قابلته جماعة الحوثي بالتصعيد العسكري داخل اليمن وخارجه وتحديداً في السعودية.
تحدث بايدن مراراً عن الاتفاق النووي الإيراني وضرورة التزام طهران أولاً بالعودة لالتزاماتها، بموجب الاتفاق الموقع عام 2015، قبل رفع العقوبات الأمريكية التي فرضها سلفه دونالد ترامب عندما انسحب من الاتفاق عام 2018، ولا تزال لعبة "عض الأصابع" قائمة بين إيران والولايات المتحدة، إذ يرغب كلاهما في إحياء الاتفاق النووي، ولكن من يرضخ أولاً هو لبّ الصراع الآن.
لكن رغم أن العراق يمثل إحدى أبرز نقاط الصراع المفتوح بين طهران وواشنطن منذ الغزو الأمريكي عام 2003، فإنه كان لافتاً عدم ذكر الرئيس الأمريكي العراق مرة واحدة حتى الآن في خطاباته، بشأن السياسة الخارجية الأمريكية، وهو ما أثار انتقادات داخلية وخارجية، وأطلق العنان لتفسيرات وتحليلات متعددة بشأن أسباب ذلك التجاهل.