كشفت صحيفة "The Times" البريطانية، الأحد 14 فبراير/شباط 2021، أن فريق خبراء منظمة الصحة العالمية لم يجد تعاوناً كافياً من الصين أثناء أداء مهمته في التحقيق حول منشأ فيروس كورونا، مشيرة إلى أن بكين قد أخفت "معلومات حيوية" عن البعثة.
أشارت الصحيفة إلى أن الصين رفضت تمكين فريق منظمة الصحة العالمية من الوصول إلى عينات من المياه والدم، طلبتها البعثة بعد أن اكتشفت إصابات محتملة بالفيروس التاجي قبل الحالات الأولى المسجلة حسب السلطات الرسمية في مدينة ووهان.
من جانبهم، أصر الخبراء الصينيون، الذين كلفوا بالتواصل مع البعثة، على أن البيانات الأولية لم تكن متاحة، لكن فريق منظمة الصحة العالمية أبدى مخاوفه بشأن جهود بكين لإخفاء انتشار الفيروس في عام 2019.
واختتمت بعثة خبراء منظمة الصحة العالمية، هذا الأسبوع، مهمتها إلى الصين من دون التوصل إلى نتائج ملموسة حول منشأ فيروس كورونا الذي أودى بحياة أكثر من 2.3 مليون شخص في العالم.
بحسب الصحيفة البريطانية، فإن الرحلة لم تكن سلسة بالنسبة للعلماء الباحثين عن الفيروسات، على الرغم من تغريدات البعض منهم بشأن تعاون الجانب الصيني.
فقد قال عالم الفيروسات الأسترالي في البعثة الأممية، دومنيك دواير: "كان هناك بعض التوترات والمناقشات الساخنة في الاجتماعات مع العلماء الصينيين".
كما أضاف: "كان لدينا عمل جماعي ممتاز من جانب فريق منظمة الصحة العالمية، إلا أنه لم يكن اتفاق دائم مع الجانب الصيني من علماء وخبراء، إضافة إلى المختصين في وزارة الخارجية".
الإصابات الأولى قبل ووهان
يعتقد على نطاق واسع أن الفيروس منتشر قبل الإصابات المعروفة التي سجلت في ووهان، لكن الدليل على الانتشار المبكر سيحرج بكين، وفقاً لصحيفة التايمز.
خبراء منظمة الصحة الدولية توصلوا إلى نتيجة أن أكثر من 90 شخصاً كانوا يحتاجون للعلاج في المستشفى بعد ظهور أعراض تتعلق بكورونا في منطقة وسط الصين قبل شهرين من تسجيل أولى الإصابات في مدينة ووهان.
الأطباء الصينيون رفضوا احتمال أن تكون هذه الحالات الغامضة عدوى كوفيد-19، قائلين إنهم لم يعثروا على دليل على وجود أجسام مضادة للفيروس عندما اختبروا ثلثي المرضى.
وفيما اكتملت اختبارات الدم الصينية لهؤلاء المرضى الشهر الماضي فقط، إلا أنه لم يسمح للفريق الدولي بالوصول لها، حيث تقول السلطات إنها لم تحصل على الإذن للوصول لهذه العينات.
الإصابات الأولى في ووهان
كانت صحيفة Wall Street Journal الأمريكية، قد قالت الجمعة الماضية أيضاً إن السلطات الصينية رفضت تزويد خبراء منظمة الصحة العالمية ببيانات أولية عن حالات الإصابات الأولى بفيروس كورونا، والتي كان من المفترض أن تساعدهم بشكل رئيسي في تحديد "كيف" و"متى" بدأ انتشار الفيروس.
الصحيفة الأمريكية نقلت عن محققي منظمة الصحة العالمية قولهم إن الصين رفضت الكشف عن بيانات متعلقة بـ174 حالة تم رصدها في ديسمبر/كانون الأول 2019 في مدينة ووهان الصينية، التي يعتقد أنها منشأ المرض.
وقال دومينيك دواير: "لقد عرضوا علينا بعض الأمثلة وليس جميعها. وبالتالي يصبح تفسير تلك البيانات محدوداً من وجهة نظرنا، رغم أن الجانب الآخر قد يراه جيداً".
استنكار دولي
والسبت، أعربت الولايات المتحدة عن قلقها العميق من نزاهة تحقيق منظمة الصحة العالمية بشأن أصول فيروس كورونا.
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان في بيان إن "نتائج التحقيق بشأن فيروس كورونا يجب أن تكون خالية من تعديلات أو تدخل صيني".
ودعا سوليفان الصين إلى "كشف بيانات الإصابات الأولى لفيروس كورونا من أجل الاستعداد للجائحة المقبلة بشكل أفضل".
كما أشار إلى أن "عودة الولايات المتحدة إلى منظمة الصحة العالمية تعني أيضاً مطالبتها بالالتزام بأرقى المعايير".
وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب قال كذلك، الأحد، إن لديه مخاوف تتعلق بمستوى التيسيرات المتاحة لبعثة تقصي الحقائق التي أرسلتها منظمة الصحة العالمية إلى الصين.
الصين تردّ
في المقابل، ردّت الصين على لسان متحدث باسم سفارتها في واشنطن، فقال في بيان شديد اللهجة إن "الولايات المتحدة أضرّت بالتعاون متعدد الأطراف وبالمنظمة خلال السنوات الأخيرة، ولا ينبغي لها أن توجه أصابع الاتهام إلى الصين وغيرها من الدول"، التي دعمت منظمة الصحة خلال الجائحة.
المتحدث أشار إلى أن الصين رحّبت بقرار الولايات المتحدة العودة إلى منظمة الصحة، داعياً واشنطن إلى التصرف على النحو الملائم، وعدم توجيه اللوم إلى دول أخرى، وفقاً لما ذكرته وكالة رويترز.
يأتي ذلك بعدما كان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس، قال يوم الجمعة الماضي إن "جميع الافتراضات بشأن منشأ كوفيد-19 لا تزال مطروحة"، وذلك بعد أن قالت واشنطن إنها تريد مراجعة بيانات الفريق الذي قادته منظمة الصحة العالمية في الصين، التي ظهر فيها الفيروس للمرة الأولى.
كان الفريق الذي قادته منظمة الصحة العالمية، الذي قضى أربعة أسابيع في الصين بحثاً عن منشأ فيروس كورونا، قد قال إنه لم يعد يبحث مسألة ما إذا كان الفيروس تسرّب من معمل، وهو ما اعتبره الفريق غير مرجح بدرجة كبيرة.