كثف مقاتلو جماعة "الحوثي" في اليمن من هجماتهم لفرض حصار على مدينة مأرب، آخر المعاقل التي تسيطر عليها قوات موالية للحكومة، تمهيداً لمحاولة اقتحامها، وذلك في معارك عنيفة خلّفت عشرات القتلى من الطرفين في الساعات الماضية.
معارك لمحاصرة مأرب
مسؤولان عسكريان في القوات الموالية للحكومة، قالا الأحد 14 فبراير/شباط 2021، لوكالة الأنباء الفرنسية، إنّ الحوثيين دفعوا بـ"أعداد كبيرة" من المقاتلين وشنّوا هجمات من عدة جهات على مأرب الاستراتيجية والغنية بالنفط في الساعات الأربع والعشرين الماضية.
المصدران اللذان لم يُكشف عن اسميهما، أشارا إلى مقتل 16 من القوات الحكومية وإصابة 21، بينما سقط "عشرات القتلى" في صفوف الحوثيين الذين لا يكشفون عادة عن الخسائر. كذلك تم "أسر 20 من المهاجمين".
أضاف المصدران أن مقاتلي الحوثي المدعومين من إيران تمكّنوا خلال هذه المعارك من قطع خطوط إمداد في مديرية العبدية على بعد نحو 50 كيلومتراً جنوب مأرب "تمهيداً لاسقاطها بالتزامن مع هجمات أخرى ينفذونها"، وذلك بهدف إطباق الحصار على مأرب.
كانت هذه المدينة الواقعة على بعد نحو 120 كيلومتراً شرق العاصمة صنعاء، حيث يفرض الحوثيون سيطرتهم منذ 2014، تجنّبت الحرب في بدايتها، لكن مقاتلو الحوثي يشنون منذ عام تقريباً هجمات للسيطرة عليها، وقد تكثفت في الأسبوعين الأخيرين.
ويسعى الحوثيون للسيطرة على مأرب قبل الدخول في أي محادثات جديدة مع الحكومة المعترف بها، خصوصاً في ظل ضغوط إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للدفع باتجاه الحل السياسي.
من شأن سيطرة الحوثيين على مأرب توجيه ضربة قوية إلى الحكومة المدعومة من تحالف عسكري تقوده السعودية منذ آذار/مارس 2015، إذ إن شمال اليمن سيصبح بكامله في أيدي الحوثيون.
في هذا الصدد، يقول مراقبون إن السلطة ستخسر جزءاً كبيراً من صورتها كنظير مساوٍ للحوثيين في محادثات السلام.
استنفار عام
يأتي تواصل المعارك وسط غارات مكثفة من قبل التحالف بقيادة السعودية لمنع سقوط مأرب. وكان ينظر إلى المدينة على أنها "محمية سعودية" استثمرت فيها المملكة بشكل كبير في محاولة لجعلها نقطة الاستقطاب الوحيدة للأعمال في البلد الغارق في الحرب.
كما روّجت السعودية للمدينة مع نيتها تحويلها إلى نقطة جذب رئيسية للاستثمارات والمشاريع العمرانية وغيرها.
وتشهد مدينة مأرب حالة استنفار عام مع دعوة القوات الحكومية القبائل المحلية لدعمها، وفق سكان من المنطقة، حيث دعا أئمة مساجد في خطبة يوم الجمعة الماضية القبائل للمشاركة في قتال الحوثيين ورفد الجبهات بالغذاء والمال.
وأسفر النزاع منذ 2014 عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح الملايين، بحسب منظمات دولية، بينما بات ما يقرب من 80% من سكان اليمن البالغ عددهم 29 مليوناً يعتمدون على المساعدات في إطار أكبر أزمة إنسانية على مستوى العالم.
بدورها حذرت وكالات الأمم المتحدة يوم الجمعة الماضية من أن نصف الأطفال دون سن الخامسة سيعانون من سوء التغذية في عام 2021 في اليمن، وقد يموت مئات الآلاف منهم بسبب نقص المساعدات الإنسانية.
أما إدارة بايدن فكانت قد أعلنت سحب الدعم الأمريكي للسعودية في اليمن وقرّرت شطب المتمردين من القائمة السوداء للمنظمات الإرهابية، رغم تصاعد القتال وهجمات بطائرات مسيّرة شنّها المتمردون على السعودية في الأسبوع الأخير.