قال رئيس الحكومة التونسية، هشام المشيشي، الجمعة 12 فبراير/شباط 2021، إن باب الحوار لا يزال مفتوحاً للوصول إلى حلول لأزمة التعديل الوزاري، وأداء اليمين الدستورية، مؤكداً أنه يعمل على إيجاد جميع الحلول الممكنة لحلحلة تلك الأزمة، ومن ضمنها المضي في العمل بحكومة مصغرة تضم 16 وزيراً؛ لضمان تسيير شؤون البلاد، مؤكداً أنه لن يستقيل من منصبه، بينما لا يزال الرئيس قيس سعيد مُصرّاً على موقفه الرافض للتعديل الوزاري حتى الآن.
ففي تصريحات نشرتها وسائل إعلام محلية، عبّر المشيشي عن أمله في أن يتفاعل الرئيس قيس سعيد، في أسرع وقت ممكن، مع طلب الحكومة الكشف عن أسماء الوزراء المقترحين محل التحفظ، والذين سبق أن قال بحقهم رئيس الجمهورية، إن هناك شبهات فساد تلاحق بعضهم، فضلاً عن تضارب المصالح، لكنه لم يسمّهم.
المشيشي شدد على أنه لن يستقيل، لأنه يعتبر نفسه جندياً في خدمة بلاده، معتبراً أن ذلك "واجب تجاه مؤسسات الدولة، والجندي لا يهرب"، مشدّداً على أن الوضع لا يمكن أن يطول أكثر من ذلك.
فيما علّق المشيشي على موقف المحكمة الإدارية التي أقرت عدم اختصاصها- في ظل غياب تشكيل المحكمة الدستورية- بالنظر في الإشكال الدستوري المتعلق بالتعديل الوزاري، قائلاً إنه كان على علم بأن مثل هذا الرد كان منتظراً، منوهاً إلى ضرورة العمل على التسريع بتشكيل المحكمة الدستورية؛ لتجنب مثل هذه الإشكاليات لاحقاً، الأمر الذي يتطلب فتح النقاش مع مختلف مكونات الطيف السياسي والبرلماني لتسريع مسار تشكيلها، خاصةً أن هذه المحكمة هي الجهة الوحيدة المختصة بحل النزاعات بين السلطات في تونس.
سبب تعطل مصالح الدولة
كما اعتبر المشيشي إصرار رئيس الجمهورية على رفضه استقبال الوزراء المعنيين بالتعديل الوزاري، والذين نالوا سابقاً موافقة وتأييد البرلمان، سبباً رئيسياً في تعطيل المرفق العمومي ومصالح الدولة.
تأتي تصريحات المشيشي الأخيرة رغم أنه توقع، يوم الإثنين 1 فبراير/شباط 2021، أداء الوزراء الجدد لليمين الدستورية أمام الرئيس قيس سعيد خلال الأيام القليلة المقبلة، مشيراً إلى أن اعتمادهم مسألة وقت.
يُذكر أنه في 16 يناير/كانون الثاني الماضي، أعلن المشيشي تعديلاً شمل 11 حقيبة وزارية من 25، وبعد 10 أيام صدّق عليه البرلمان، لكن سعيّد لم يدعُ الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية أمامه، وهو ما أحداث أزمة سياسية جديدة بالبلاد.
كان سعيّد قد انتقد، يوم الأربعاء 10 فبراير/شباط 2021، في لقاء مع نواب بالبرلمان، محاولة البحث عما وصفه بـ"مخرج قانوني مستحيل لأزمة اليمين الدستورية"، مجدداً قوله إن التعديل الوزاري تشوبه خروقات عديدة، وإنه حريص على تطبيق الدستور، كما قال.
"قلب تونس" يُجدد دعمه لحكومة المشيشي
في السياق ذاته، جدد حزب "قلب تونس"، صاحب ثالث أكبر كتلة برلمانية، (29 نائباً من أصل 217)، الجمعة 12 فبراير/شباط 2021، دعمه الكامل لاستقرار الحكومة ومساندته التامة لرئيسها الحالي، مؤكداً ثقته بأن يتوصل المشيشي إلى اتخاذ الإجراءات التي من شأنها إيجاد الحلول المناسبة للأزمة السياسية والدستورية القائمة والمفتعلة، خدمة لمصلحة الشعب وبما يُجنّب البلاد مزيداً من الفوضى والانقسام.
كما أهاب الحزب، في بيان، بالجميع ما وصفه بـ"التعقل والرصانة وتغليب منطق الحوار بوصفه الأسلوب الأفضل والأنجح لفض كل النزاعات".
ويتشكل الحزام البرلماني لحكومة المشيشي من كتل حركة النهضة (54 مقعداً)، وقلب تونس (29 مقعداً)، والإصلاح (18 مقعداً)، وتحيا تونس (10 مقاعد)، والكتلة الوطنية (9 مقاعد)، وعدد من المستقلين.
يُذكر أن حركة "النهضة" التونسية أعلنت، الخميس 11 فبراير/شباط 2021، أنها ستدعو أنصارها إلى النزول للشارع، دعماً للتجربة الديمقراطية، على خلفية ما تعيشه البلاد من "أزمة دستورية"، في إشارة إلى أزمة أداء الوزراء الجدد لليمين.
رغم أن المظاهرات لم يحدَّد لها موعد "نهائي" بعد، فإن مجرد اللجوء إلى الاحتجاج والتلويح به، أثار جدلاً بالشارع التونسي، في ظل الأوضاع الراهنة.
لكن الناطق الرسمي باسم حركة النهضة، فتحي العيادي، قال إنهم يتشاورون مع مختلف القوى الوطنية والأحزاب السياسية لتنظيم الحراك في الشارع، مشيراً إلى أنهم اقترحوا موعداً أوليا للتظاهر، يوم 27 فبراير/شباط الجاري، ويمكن أن تعدل المشاورات الموعد إما بالتقديم وإما بالتأخير.
تواصل الاحتجاجات في تطاوين لليوم الثاني
إلى ذلك، تواصلت، الجمعة 12 فبراير/شباط 2021، لليوم الثاني على التوالي، احتجاجات عدد من شباب محافظة تطاوين جنوب شرقي تونس؛ لمطالبة الحكومة بتطبيق كامل بنود اتفاق "الكامور" المبرم أواخر العام الماضي.
حيث أغلق مئات من المحتجين، بدعوة من تنسيقية اعتصام "الكامور" عدداً من الطرقات، وأشعلوا الإطارات المطاطية.
قبل ذلك بيوم واحد، منعت قوات من الجيش التونسي في صحراء تطاوين متظاهرين من الوصول إلى محطة ضخ النفط والغاز لإغلاقها؛ احتجاجاً على عدم تفعيل اتفاق "الكامور".
نور الدين درزة، عضو تنسيقية اعتصام "الكامور"، قال إن إغلاق محطة ضخ النفط والغاز ليس هدفاً في حد ذاته، بل هو وسيلة لتحقيق مطالبهم، وفق قوله.
إذ يطالب المحتجون الحكومة بتنفيذ كامل بنود الاتفاق الذي ينص على تشغيل 250 من شباب المنطقة، بالشركات النفطية العاملة بها، فضلاً عن أنه ينص على تمويل صندوق استثمار بميزانيةٍ قدرها 80 مليون دينار (30 مليون دولار)، وتمويل عدد من المشاريع لفائدة شباب "الكامور" الغنية بمخزون كبير من النفط والغاز.
كانت الحكومة قد أعلنت في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، التوصل إلى اتفاق نهائي مع معتصمي منطقة الكامور البترولية، في تطاوين، بعد احتجاجات مطالبة بالتشغيل.
إضافة إلى الأزمة السياسية، تعاني تونس من أزمة اقتصادية، زاد تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، من حدتها، إلى جانب احتجاجات اجتماعية تشهدها مختلف مناطق البلاد، بين الفينة والأخرى.