اتُّهمت الصين مرة أخرى بالإساءة لذوي البشرة السمراء عندما ظهر عدد من العارضين على قناة تلفزيونية حكومية وهم يصبغون وجوههم باللون الأسود، في محاولة منهم لإظهار الثقافة الإفريقية في علاقتها بالصين، وذلك في حفل رأس السنة القمرية.
صحيفة Washington Post الأمريكية أوضحت الخميس 11 فبراير/شباط 2021، أن محطة CCTV الصينية الحكومية قدَّمَت مرةً أخرى عدداً من مؤدي العروض يصبغون وجوههم باللون الأسود، في حفل رأس السنة الصينية، وهو عرضٌ سنوي مُتنوِّع يُعرَف باسم تشانوان، ويُقال إنه الحدث التلفزيوني الأكثر مشاهدةً في العالم.
اتهامات للصين بالإساءة للأفارقة
بدأ الحدث الذي استمرَّ أربع ساعات، والذي بُثَّ ليلة رأس السنة الصينية الجديدة الخميس 11 فبراير/شباط، بجزءٍ يُسمَّى "المهرجان"، والذي ضمَّ راقصين يمثِّلون ثقافاتٍ مختلفة حول العالم، مع عروض فلامنكو، ورقص شرقي، وإشاراتٍ إلى مصر القديمة.
في أحد المقاطع، ظَهَرَ العديد من مؤدي العروض مرتدين ما بدا أنه ملابس قبلية إفريقية نمطية. ووضع بعض المؤدين مكياجاً لجعل بشرتهم تبدو أغمق -مِمَّا حفِّز انتقاداتٍ من جانب مراقبي الصين على منصة تويتر.
كتبت منظمة Black Livity China، وهي منظمة مقرها بكين توثِّق حياة السود في بكين، على تويتر، أنه "من المخيِّب للآمال للغاية" استخدام الوجه الأسود مرةً أخرى في الحفل.
أضافت المنظمة: "لا يمكننا التأكيد بما فيه الكفاية على تأثيرات مثل هذه المشاهد على مجتمعات الأفارقة التي تعيش في الصين".
بينما كتبت جماعة Black China Caucus، التي تروِّج لعمل المهنيين الأفارقة في الصين: "مثل كلِّ عام، ظَهَرَ الوجه الأسود مرةً أخرى في حفل تشانوان. لسوء الحظ، يُعَدُّ هذا تقليداً سنوياً، وليست هناك علاماتٌ على التوقُّف عن ذلك في أيِّ وقتٍ قريب".
لكنها ليست المرة الأولى
بغض النظر عن النوايا، كان من الصعب فصل الوجه الأسود عن "تاريخٍ طويلٍ من هذه التصويرات"، على حدِّ تعبير الجماعة، التي أضافت أنه لا ينبغي على منظِّمي الحفل أن يتوقَّفوا فحسب عن هذا التقليد، بل أن يوظِّفوا بعض الأفارقة الذين يعيشون في الصين.
أثار الحفل جدلاً دولياً بسبب استخدام الوجه الأسود من قبل، وعلى الأخص في العام 2018، حين استخدم الحفل ممثلةً تضع مكياجاً أسود وتستخدم أردافاً اصطناعية للقيام بدور امرأةٍ إفريقية في مسرحيةٍ هزلية طويلة حول الروابط الاقتصادية بين الصين وإفريقيا.
رغم أن العلاقات بين إفريقيا وبكين تُصوَّر بطريقةٍ إيجابية، قال بعض المراقبين إن العرض أساء إلى ذلك. ووصف أحدهم العرض بأنه "محرجٌ في أحسن الأحوال، وعنصري تماماً في أسوئها".
في وقتٍ لاحق، دافَعَ المتحدِّث باسم وزارة الخارجية، جينغ شوانغ، عن الصين، مشيراً إلى أن وسائل الإعلام الغربية التي قدَّمَت التقرير عن المسرحية الهزلية كانت تحاول "بثَّ الخلاف في علاقات الصين مع الدول الإفريقية"، وهو ما وصفه بأنه "جهدٌ عديم الجدوى".
ذروة "رهاب الأفارقة" خلال كورونا
قبل ذلك وفي عز أزمة انتشار وباء فيروس كورونا، خلال شهر أبريل/نيسان الماضي، أشار أفارقة مقيمون في مدينة كانتون في جنوب الصين، إلى أنّهم منعوا من دخول المتاجر وطردوا من مساكنهم وفرض عليهم حجر تعسّفي، في وقت دانت الولايات المتحدة بشدة "رهاب السلطات الصينية تجاه الأفارقة".
إذ أعلنت بكين أنّها سيطرت إلى حدّ كبير على فيروس كورونا، لكنّ اكتشاف عدد من الإصابات في صفوف الجالية النيجيرية أدى إلى موجة تمييز بحقّ الأفارقة، وفق ما قال بعضهم لوكالة الأنباء الفرنسية.
تصاعد التوتر في كانتون حيث تعيش 15 مليون نسمة، بعدما اكتشفت السلطات المحلّية ثمانية أشخاص على الأقل يحملون الفيروس زاروا دائرة يويشو حيث تقيم جالية إفريقية كبيرة.
من بين هؤلاء خمسة نيجيريين أثاروا ضجة في بكين بعد هروبهم من الحجر الصحّي للتوجّه إلى مطاعم وأماكن عامة. نتيجة لذلك، اضطرّت الصين إلى فحص ألفي شخص احتكّوا بهم، وعمدت إلى وضع آخرين في الحجر، وفق ما ذكرت صحيفة محلّية.
فقد صرّح الطالب الأوغندي توني ماتياس: "اضطررتُ للنوم تحت جسر لأربعة أيام دون طعام. لا يمكنني حتى أن أشتري الطعام، لأن جميع المتاجر والمطاعم ترفض استقبالي". وأضاف الشاب البالغ 24 عاماً وأرغم على مغادرة شقته "نعيش في الشارع مثل المتسولين". وأكد أنّ الشرطة لم تطلب منه إجراء فحص طبّي أو التزام الحجر، بل طلبت منه "الذهاب إلى مدينة أخرى".
كما قال رجل أعمال نيجيري إنّه طُرد من شقته هذا الأسبوع. وأضاف "أينما ترانا الشرطة تلاحقنا وتطلب منا الذهاب إلى المنزل، لكن أين يمكن أن نذهب؟".
توترات متصاعدة في الصين
ذكر عدد من الأفارقة الذين اتّصلت بهم وكالة الأنباء الفرنسية أنّ أفراداً من الجالية خضعوا لفحوص رغم أن كثيراً منهم لم يغادروا البلاد مؤخراً، ووضع آخرون في الحجر الصحي تعسّفياً في المنازل أو الفنادق.
كما باتت بكين تحظر دخول الأجانب إلى أراضيها. وعلى معظم الذين يتنقّلون في البلاد البقاء في العزل 14 يوماً في المكان الذي يقصدونه.
إذ أكد الطالب الغيني تيام أن نتيجة فحصه جاءت سلبية لكن الشرطة طلبت وضعه في حجر صحي الخميس رغم أنه لم يغادر الصين منذ نحو أربعة أعوام. وأضاف: "جميع الذين رأيتهم يخضعون للفحص أفارقة. الصينيون ينتقلون بحرّية. لكن الأفارقة لا يستطيعون الخروج".
فيما ذكر تاجر نيجيري طرد من شقته أنه أمضى أياماً في الشارع قبل أن ينقله شرطيون إلى فندق للحجر. وصرح: "حتّى إن جاءت نتيجة الفحص سلبية لا تسمح لنا الشرطة بالبقاء في شققنا، ولا تعطي أي تبرير".