عاد الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، إلى بيروت عقب سلسلة زيارات قام بها شملت مصر والإمارات وتركيا وفرنسا، تهدف إلى حشد الدعم والتأييد لحكومته المزمع تشكيلها والتي تصطدم بمجموعة شروط لرئيس الجمهورية ميشال عون ومِن خلفه رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل.
لدى وصول الحريري لبيروت وبناءً على نصيحة فرنسية، زار الجمعة 12 فبراير/شباط، قصر الرئاسة في بعبدا والتقى عون، وبحسب مصادر سياسية مقربة من الحريري لـ"عربي بوست"، فإنه عاد وقدّم لعون التشكيلة التي قدّمها سابقاً من دون تعديلات لكن رئيس الجمهورية أعادها إلى الرئيس المكلف بعدما اطّلع عليها، قائلاً: "الأمور هيك ما بتمشي، وعليك أن تقوم بالتشاور معي حول التشكيلة، وأنا أبلغت الجميع أننا نريد حكومة من 20 وزيراً وليس من 18 وزيراً". لكن وبحسب المصدر، فإن الحريري أكد لعون أنه ماضٍ في طرحه لحكومة اختصاصيين مكونة من 18 وزيراً وأنه لن يخضع لشروط أحد.
ماذا دار بين ماكرون والحريري؟
قالت مصادر دبلوماسية لـ"عربي بوست"، إن الحريري التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مرتين في قصر الإليزيه، ورئيس المخابرات الخارجية الفرنسية برنار إيمييه، وبحثوا ملف الحكومة العالق، وكلف ماكرون، باتريك دوريل بالتواصل مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل؛ لحلحلة مواقفهما حيال عرقلة تشكيل الحكومة.
وبحسب المصدر الدبلوماسي فإن حصيلة الاتصالات الفرنسية مع عون وباسيل كانت سلبية ولم ينتج عنها أي اختراق لجدار التعطيل الجاري، حيث تمسك الجانبان بموقفهما حيال الشروط التي تم وضعها لإتمام عملية التشكيل.
فعون ليست لديه نية للتنازل، ومتمسك بشروطه في اختيار ثلث أعضاء الحكومة، وأن على الحريري العودة إلى بيروت للقاء معه وليس القيام بجولات على الدول العربية والإقليمية لحشد دعم له ومحاولة إحراج عون والضغط على الرئاسة، ويشدد المصدر على أن دوريل وعد عون بأن تطلب باريس من الحريري لقاءه فور عودته إلى بيروت.
ماكرون يعرض التوسط لدى السعودية..
بادرَ الرئيس الفرنسي الى تقديم طروحات عدة، طلبَ من الحريري درسها وبحثها في بيروت، ومنها رفع عدد الوزراء من 18 إلى 20 وزيراً، وأن تسمّي باريس وزيرَي الطاقة والاتصالات× تجنباً لحصول أي أزمة مستقبلية بين الأطراف ومحاولة إنهاء الأزمة الحاصلة بين الحريري وباسيل.
وأبدى ماكرون استعداده لتأمين الدعم الدولي له، وكذلك التواصل مع السعودية والتوسّط لديها لدعمه، وأنه مع المصريين والإماراتيين يقوم بهذا الجهد، إذ سيزور السعودية والإمارات بين الـ18 والـ21 من الشهر الحالي.
حزب الله.. "لا أضغط على عون ولا أكسر الحريري"
حسب مصادر مقربة من حزب الله، فإن الحزب لا ينوي التدخل لصالح أي فريق في الوقت الحالي، فهو صاحب نظرية "لا أضغط على عون ولا أكسر الحريري"؛ لأنه حريص على الاستفادة من الطرفين لتمرير المرحلة الصعبة قبيل حصول اتفاق دولي بين واشنطن وطهران.
لذا فإن الحزب غير مستعجل لكنه جاهز للعب دور الوسيط إذا اقتضى الأمر وباتت الظروف أكثر إيجابية بين الجانبين، وبحسب المتابعين فإن الحزب، عبر الحاج حسين الخليل -معاون الأمين العام للشؤون السياسية- يتواصل بشكل دوري مع الوزير جبران باسيل والرئيس المكلف سعد الحريري، والحزب متفق مع الحريري على عدم إعطاء أي طرف سياسي الثلث المعطل في الحكومة، وهذا ما يتفق عليه أيضاً مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي أعلن أنه غير جاهز للتخلي عن الحريري، لكن الحزب لا يريد أن يكون سبباً في هزيمة حليفه المسيحي الأول، لذا فإنه يتمهل حتى نضوج الوضع الإقليمي والدولي والبناء عليه.