بسبب تنامي ظاهرة هجرة القاعات السينمائية، والآثار المترتبة على تفشي جائحة كورونا، أصبحت قاعات السينما تحتضر في عديد من بلدان العالم، حتى تلك التي توجد بالبلدان المتقدمة، على غرار كوريا الجنوبية. لكن المثير هنا في سيول هو أنها لم تعد فضاءً لعرض آخر الإنتاجات السينمائية، تحولت إلى فضاء مثالي لهواة ألعاب الفيديو، حسب تقرير لشبكة BBC البريطانية، الخميس 11 فبراير/شباط 2021.
وبإغلاق عديد من دور السينما عبر البلاد بسبب القيود التي فرضتها جائحة فيروس كورونا، والتي فرضت العمل بطاقة 50% فقط، والانخفاض الكبير في أعداد الأفلام التي تجذب الرواد؛ خرجت دور السينما بفكرة تأجير صالات العرض لديها لهواة ألعاب الفيديو، من أجل فتح مصدر دخل جديد.
بفضل سماعاتها الضخمة
جلست إيوي جيونغ لي واثنان من أصدقائها في دار عرض سينمائي تضم 200 كرسي، خلت ممن سواهم، ليلعبوا معاً لعبة فيديو.
كانت الأصوات تهدر في أرجاء الغرفة المظلمة عبر سماعات السينما الضخمة، فيما كانت "لي" تعصف بخصمها باستخدام ذراع التحكم اللاسلكي.
تقول "لي"، الطالبة البالغة 25 عاماً: "النظام الصوتي مُذهل بشكل استثنائي. تبدو أصوات الطلقات النارية حيَّة للغاية، وبالأخص حين يرافق ذلك تحليقُ شيء ما من الشاشة نحوي مباشرة، حتى إنني صرخت في إحدى المرات".
إذ استأجرت "لي" والأصدقاء الشاشة لمدة ساعتين في أحد فروع سلسلة دور CGV السينمائية، كبرى سلاسل السينما بكوريا الجنوبية.
حيلة "المخبأ"
بإمكان عدد لا يزيد على أربعة أفراد أن يستأجروا الشاشة لمدة ساعتين قبل السادسة مساءً، مقابل نحو 90 دولاراً أمريكياً، لكن السعر يرتفع ليبلغ 135 دولاراً في المساء.
وسيتعين على اللاعبين إحضار أجهزة اللعب، وأذرع التحكم، والألعاب التي يريدون لعبها معهم.
هذه القاعات التي تؤجَّر تحتوي على ما بين 100 و200 كرسي، ويبلغ ثمن التذكرة الواحدة في أي من قاعات CGV نحو 12 دولاراً.
وهو ما يعني أن قاعة بها 100 كرسي يمكنها أن تدر دخلاً يبلغ نحو 600 دولار إن كانت نصف ممتلئة، بينما تدر القاعة ذات الـ200 كرسي 1200 دولار بنصف سعتها، فضلاً عن العائد من بيع المشروبات والفشار.
رغم أن ما تحصده السلسلة من عائد تأجير قاعاتها لهواة الألعاب لا يقارن بتلك الأرقام، فإنه يظل دخلاً إضافياً. وقد أُطلِقَ على المشروع اسم Azit-X، التي تعني في الكورية المخبأ.
إقبال كبير
خرج سيونغ وو هان، الموظف العامل بسلسلة CGV، بالفكرة بعد أن لاحظ أن الأفلام وألعاب الفيديو تتشارك كثيراً من القواسم.
يقول المتحدث ذاته: "حين كنت أفكر في كيفية استغلال صالات السينما الخالية، لاحظت أنّ الألعاب باتت تحتوي على تصاميم رسومية عالية الجودة وقصص محبوكة بإتقان تماماً كالأفلام. ولكل منهما جانبه في رواية القصة، لذا توقعت أنه إن كان أحدهم يستمتع بمشاهدة الأفلام في السينما، فسيستمتع بلعب ألعاب الفيديو فيها كذلك".
ومنذ إطلاق الخدمة بداية العام الجاري، حُجزت القاعات أكثر من 130 مرة، ومع أن أغلب العملاء من الرجال في الثلاثينيات أو الأربعينيات، فإن الأزواج والعائلات كان لهم نصيبهم كذلك.
أزمة السينما العالمية
ما مرت به صناعة السينما حول العالم بسبب جائحة كوفيد-19، يلقي بظلال قاتمة على المستقبل؛ فقد انخفضت مبيعات التذاكر حول العالم عام 2020 بنسبة 71%، لتبلغ 12.4 مليار دولار بعد أن وصلت إلى 42.5 مليار دولار عام 2019، وفقاً لمجلة Variety المتخصصة في مجال صناعة الأفلام.
في الولايات المتحدة احتاجت دور سينما AMC، كبرى سلاسل دور السينما هناك، ضخ 917 مليون دولار، في ديسمبر/كانون الأول الماضي؛ لتجنب الإفلاس، وفي الوقت نفسه داخل المملكة المتحدة، طالبت واحدة من كبرى الشركات البريطانية العاملة في صناعة الأفلام، الحكومة بتقديم دعم مادي لسلاسل السينما.
ويُذكر أن سلسلة دور سينما CGV ليست الوحيدة التي باتت تسمح الآن لهواة ألعاب الفيديو بتأجير قاعاتها؛ فمنذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بدأت سلسلة دور سينما Malco الأمر نفسه.
إذ تسمح Malco بتأجير ما يصل لعشرين شخصاً شاشة في إحدى دور السينما المملوكة لها، والبالغ عددها 36 سينما تمتد عبر أركانساس، وكنتاكي، ولويزيانا، وميسيسيبي، وميسوري، وتينيسي. وتُكلّف الخدمة المسماة Malco Select مبلغ 100 دولار للساعتين و150 دولاراً للساعات الثلاث.
تقول كارين ميلتون، نائبة رئيس التسويق في Malco: "يجذب الأمر العملاء ويزيد الشعبية، لكن لا يوجد ربح حقيقي يضاف لنا من ورائه حتى الآن".
كذلك باتت سلاسل أمريكية أخرى مثل AMC وCinemark، تسمح للعملاء في مجموعات صغيرة بحجز صالات عرض لتقديم عروض خاصة.
وبالعودة إلى كوريا الجنوبية، فإن CGV تجني المال كذلك من توصيل طعام السينما للبيوت، من الفشار إلى الناتشو والنقانق المقلية والكاليماري.
أما في المملكة المتحدة فإن دور السينما ما تزال حكراً على مشاهدي الأفلام فقط، كما تحوّلت إحدى دور السينما إلى مركز تطعيم مؤقت لكوفيد-19.