في ظل الارتفاع الكبير بعجز الميزان التجاري لاقتصادها (الفرق بين قيمة الصادرات والواردات)، تلجأ الجزائر في هذه المعركة إلى سلاح دعم وتشجيع المزارعين على إنتاج "الموز" الذي يدر دخلاً للبلاد، ويوفر فرصاً للعمل، خاصة في ظل تناقص إيرادات الطاقة، وتزايد تكلفة الاستيراد.
حيث أقرضت الحكومة الجزائرية عدداً من المزارعين هكتارات من الأراضي بشرط زراعتها موزاً، بهدف مساعدتها على تقليص العجز التجاري.
كان من بين هؤلاء المزارعين، مصطفى مزوزي الذي شيَّد صوباً زراعية، وجنى بالفعل محصولاً من الموز على الأرض الجديدة قرب ساحل المتوسط، معتبراً هذا المشروع "مُربحاً للغاية" (لكن دون ذكر أرقام)، وهو ما يُرضي أيضاً الحكومة التي تستفيد من المزروعات المحلية المبكرة لمحصول تكلف استيراده 35 مليون دولار في الربع الأول من 2019.
مزوزي يرى أن الموز يُدر عليه ربحاً أكبر من المحاصيل الأخرى، لأن الفاكهة المستوردة أعلى ثمناً. وهو يخطط لإقامة جمعية لمنتجي الموز ويريد من الحكومة أن تتوسع في زراعته على الساحل، مؤكداً أن زراعة الموز ستساعد بلاده على توفير الوظائف وكسب الثروة، وهم يتطلعون إلى دعم الاستثمار.
الاكتفاء الذاتي قبل التصدير
كما يرى المزارع الجزائري، أنه في حالة وفاء الحكومة بجميع تعهداتها بشأن الزراعة، فإن القطاع قد يدعم في النهاية كفتَي ميزان التجارة كلتيهما، عن طريق تغطية الاستهلاك المحلي أولاً، ثم تصدير فائض الإنتاج إلى الخارج، مضيفاً: "بالنسبة للموز، أهدافنا هي زيادة المساحات المنزرعة، لتحقيق الاكتفاء الذاتي قبل الاتجاه للتصدير".
وكالة رويترز تقول إنه في ضوء إخفاق الجزائر، عضوة أوبك، في تطوير قطاعاتها غير المرتبطة بصناعة الطاقة قبل أن تهبط أسعار النفط، فإن الحاجة إلى دفع الاقتصاد الذي تهيمن عليه الدولة، صوب إنتاج السلع المستوردة من الخارج تصبح أشد إلحاحاً من أي وقت مضى، وفق قولها.
قروض بأسعار فائدة منخفضة
يُذكر أن إجمالي واردات الغذاء في الجزائر، والتي تشكل نحو 20% من مشتريات الجزائر من الخارج، بلغ 8.07 مليار دولار في 2019، وتوفر الحكومة للمزارعين قروضاً بأسعار فائدة منخفضة لزراعة محاصيل أخرى أيضاً.
كان وزير الزراعة، عبدالحميد حمداني، قد أعلن هذا الأسبوع خططاً لخفض تلك الفاتورة السنوية بما لا يقل عن 2.5 مليار دولار، من خلال زيادة الإنتاج المحلي وترشيد الإنفاق على الواردات. وأكد للبرلمان أنه من الضروري تحديث القطاع الزراعي، وتوفير جميع التسهيلات للمزارعين.
تراجع أسعار النفط الخام والغاز
فقد تراجع إجمالي الواردات بمقدار 7.4 مليار دولار أو 18%، إلى 34.4 مليار دولار في 2020 من 42 مليار دولار في 2019، إذ أثرت جائحة فيروس كورونا على التجارة العالمية، لكن العجز في الجزائر ظل كبيراً، بسبب تراجع دخل التصدير 33% إلى 23.8 مليار.
كان السبب الرئيسي وراء ذلك تراجع أسعار النفط الخام والغاز اللذين يسهمان بنسبة 94% من إجمالي إيرادات التصدير و60% من ميزانية الدولة.
من جهته، طالب مصطفى جبان، رئيس لجنة الفلاحة بمجلس الأمة، الحكومة بخفض الاعتماد على المحروقات والتوجه إلى القطاعات الاقتصادية الأخرى مثل الفلاحة، لتكون الجزائر في منأى عن الهزات المالية للأزمات النفطية.
تجدر الإشارة إلى أنه خلال الشهر الماضي، أعلنت الجزائر ارتفاع عجز الميزان التجاري للبلاد إلى 10.6 مليار دولار في العام 2020، من 6.11 مليار دولار في 2019، بزيادة 73.48%.
إذ أكد حينها مدير التجارة الخارجية بوزارة التجارة الجزائرية، خالد بوشلاغم، في تصريحات مع وسائل إعلام محلية، أن صادرات بلاده تراجعت هي الأخرى بمقدار 10 مليارات دولار أو بنسبة 33 %، من 35.8 مليار دولار في 2019 إلى 23.8، العام الماضي، مرجعاً هذا التراجع الحاد لصادرات بلاده إلى تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية، بسبب انكماش الطلب نتيجة القيود في مواجهة جائحة كورونا.
جدير بالذكر أن اقتصاد الجزائر يعتمد إلى حد كبير على عائداته من النفط والغاز، التي تشكل 93% من إيرادات البلاد من النقد الأجنبي، بحسب بيانات حكومية رسمية.