عادت تحية الأصابع الثلاث للظهور بشكل بارز في المظاهرات الممتدة التي تتوسع بشكل كبير في الأيام الأخيرة، ضد انقلاب الجيش بميانمار على السلطة السياسية، الأسبوع الماضي، فمن أين أتت هذه الإشارة التي أصبحت رمزاً لمعارضة الديكتاتوريات العسكرية، من تايلاند إلى ميانمار؟
إشارة الأصابع الثلاث استخدمها في ميانمار، الأسبوع الماضي، العاملون الطبيون ثم المحتجون الشباب الذين بدأوا في رفع أصابعهم لمعارضة الانقلاب العسكري، لتصبح بعد ذلك إشارة رئيسية للاحتجاجات الضخمة التي توسعت في المدن الرئيسية بالبلاد.
تقول صحيفة The Guardian البريطانية في تقرير، الإثنين 8 فبراير/شباط 2021، إن هذه الإشارة، تحية الأصابع الثلاث، مثَّلت في أفلام Hunger Games، رمزاً للتضامن داخل عالمٍ بائس يُحارب فيه الثوار من أجل الحرية في مواجهة طاغيةٍ شديد القوة.
كيف تحولت إلى شعار سياسي؟
في أعقاب استيلاء الجيش على السلطة بتايلاند عام 2014، تجمّعت مجموعة صغيرة من المحتجين الشباب أمام مركز تسوّق مزدحم؛ للتعبير عن استيائهم. وفجأةً رفع أحد المحتجين التحية فجأة.
إذ قال سيراويث سيريتيوات (28 عاماً)، الناشط التايلاندي المؤيد للديمقراطية، والذي كان حاضراً حينها: "حين بدأ ذلك الشخص التحية، قلّده الآخرون. وسرعان ما تحوّلت إشارة اليد إلى رمزٍ لمناهضة الانقلاب".
ومنذ عام 2014، استُخدِمَت إشارة اليد على نطاقٍ واسع في مناطق الاحتجاج بتايلاند.
وأضاف: "كنا نعلم أنها ستُفسَّر بسهولة على أنها تمثيل للحرية، والمساواة، والتضامن". وأردف أن الرسائل المناهضة للاستبداد التي نقلتها الأفلام، كان لها صدى بين المحتجين الشباب في ذلك الوقت.
وتابع: "يرجع ذلك جزيئاً إلى أن موقف معارضة الانقلاب وقتها بدا أشبه بمشاهد تلك الأفلام، حيث كان الناس يرفعون التحية في وجه الرئيس سنو".
احتجاجات تتوسع بعد انقلاب ميانمار
وفي ميانمار، تحولت الاحتجاجات التي انطلقت باحتجاجات بسيطة للأطباء وطلاب الجامعات في تجمعات لم تتجاوز العشرات حينها، إلى مظاهرات شارك فيها عشرات الآلاف في أنحاء البلاد، الأحد والإثنين؛ للتنديد بانقلاب ميانمار الذي وقع الأسبوع الماضي وللمطالبة بالإفراج عن الزعيمة المنتخبة أونغ سان سو تشي.
وفي اليوم الثاني من الاحتجاجات الحاشدة على المجلس العسكري، ارتدى المتظاهرون في يانغون، كبرى مدن البلاد، قمصاناً حمراء ولوَّحوا بأعلام وبالونات حمراء وهو اللون المميز لحزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية الذي تتزعمه سو تشي، وهتفوا "لا نريد ديكتاتورية عسكرية، نريد الديمقراطية"، كما أشار المحتجون بتحية الأصابع الثلاث تنديداً بالانقلاب العسكري.
وأوقف المجلس العسكري، بعد ظهر الأحد، حجب الإنترنت، الذي استمر يوماً واحداً وزاد بسببه غضب الناس منذ انقلاب ميانمار الذي وقع الإثنين الماضي، ليوقف مسار الانتقال الديمقراطي المضطرب أصلاً في الدولة الواقعة بجنوب شرقي آسيا ويثير غضباً دولياً.
حيث تجمعت حشود ضخمة من مختلف أنحاء يانغون وتوجهت صوب معبد سولي في قلب يانغون الذي كان أيضاً نقطة تجمُّع خلال احتجاجات عام 2007 التي قادها الرهبان البوذيون واحتجاجات أخرى في عام 1988.
وأقام صف من رجال الشرطة المسلحين بدروع مكافحة الشغب حواجز لكنهم لم يحاولوا وقف المظاهرة. وقدم بعض المتظاهرين للشرطة الزهور. وأظهرت صورةٌ أحد أفراد الشرطة وهو يقدم تحية بثلاث أصابع.
وقال ثاو زين (21 عاماً): "لا نريد ديكتاتورية للجيل القادم… لن ننهي هذه الثورة حتى نصنع التاريخ. سنقاتل حتى النهاية".
وقدَّرت مذكرة داخلية لموظفي الأمم المتحدة، أن ألف محتج انضموا إلى حشد في نايبيداو، فيما كان هناك 60 ألفاً في يانغون وحدها.
ووردت أنباء عن احتجاجات في مدينة ماندالاي وأماكن أخرى بأنحاء البلاد التي يبلغ عدد سكانها 53 مليون نسمة.
واتسمت المظاهرات بالسلمية إلى حد كبير، لكن تسجيل فيديو جرى بثه على فيسبوك، ترددت فيه أصوات إطلاق الرصاص بمدينة مياوادي في جنوب شرقي البلاد، حيث كان رجال شرطة يرتدون الزي الرسمي ومسلحون بالبنادق يطاردون نحو 200 من المحتجين. وأظهرت صور لاحقةٌ ما بدا أنه إصابات لمحتجين، ناتجة عن طلقات مطاطية.