أطلق برلمانيون حملة شعبية لجمع مليون توقيع في الجزائر، من أجل الضغط لسن قانون محلي لتجريم الاستعمار الفرنسي، وذلك بعد أيام من صدور تقرير فرنسي حول استعمار الجزائر، لكنه أثار غضب جزائريين.
النائب في المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان)، بلعربي كمال، قال إنه أطلق المبادرة بالتنسيق مع عدد من النواب، مشيراً إلى أنهم سبق وأن قدموا منذ 28 يناير/كانون الثاني 2020 مشروع قانون لتجريم الاستعمار الفرنسي.
لكن المشروع بقي حبيس الأدراج سنة كاملة، و"لم ينظر إليه لأسباب مجهولة"، وفقاً لكمال، الذي أضاف: "بعد عام أي في 28 يناير/كانون الثاني 2021، أطلقنا حملة شعبية لجمع التوقيعات لمطالبة البرلمان بغرفتيه سنّ قانون يُجرّم أفعال فرنسا الاستعمارية".
لفت البرلماني إلى أن المبادرة "جاءت بسبب التماطل الذي طال المشروع وطال حق الشهداء والمجاهدين (قدماء المحاربين)"، مضيفاً أن "الدعوة جاءت أيضاً بناءً على تصريحات مستشار الرئاسة عبدالمجيد شيخي المكلف بملف الذاكرة (ملف الاستعمار)"، والذي قال قبل أسابيع، إن الجزائريين جرموا الاستعمار منذ عقود في قلوبهم ولا يحتاج ذلك لنص قانوني.
كذلك اعتبر كمال أن "مسألة اعتراف فرنسا بجرائمها شأنها، وما يعنينا هو استرجاع حقوق الجزائريين التي ضاعت مثل الأرشيف والتعويضات المادية".
وانطلقت الحملة في مختلف محافظات البلاد، وستأخذ وقتاً لجمع التوقيعات من خلال استمارة ورقية وليست إلكترونية، وقال كمال: "يكفي جمع مليون توقيع لإيصال رسالة الشعب إلى الحكومة والسلطة التشريعية".
غضب من ملف الاستعمار الفرنسي
تأتي هذه الحملة بعد أيام من صدور تقرير فرنسي حول استعمار باريس للجزائر (1830-1962)، وسط انتقادات واسعة وجّهت له من طرف الجزائريين، جراء تجاهله "جرائم الاستعمار".
كان التقرير قد صدر في 20 يناير/كانون الثاني 2021، وهو للمؤرخ الفرنسي بنجامان ستورا، الذي سلمه للرئيس إيمانويل ماكرون.
بالتزامن مع تسلم التقرير، نقلت وسائل إعلام فرنسية عن قصر الإليزيه، قوله إن هذا التقرير لا يعني وجود خطوة نحو "الاعتذار للجزائر".
لم يصدر في الجزائر أي تعليق رسمي عن التقرير الفرنسي، واقتصر الأمر على تعليقات في الإعلام، وأخرى من شخصيات غير رسمية.
وسابقاً، اتفق الرئيسان الفرنسي ماكرون والجزائري عبدالمجيد تبون، على تعيين مؤرخين اثنين ممثلين عن كل منهما لبحث ملف الذاكرة، إذ عُين عن الجانب الفرنسي ستورا وعن الجزائري عبدالمجيد شيخي.
أعاد رفض فرنسا الاعتذار عن استعمارها للجزائر، والذي يوصف بأنه الماضي الاستعماري الأبشع، تجديد مشاعر الغضب في الداخل الجزائري مرة أخرى تجاه فرنسا، حيث يرى خبراء أنه على التيار الوطني الصاعد في الجزائر إعادة النظر في العلاقات والاتفاقيات الموقعة مع الجانب الفرنسي.
يُذكر أن الاستعمار الفرنسي للجزائر دام بين 1830 و1962، حيث تقول السلطات الجزائرية ومؤرخون إن هذه الفترة شهدت جرائم قتل بحق قرابة 5 ملايين شخص، إلى جانب حملات تهجير ونهب الثروات، وسرقة آلاف الوثائق وقطع تاريخية وأثرية منها ما يعود إلى الحقبة العثمانية (1515-1830).
أما المسؤولون الفرنسيون فيرددون في عدة مناسبات بضرورة طيّ الجزائر لصفحة الماضي الاستعماري وفتح صفحة جديدة، لكن الجزائر طالبت مراراً باعتراف رسمي من باريس بجرائم الاستعمار.