أصدرت محكمة بلجيكية، الخميس 4 فبراير/شباط 2021، حكماً بالسجن 20 عاماً على دبلوماسي إيراني متهم بالتخطيط لتفجير اجتماع لجماعة إيرانية معارضة بالمنفى، في أول محاكمة لمسؤول إيراني يشتبه في تورطه بعمل إرهابي في الاتحاد الأوروبي، منذ الثورة الإيرانية عام 1979.
إذ ذكر الادعاء البلجيكي والأطراف المدنية في الملاحقة القضائية، أن أسد الله أسدي أُدين بالشروع في ارتكاب عمل إرهابي بعد مؤامرة فاشلة لتفجير تجمُّع للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية قرب باريس في يونيو/حزيران 2018.
اعتقال دبلوماسي إيراني بتهمة "الإرهاب"
اعتُقل المستشار الثالث بسفارة إيران في فيينا بألمانيا قبل نقله إلى بلجيكا لمحاكمته. وقال مسؤولون فرنسيون، إن دبلوماسي إيراني كان يدير شبكة مخابرات تابعة للحكومة الإيرانية وكان يتحرك بناء على أوامر من طهران.
بينما لم يحضر أسدي الجلسات التي كانت مغلقة وسط إجراءات أمنية مشددة، ولم تصدر عنه ولا عن محاميه أي تعليقات.
في مارس/آذار الماضي، حذَّر أسدي السلطات من عمل انتقامي يُحتمل أن تنفذه جماعات مجهولة في حالة إدانة دبلوماسي إيراني بالإرهاب، حسبما يتبين في وثيقة للشرطة اطلعت عليها رويترز. وفُرضت على قاعة المحكمة حراسة مشددة، وانتشرت العربات المدرعة بالخارج، فيما كانت طائرات هليكوبتر تحلّق في السماء.
"ضحية لفخ غربي"
فيما قال متحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية لوكالة أنباء الطلبة شبه الرسمية، يوم 24 يناير/كانون الثاني، إن الحصانة الدبلوماسية التي يتمتع بها أسدي من الملاحقة القضائية، انتُهكت وإن أسدي ضحية لفخ غربي.
كما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية في بيان، الخميس، إن إيران تدين "بشدةٍ" قرار محكمة بلجيكية الحكم على دبلوماسي إيراني أُدين بالتخطيط لتفجير اجتماع لجماعة معارضة منفية في فرنسا.
إذ نقل التلفزيون الرسمي عن سعيد خطيب زادة، قوله "كما سبق أن ذكرنا مرات عديدة، فإن اعتقال أسد الله أسدي والعملية القضائية والحكم الأخير غير قانونيين وانتهاك واضح للقانون الدولي، خاصةً اتفاقية فيينا لعام 1961".
بينما قال ممثل الادعاء البلجيكي جورج أونري، للصحفيين خارج المحكمة في أنتويرب: "يؤكد الحكم أمرين: لا يتمتع أي دبلوماسي بحصانة لارتكاب أعمال إجرامية… ومسؤولية الدولة الإيرانية عما كان يمكن أن يكون مذبحة".
كما قال المدعي الاتحادي البلجيكي، إن تقديرات المحققين تشير إلى أن دبلوماسي إيراني أحضر متفجرات لتنفيذ المؤامرة، على متن رحلة تجارية من إيران إلى النمسا. وألقى رودي جولياني، محامي الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الكلمة الرئيسية في التجمع الذي حضره دبلوماسيون من دول كثيرة.
حكم في وقت حساس لأوروبا وإيران
يأتي الحكم على دبلوماسي إيراني بالسجن في وقت حساس من عمر العلاقات الغربية مع إيران. وينظر الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن فيما إذا كان سيرفع العقوبات الاقتصادية عن إيران والتي أعاد سلفه ترامب فرضها على طهران.
كما يدرس العودة إلى صفوف القوى العالمية المشاركة في الاتفاق النووي التاريخي الذي أُبرم مع إيران في 2015.
في حين يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على أفراد إيرانيين فيما يتعلق بحقوق الإنسان، تسعى بروكسل إلى توثيق العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع طهران.
لكنها تقول إنه من غير الممكن أن تغض الطرف عن الإرهاب، وضمن ذلك حادثتا قتل في هولندا ومحاولة اغتيال فاشلة بالدنمارك، أُنحي باللائمة فيها جميعاً على إيران.
فقد حكم القضاة على ثلاثة إيرانيين آخرين بالسجن 15 و17 و18 عاماً بتهمة الاشتراك في المؤامرة. ولم يعلّق القضاة. وقال أحد محاميهم إنه سيوصي بالطعن في الحكم، لكن لم يتضح ما إذا كان أسدي سيفعل ذلك.
خارج قاعة المحكمة، قال شاهين قبادي المتحدث باسم منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة والمقيم في باريس: "ثبت أن النظام الإيراني يستخدم الإرهاب كأداة للحكم، وأن أعلى مستويات النظام الإيراني متورطة". و"مجاهدي خلق" جزء من المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.
من هو أسدي؟
عمِل أسدي قنصلاً ومستشاراً بالسفارة الإيرانية في فيينا منذ عام 2014، إضافة إلى عضويته بجهاز الاستخبارات التابع لوزارة الاستخبارات والأمن الوطني الإيرانية وعمله منسقاً للجهاز في أوروبا، بحسب ما نقلته وكالة أسوشييتد برس عن مسؤولين قضائيين ألمان.
إحدى مهام الجهاز الأساسية التي كان يؤديها أسدي، هي "المراقبة المكثفة، ومكافحة الجماعات المعارضة داخل وخارج إيران"، حسب الوكالة.
كان أسدي جزءاً من خطة فاشلة لتفجير تجمُّع سنوي لحركة مجاهدي خلق المعارضة في فرنسا. وكشف مجلس المقاومة الإيرانية بمؤتمر عُقد في أغسطس/آب الماضي، تفاصيل عن أسدي، الذي كان يعد القنصل الثالث بالسفارة الإيرانية في فيينا.
إرث عائلي
محمد محدثين، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، قال خلال المؤتمر، إن أسدي وُلد في 1971 بمدينة خرم آباد في محافظة لورستان غربي إيران، وكان والده مسؤولاً عن لجنة دعم الحرب بالمدينة أثناء الحرب بين إيران والعراق في الثمانينيات.
مع نهاية الحرب، انخرط والد أسدي في جهاز المخابرات الإيرانية، وكان أحد أدواره الرئيسية إلقاء القبض على أعضاء الجماعات المعارضة. بعد سقوط نظام صدام حسين، تم تعيين أسدي في العراق قنصلاً ثالثاً بالسفارة الإيرانية في بغداد بين عامي 2004 و2008، وكانت مهمته الرئيسية جمع المعلومات عن قوات التحالف في العراق ومقراتها ومراكزها الرئيسية، ورصد الشخصيات العراقية المعارضة لإيران هناك.
بحسب محدثين، فإن أسدي دبلوماسي إيراني شارك في دعم بعض الميليشيات العراقية التي أجرت عمليات ضد قوات التحالف، ومنظمة مجاهدي خلق في العراق.