قالت شبكة BBC البريطانية، الأربعاء 3 فبراير/شباط 2021، إن أكاديمياً إيرانياً يحمل الجنسية البريطانية قد تمكّن من الفرار من إيران مشياً على الأقدام عبر الجبال، وذلك هرباً من حكم بالسجن اتخذ بحقه لمدة 9 سنوات بتهمة التخابر مع دولة عدوة.
بحسب الوكالة البريطانية، فإن محكمة إيرانية قد أصدرت قبل شهرين حكماً بالسجن بحق "كميل أحمدي"، لمدة 9 سنوات وبغرامة تزيد على نصف مليون دولار أمريكي، بتهمة التخابر مع دولة عدوة، وهي تهمة ينفيها الأكاديمي الإيراني.
الحكم بتجريم أحمدي استند إلى ادعاء النيابة العامة بأن المنظمة الخيرية التي كان يعمل لديها كانت قد استلمت أموالاً من الولايات المتحدة، كما وجهت النيابة له تهم أخرى، منها الترويج للمثلية في بحوثه.
الأكاديمي الإيراني استغل الفرصة المتاحة عندما خرج من السجن خلال مرحلة استئناف الحكم الصادر بحقه، ليفرّ من إيران مشياً على الأقدام عبر جبال البلاد الغربية متجاوزاً قوات الحرس الثوري.
رحلة علم طويلة
بحسب الوكالة، فإن أحمدي كردي الأصل، وُلد في غربي إيران، ولما بلغ من العمر 18 عاماً، أرسله والداه إلى بريطانيا لإكمال تعليمه، حيث بقي في بريطانيا لعدة سنوات، درس فيها بجامعة كنت ومعهد لندن للدراسات الاقتصادية.
حصل أحمدي على الجنسية البريطانية قبل عودته إلى إيران للعمل كأكاديمي في مجال الأنثروبولجيا (العلوم الإنسانية).
وركزت البحوث التي كان يجريها على مجالي زواج القاصرات وختان الإناث في إيران، ما استرعى انتباه السلطات الإيرانية خصوصاً أنه كان يدعو لرفع سن زواج الفتيات المحدد حالياً بـ 13 عاماً، حسب اللوائح المعمول بها في إيران.
اعتقال الباحث
وفي أغسطس/آب 2019، طرق شخص باب مسكنه في طهران قائلاً إنه ساعي بريدـ ولكنه بعد أن فتح الباب وجد 16 من عناصر الحرس الثوري تداهم المسكن وتعتقله وتنقله إلى "سجن إيفين" سيئ السمعة.
بحسب أحمدي، فإن طهران قد اعتقلته رداً على احتجاز القوات البريطانية آنذاك لناقلة نفط إيرانية قبالة جبل طارق للاشتباه بانتهاكها العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي.
كما أضاف للشبكة: "قال لي المحقق إنك صيد ثمين أولاً لأني كردي وثانياً لأني من خلفية سُنية بخلاف أغلبية الشعب الإيراني شيعي المذهب وثالثاً لأني كنت باحثاً يثير شتى المسائل الحساسة. ولم أكن مجرد باحث، بل كنت أستخدم نتائج أبحاثي لزيادة الوعي المجتمعي بهذه القضايا".
وقضى أحمدي ثلاثة شهور في سجن إيفين، حيث حاول المحققون هناك التأثير عليه ذهنياً، قبل أن يطلق سراحه بشكل مشروط، وتحت الرقابة المشددة.
رحلة الهروب
وبعد أن أصدر القضاء الإيراني في ديسمبر/كانون الأول الماضي حكماً بالسجن لمدة تتجاوز 9 سنوات قرر الهرب من إيران أثناء فترة سريان كفالته.
قرر أحمدي الهرب مشياً على قدميه عبر الجبال دون أن يخبر أياً من أقاربه، حيث قال: "بكل بساطة، هربت. ولم أصطحب معي إلا معدات الحلاقة وبعض الكتب وحاسوبي الشخصي، وبعض الملابس الدافئة، لأنني كنت أعرف أنني سأضطر لاجتياز الجبال. كان البرد شديداً والظلام دامساً والوضع مخيفاً بشكل عام".
كما أضاف: "كان عليّ أن أترك ورائي كل شيء أحبه وعملت من أجله وكل الروابط الإنسانية التي كونتها عبر السنين. كان الأمر محزناً ومخيفاً. كما لو ألقي عليّ القبض، لكنت أعدت لأمثل أمام القاضي، والله أعلم ما كانت السيناريوهات المحتملة".
يقول الأكاديمي الإيراني إن القرار كان صعباً للغاية، من الناحية النفسية والعاطفية، ولكنهم "أجبروه على الخروج"، إذ "لم يكن من الممكن أن أمكث في السجن لعشر سنوات".