قال موقع وكالة Bloomberg الأمريكية إن خطة الإمارات الجديدة التي تفتح الباب أمام منح الجنسية لفئات معينة من الأجانب، من مستثمرين وموهوبين ومتخصصين مهنيين، أثارت بعض المناقشات العامة النادرة حول حقوق المواطنة في البلاد، وشهدت النقاشات مشاركة لشخصيات بارزة، منهم زوجة حاكم إمارة.
زوجة حاكم الشارقة تعلق على تعديل قانون الجنسية في الإمارات
في منشور كتبته الشيخة جواهر القاسمي، وهي زوجة حاكم الشارقة، على تويتر في نفس يوم الإعلان عن الخطة، أشارت إلى حقيقة أن المرأة الإماراتية لا تملك الحق الذي يملكه الرجل الإماراتي في نقل الجنسية إلى أطفالها تلقائياً. وجاء المنشور على النحو التالي: "تجنيس أبناء المواطنات، مطلب. توظيف أبناء الإمارات، مطلب".
الشيخة جواهر القاسمي التي ترأس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الإمارات شددت في تغريدة لاحقة على أن ملاحظاتها التي تكتبها حول موضوعات مختلفة على موقع تويتر لا يُقصد بها أن تكون انتقاداً للحكومة. كما أكد مكتبها أن الحساب الصادر عنه التغريدات هو حسابها الشخصي على تويتر، لكنه رفض التعليق أكثر من ذلك على الموضوع.
من جانبه، قال مسؤول حكومي إماراتي، رداً على ذلك، إن الاستقرار الأسري والتماسك الاجتماعي لهما أهمية قصوى عند قيادة الإمارات، وأضاف المسؤول أن الحكومة حريصة على الدوام على دمج الأفراد المولودين لأم إماراتية وآباء أجانب، وفتح الطريق أمام إسهامهم في تنمية البلاد وازدهارها.
يُذكر أن القوانين الإماراتية تسمح للأطفال المولودين من نساء إماراتيات ورجال أجانب بالسعي للحصول على الجنسية، غير أنها لا تمنحها لهم تلقائياً. على النقيض من ذلك، يحصل الأطفال المولودون لرجال محليين ونساء أجنبيات على الجنسية تلقائياً بعد الولادة.
ويسري الوضع نفسه في عديد من دول الشرق الأوسط، حيث تواجه الجهود المبذولة لتوسيع نطاق حقوق المواطنة مقاومةً في تلك الدول.
مشكلة الجنسية الإماراتية للمولودين من أب أجنبي
الموقع أشار إلى أن حكومة الإمارات تسمح للأطفال المولودين لأم إماراتية وآباء أجانب بالتقدم بطلب للحصول على الجنسية عند بلوغ 18 عاماً، فيما يحق لأمهاتهم التقدم بطلب للحصول على الجنسية نيابة عنهم إذا كان الطفل قد عاش في البلاد لمدة ست سنوات على الأقل، بحسب مسؤول حكومي. وأضاف المسؤول أن هناك آلافاً من الأشخاص الذين وُلدوا تحت هذه الظروف وحصلوا بالفعل على الجنسية الإماراتية خلال السنوات القليلة الماضية.
ويذهب موقع الوكالة إلى أن التعديلات التي أُدخلت على قوانين منح الجنسية، وأُعلن عنها يوم السبت 1 فبراير/شباط، تهدف إلى جذب المواهب لتعزيز النمو الاقتصادي الذي تضرر بشدة العام الماضي من جراء جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط. فقد أجبر الافتقار إلى شبكة أمان اجتماعي عديداً من المغتربين -الذين يشكلون ما يقرب من 90 % من السكان- على العودة إلى ديارهم بعد أن وصل فقدان الوظائف إلى مستويات غير مسبوقة.
من جهة أخرى، اعتبر خبراء ومواطنون إماراتيون آخرون نشروا تعليقاتهم في وسائل إعلام محلية وعبر الإنترنت التغييرَ الذي حدث خطوةً بارزة ستفتح الطريق أمام مزيد من المكاسب الاقتصادية والمالية. مع ذلك، وفي حين تسعى الإمارات إلى تعزيز انتعاشها الاقتصادي من خلال إصلاح قوانين المواطنة وغيرها من المبادرات، لم تكن الشيخة جواهر هي الشخص الوحيد الذي لفت بحذر إلى أن التغييرات التي قد تمنح المغتربين طريقاً للحصول على الجنسية غير متاح تلقائياً لأبناء المواطنات الإماراتيات.
على خلاف ذلك، اتهم بعض المتابعين الحكومة ببيع حق من الحقوق المكفولة بالميلاد لأبناء البلاد. وقال آخرون إن منح الأجانب نفس الحقوق التي يتمتع بها السكان المحليون يعرّض مستقبل الإماراتيين للخطر. ويجدر الإشارة هنا إلى أن الانتقاد الصريح لسياسة الحكومة أمرٌ نادر في الإمارات.
ويلفت موقع الوكالة إلى أن التجنيس قضيةٌ محفوفة بالمخاطر في دول الخليج، حيث يشكل الأجانب في جميع مناحي الحياة شريحةً كبيرة من السكان، وحيث يستفيد المواطنون من نظام رعاية اجتماعية سخي. وكان القرار الأخير بفتح الباب أمامَ منح الجنسية لأجانب في السعودية قد أثار أيضاً ردود فعل وانتقادات.
لكن الأمر لا يقتصر على دول الخليج، فحتى في لبنان، الذي يروج لنفسه على أنه البلد الأكثر ليبرالية في العالم العربي، فإن الجنسية لا تُمنح تلقائياً بمواطنة الأم، والسبب هو مخاوف بعض السياسيين من أن ذلك قد يخل بالتوازن الطائفي الهش بالفعل في البلاد.
تعديل تاريخي في الإمارات
ويأتي هذا بعدما أُعلِنَ الأسبوع الماضي عن تعديل تاريخي على قانون الجنسية الإماراتي. ومن الآن فصاعداً بات بإمكان المستثمرين، والمهنيين في الوظائف المطلوبة -مثل الأطباء، والعلماء، والفنانين، والمفكرين- من جميع أنحاء العالم الحصول على الجنسية الإماراتية.
ويتطلّب القانون من المتقدمين أن يكونوا من أصحاب المهن المطلوبة ولديهم سمعة عالمية. ويشمل ذلك الفنانين المشهورين الذين أثبتوا أنفسهم، والعلماء المعترف بهم عن طريق الجوائز. علاوةً على ذلك سيتمكّن المتقدمون من الاحتفاظ بجنسيتهم الأصلية، مع إعلان ولائهم للإمارات. كما تُمنح هذه الجنسية للمتقدمين وعائلاتهم على حد سواء. كذلك يسمح القانون لأيّ شخص يعتبر "موهبةً فريدة" أن يحصل على الجنسية، وهذا يشمل الأشخاص الذين يمتلكون براءة اختراع واحدة على الأقل والممثلين الذين فازوا بجوائز عالمية مرموقة.
وسيجري التدقيق في مواهب المتقدمين بواسطة لجنة مختصة، وليست هناك قيود في الوقت الحالي على البلد الأصلي لمُقدّم الطلب.