زعم جاسوس سابق في المخابرات السوفييتية، خلال حديثه لصحيفة The Guardian البريطانية، أن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، كان "أحد من جنّدتهم روسيا منذ 40 عاماً"، وأنه أثبت استعداده لترديد دعاية معادية للغرب لقيت ترحيباً في موسكو.
استخبارات روسيا استهدفت ترامب
الجاسوس السابق يوري شفيتس، الذي أرسله الاتحاد السوفييتي إلى واشنطن في الثمانينيات، تحدث للصحيفة، الجمعة 29 يناير/كانون الثاني 2021، ووصف ترامب بـ"خماسي كامبريدج"، وهي شبكة التجسس البريطانية التي كانت تنقل الأسرار إلى موسكو خلال الحرب العالمية الثانية وأوائل الحرب الباردة.
شفيتس (67 عاماً) هو المصدر الرئيسي لمحتوى كتاب American Kompromat الجديد للصحفي كريغ أُنغر، ويبحث الكتاب أيضاً في علاقة الرئيس السابق بالملياردير سيئ السمعة جيفري إبستاين.
يروي أُنغر في كتابه كيف ظهر ترامب لأول مرة في مرمى الروس عام 1977، حين تزوج زوجته الأولى إيفانا زيلنيكوفا، عارضة الأزياء التشيكية، وأصبح ترامب هدفاً لعملية تجسس أشرف عليها جهاز استخبارات تشيكوسلوفاكيا بالتعاون مع المخابرات السوفييتية.
بعدها بثلاث سنوات، افتتح ترامب أول مشاريعه الكبرى في التطوير العقاري، وهو فندق Grand Hyatt New York بالقرب من محطة غراند سنترال، واشترى 200 جهاز تلفزيون للفندق من سيميون كيسلين، المهاجر السوفييتي الذي كان أحد ملاك شركة Joy-Lud للإلكترونيات في الجادة الخامسة.
وفقاً لشفيتس، كان جهاز المخابرات السوفييتي يسيطر على Joy-Lud، وكان كيسلين يعمل "صائداً للعملاء" ورشح ترامب رجل الأعمال الشاب الصاعد، ليصبح أحد عملاء الجهاز، غير أن كيسلين ينفي وجود علاقة بينه وبين المخابرات السوفييتية.
بعدها وفي العام 1987، زار ترامب وإيفانا موسكو وسان بطرسبرغ للمرة الأولى، وقال شفيتس إن "عملاء المخابرات السوفييتية غذّوه ببعض أفكارهم وتملقوه وطرحوا عليه فكرة دخوله السياسة"، على حد زعمه.
"روسيا جندت ترامب بالتملق"
يروي الجاسوس السابق أيضاً، الذي كان يحمل رتبة رائد ما حدث، قائلاً: "تقرب جهاز المخابرات السوفييتي من ترامب بالتملق والمداهنة. وجمعوا الكثير من المعلومات عن شخصيته حتى يعرفوا طبيعته، وكانوا يرون أنه شديد الضعف فكرياً ونفسياً، وكان يحب التملق".
أضاف شفيتس: "هذا ما استغلوه. لقد أوهموه بأنهم معجبون بشخصيته أيما إعجاب، وأنه هو من يجب أن يكون رئيساً للولايات المتحدة يوماً، وأن أناساً مثله هم من يمكنهم تغيير العالم، وغذوه بشعارات ما يسمى الإجراءات النشطة وتحقق لهم ما أرادوا، لذلك كان إنجازاً كبيراً لإجراءات المخابرات السوفييتية النشطة في ذلك الوقت".
بعد فترة وجيزة من عودته إلى الولايات المتحدة، بدأ ترامب في دراسة ترشحه عن الحزب الجمهوري للرئاسة، بل وأقام تجمعاً انتخابياً في بورتسموث، في نيو هامبشاير.
كذلك نشر ترامب حينها إعلاناً في صحف أمريكية بارزة، وطرح هذا الإعلان بعض الآراء غير المألوفة عن الحرب الباردة إبان رئاسة رونالد ريغان، واتهم اليابان حليفة الولايات المتحدة باستغلالها، وشكك في مشاركة الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي (الناتو).
كما اتخذ شكل رسالة مفتوحة إلى الشعب الأمريكي "عن السبب الذي يحتم على أمريكا التوقف عن دفع الأموال مقابل الدفاع عن الدول التي يمكنها الدفاع عن نفسها".
كان هذا التدخل الغريب مدعاة للدهشة والبهجة في روسيا، وبعد بضعة أيام، كان شفيتس، الذي كان قد عاد إلى وطنه، قد زار المقر الرئيسي الأول لجهاز المخابرات الروسي في ياسينيفو، وتلقى برقية تحتفي بهذا الإعلان باعتباره "إجراءً نشطاً" ناجحاً نفذه أحد عملاء جهاز المخابرات الروسي الجدد.
وكان فوز ترامب قد لقي في الانتخابات عام 2016 ترحيباً في موسكو من جديد، ولم يؤكد المستشار الخاص روبرت مولر وقوع مؤامرة بين أعضاء حملة ترامب والروس.
لكن "مشروع موسكو"، وهو اسم مبادرة لمركز العمل الأمريكي التقدمي، توصل إلى أن حملة ترامب والفريق الانتقالي، كان لديهم ما لا يقل عن 272 جهة اتصال معروفة واجتمعوا بعملاء مرتبطين بروسيا ما لا يقل عن 38 مرة.
في هذا السياق، قال شفيتس، الذي أجرى تحقيقه الخاص: "سبب لي تقرير مولر خيبة أمل كبيرة لأن الناس توقعوا أنه سيكون تحقيقاً شاملاً في جميع العلاقات بين ترامب وموسكو، في حين أنه كان في الواقع تحقيقاً في القضايا المتعلقة بالجريمة فقط. ولم يتطرق إلى جوانب استخباراتية للعلاقة بين ترامب وموسكو".
شفيتس أضاف: "وهذا ما قررنا تصحيحه بالأساس، لذلك أجريت تحقيقي ثم تعاونت مع كريغ، وبهذا سيبدأ كتابه من حيث توقف مولر".
أما أُنغر، الذي ألف سبعة كتب وعمل محرراً في مجلة Vanity Fair، فقال عن ترامب: "كان ترامب الهدف المثالي من نواحٍ عدة: غروره ونرجسيته جعلاه هدفاً طبيعياً للتجنيد، وظل عميلاً مزروعاً لمدة 40 عاماً، حتى انتخابه".