تواصل بنغلاديش نقل لاجئي الروهينغا المسلمين إلى إحدى الجزر النائية التي تفتقر إلى أدنى شروط العيش، على الرغم من انتقادات المنظمات الدولية، ورفض اللاجئين نقلهم إلى الجزيرة المهجورة، وفق ما ذكرته شبكة أخبار هيئة NBC الأمريكية، الجمعة 29 يناير/كانون الثاني 2021.
إذ قال مسؤول في البحرية البنغلاديشية، إن مجموعة تضم أكثر من 1700 لاجئ من الروهينغا المسلمين أبحرت إلى جزيرة نائية في خليج البنغال مع استعداد مجموعة أكبر للذهاب السبت 31 يناير/كانون الثاني، برغم التخوفات من خطر حدوث عواصف وفيضانات تضرب الموقع.
ترحيل مزيد من لاجئي الروهينغا المسلمين
تعد تلك المجموعة هي الإضافة الأحدث إلى 3500 لاجئ من الروهينغا المسلمين آتين من ميانمار المجاورة، أرسلتهم بنغلاديش من مخيمات حدودية إلى جزيرة بهاسان شار منذ أوائل ديسمبر/كانون الأول، حيث يعيش مليون شخص في أكواخ متداعية.
فيما صرّح العميد البحري عبدالله المأمون تشودري، وهو الضابط المسؤول عن الجزيرة، لوكالة رويترز، عبر الهاتف، الجمعة، بأنه "يتوقع اليوم وصول أكثر من 1700 شخص إلى تلك الجزيرة".
أضاف أن المزيد من الروهينغا المسلمين الذين تطوعوا للانتقال إلى الجزيرة، قد نُقلوا من المعسكرات إلى مدينة شيتاغونغ، وهي أقرب مدينة ساحلية. وقال عبدالله: "سيُنقلون غداً إلى جزيرة بهاسان شار. نتوقع إجمالاً أن تضم الجزيرة أكثر من 3000 شخص".
يُذكر أن الجزيرة، التي انبثقت من البحر قبل عقدين فقط، تبعد عدة ساعات عن الميناء الجنوبي.
ترحيل بالإكراه رغم الانتقادات الدولية
على جانب آخر، فإنه لا يُسمح للروهينغا المسلمين، وهم أقلية فرَّت من العنف في ميانمار ذات الأغلبية البوذية، بالانتقال من الجزيرة دون إذن من الحكومة.
على الرغم من مزاعم بنغلاديش أن الترحيل طوعي، فإن بعض أفراد المجموعة الأولى، التي أُرسلت في ديسمبر/كانون الأول، قالوا إن الترحيل كان بالإكراه.
تقول الحكومة أيضاً، إن الاكتظاظ في المخيمات بمنطقة كوكس بازار يغذي انتشار الجرائم، حيث تتعثر جهود إعادة الأقليات من المخيمات إلى ميانمار.
سأل محمد إبراهيم، البالغ من العمر 25 عاماً، بينما هو في طريقه إلى الجزيرة حيث نُقل بالفعل بعض أقربائه: "ما الخيارات المتوافرة لدينا؟ إلى متى يمكننا العيش في المخيمات المزدحمة تحت الأقمشة المشمعة؟".
كما قال لوكالة رويترز عبر الهاتف المحمول: "لن يتحسن الوضع بالنظر إلى الطريقة التي يتعامل بها المجتمع الدولي مع أزمتنا".
بنغلاديش ترفض الاتهامات
فيما رفضت بنغلاديش أيضاً المخاوف المتعلقة بحدوث فيضانات على الجزيرة، مستشهدة ببناء سد بطول 12 كيلومتراً وارتفاع مترين، إضافة إلى توفير إسكان لـ100 ألف شخص وتوفير مستشفيات ومراكز للأعاصير.
بينما وُجهت إلى بنغلاديش انتقادات؛ لإحجامها عن التشاور مع هيئات الإغاثة، ومن ضمنها وكالة شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، بشأن عمليات نقل الروهينغا المسلمين.
من جانبها، تقول مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، إنه لم يُسمح للمفوضية بتقييم سلامة واستدامة الحياة على الجزيرة.
قالت المفوضية في رسالة بالبريد الإلكتروني: "نتطلع إلى مواصلة الحوار البنّاء مع الحكومة فيما يتعلق بمشروع بهاسان شار، ومن ضمن ذلك تقييمات الأمم المتحدة التقنية وتقييمات الحماية المقترحة".
"ضُرب بلا رحمة"
تقول منظمات حقوقية بينها "هيومن رايتس ووتش" والعفو الدولية إن بعض اللاجئين من الروهينغا المسلمين يجبرون على الرحيل، لكن وزير خارجية بنغلاديش أبو الكلام عبدالمؤمن نفى ذلك، قائلاً لوكالة فرانس برس "إنها كذبة".
المنظمات نفسها أكدت أن "حكومة بنغلاديش قررت نقل حوالي 23 ألف أسرة متطوعة إلى باسان شار"، مضيفة أن هذا القرار اتُّخذ بسبب مخاطر الانهيارات الأرضية في مخيمان الروهينغا المسلمين التي أقيمت على سفوح التلال "والمكتظة" بالسكان، وأصر على أن هؤلاء اللاجئين سيكونون في "وضع أفضل" على الجزيرة.
فيما كشف أفراد عائلة من الروهينغا في أوخيا، حيث يقع المخيم المؤقت لفرانس برس، أنهم نزحوا قسراً. وقالت صوفيا خاتون (60 عاماً) "ضربوا ابني بلا رحمة، وكسروا أسنانه حتى يوافق على الذهاب إلى الجزيرة". وأضافت وهي تبكي "جئت إلى هنا لرؤيته وعائلته ربما للمرة الأخيرة".
من جهته، جاء حافظ أحمد (17 عاماً) على أمل لقاء شقيقه وعائلته لتوديعهم. وقال "كان أخي مفقوداً خلال اليومين الماضيين، ثم علمنا أنه كان هنا قبل أن يغادر إلى الجزيرة". وتابع "لم يذهب إلى هناك بمحض إرادته".
أدى التدفق الهائل للاجئين إلى إنشاء مخيمات تعاني من البؤس الذي تفاقم مع انتشار فيروس كورونا المستجد وسمح بازدهار تهريب المخدرات.
فيما تقدر المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين عدد الروهينغا الذين يعيشون في بنغلاديش في مخيمات قريبة من الحدود مع بورما بـ860 ألفاً. ولجأ نحو 150 ألفاً أيضاً إلى دول أخرى في المنطقة، بينما ما زال 600 ألف يعيشون في بورما.