ينوي حالياً موقع فيسبوك، الذي أدّى دوراً رئيسياً في ثورات "الربيع العربي" قبل عشر سنوات، الابتعاد قدر الإمكان عن المعارك السياسية، للتركيز على التفاعلات "الإيجابية" والمربحة، رغم أن عام 2021 يبدو مشحوناً بتوترات مع السلطات وشركة "آبل"، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية، الخميس 28 يناير/كانون الثاني 2021.
إذ أعلن الرئيس التنفيذي لـ"فيسبوك" مارك زوكربيرغ، الأربعاء 27 يناير/كانون الثاني، أن المنصة لن توصي بعد اليوم مستخدميها بالانضمام إلى مجموعات ناشطة أو سياسية، وهو إجراء تطبّقه في الولايات المتحدة منذ الخريف؛ لمحاولة تهدئة التفاعلات بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية الأميركية التي أُجريت في أجواء متوترة.
فيسبوك يريد "تهدئة الأمور"
قال زوكربيرغ خلال عرضه النتائج المالية الفصلية لعملاق وسائل التواصل الاجتماعي، إن الهدف من هذا الإجراء هو "تهدئة الأمور وتثبيط النقاشات المثيرة للانقسام".
منذ انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة والاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 2016، تلطّخت صورة فيسبوك بسجالات وفضائح سياسية.
فيما تتهمه قطاعات كبيرة من المجتمع المدني بأنه يُستخدم كقاعدة لبعض الأشخاص والمنظمات التي تحرّض على العنف؛ من اضطهادات أقلية الروهينغا في بورما إلى جريمة قتل الأستاذ صامويل باتي بي فرنسا.
كما أعرب الرئيس التنفيذي لـ"فيسبوك" عن أمله في أن يكون 2021، عاماً مناسباً "لابتكار طرق لخلق فرص اقتصادية وبناء مجتمعات ومساعدة الناس على الاستمتاع فحسب".
وفقاً للنتائج المالية للربع الرابع من العام الماضي، فقد حقّق عملاق التواصل الاجتماعي ومقرّه في كاليفورنيا، قرابة 86 مليار دولار من المبيعات خلال العام 2020، وبلغت قيمة أرباحه أكثر من 29 مليار دولار، بزيادة 58% عن العام 2019، وذلك على الرغم من النكسات العديدة التي تعرّض لها.
زوكربيرغ لا يحب السياسة
في الربيع الماضي، أي في بداية تفشي وباء كوفيد-19، سحب معلنون كثر حملاتهم من الموقع؛ لإعادة النظر في رسالتهم أو توفير المال. خلال فصل الصيف، قاطعت مئات العلامات التجارية الموقع؛ للمطالبة بضبطٍ أفضل لما يُسمى محتويات "الكراهية"، في أعقاب التظاهرات ضد العنصرية المنهجية بالولايات المتحدة.
فيما طالبت منظمات غير حكومية ومسؤولون سياسيون الموقع بتحمُّل مسؤولياته. وتصدَّى فيسبوك لهذا الوضع عبر مضاعفة الإجراءات الرامية إلى مراقبة المحتوى والحدّ من الأخبار الكاذبة والمضلّلة، لكن هذه الإجراءات لم ترضِ العديد من المنظمات المناهضة للعنصرية أو التي تدافع عن الحقوق والحريات بشكل عام.
إذ قال زوكربيرغ، إنه "في سبتمبر/أيلول، أعلنّا أننا أزلنا أكثر من مليون مجموعة خلال عام واحد". وأضاف مستدركاً: "لكن هناك أيضاً الكثير من المجموعات التي لا نريد تشجيع الناس على الانضمام إليها حتى لو كانت لا تنتهك قواعدنا".
كما لفت مؤسس المنصة العملاقة إلى أن موظفيه يحاولون أيضاً ابتكار طرق لتقليل ظهور المحتوى السياسي في قسم "آخر الأخبار" الخاص بالمستخدمين.
فيما أكد أن "السياسة لديها هذا الميل إلى التدخل في كل شيء، لكن لدينا كثير من ردود الفعل من جانب مستخدمينا الذين لا يريدون ذلك" موضحاً أنه "سيظل دائماً بإمكان من يرغب في أن يشارك في نقاشات ومجموعات سياسية أن يفعل ذلك".
خلال العام 2020، سلّطت الشركة العملاقة الضوء على الأدوات والابتكارات التي ساعدت مجموعات على إثبات تضامن وشركات صغيرة تضررت بشدة، من جراء الوباء، على التواصل مع زبائنها.
كما أنه أيضاً لا يحب المنافسة
لا يزال عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي كبيراً جداً: ففي 31 ديسمبر/كانون الأول، كان هناك 2.6 مليار شخص يستخدمون إحدى منصات وتطبيقات المراسلة الأربعة (فيسبوك وإنستغرام وماسنجر وواتساب) على الأقل مرة في اليوم، و3.3 مليار شخص على الأقل مرة في الشهر (+14%).
على الصعيد التجاري، يُعتبر ذلك إنجازاً، خصوصاً بفضل زيادة التجارة عبر الإنترنت خلال الأزمة الصحية.
إلا أن المنصة تتوقع أموراً سيئة، بسبب الجهات الأوروبية الناظمة المصممة على التحكم، بشكل أفضل، في تدفق البيانات الشخصية، لكن أيضاً بسبب شركة آبل التي أصبحت العدو الرئيسي الجديد بالنسبة لـ"فيسبوك". وقال زوكربيرغ "نعتبر آبل أكثر فأكثر، أحد أكبر أخصامنا".
بينما حمل على شركة آبل في ميدانها المفضّل: سرية البيانات الشخصية. وبحسب الملياردير، فإن واتساب في هذا المجال "متفوّق" على تطبيق مراسلة "آي أو إس"، نظام تشغيل أجهزة آبل المحمولة.
انتقد زوكربيرغ الشركة المصنّعة لهواتف آيفون، بسبب قرارها إرغام مطوّري التطبيقات على طلب إذن المستخدمين لتعقُّبهم. واعتبر أن "آبل يمكن أن تقول إنها تقوم بذلك لمساعدة الناس، لكن هذا يخدم بوضوحٍ مصالحها" متهماً منافسته بـ"تفضيل تطبيقاتها الخاصة" على الهواتف الذكية والألواح الإلكترونية المستخدمة على نطاق واسع في العالم.
قد لا يفلت زوكربيرغ في عام 2021 من السياسة، ففي ديسمبر/كانون الأول، اتهمت السلطات الأمريكية شركته بإساءة استخدام مركزها المهيمن، وتعتزم حتى إرغام فيسبوك على الانفصال عن إنستغرام وواتساب.