قالت صحيفة The Guardian البريطانية، في تقرير لها نشرته الأحد 24 يناير/كانون الثاني 2021، إن ما وصفته بالتفسير غير الواضح لتحديث شروط الخدمة الخاصة بتطبيق واتساب أدى إلى عزوف الملايين من مُستخدميه عن استخدامه، واللجوء إلى تطبيقات بديلة مثل Signal وتليغرام، حيث خسر 32.5 مليون مستخدم خلال 3 أسابيع فقط.
كان هذا الفرار الجماعي من تطبيق واتساب ضخماً للدرجة التي أجبرت الشركة على تأخير تطبيق شروط الاستخدام الجديدة، ودفع كذلك بحملة مخططة لتقليل الضرر تبنّتها الشركة لتفسر للمستخدمين التغيرات التي تنوي تطبيقها.
غضب يدفع واتساب للتراجع
فقد سبق أن تطبيق واتساب، التابع لشركة فيسبوك، في 15 يناير/كانون الثاني 2021، أنه سيؤجل طرح خصائص جديدة، وذلك بعد رد فعل غاضب من المستخدمين بشأن ممارسات الشركة فيما يتعلق بمشاركة البيانات.
مثّل التأجيل انتكاسة لخطة واتساب لجلب إيرادات، من خلال تيسير التبادلات التجارية على تطبيق التراسل الذي استحوذت عليه فيسبوك مقابل 19 مليار دولار في 2014، لكنه بطيء في تحقيق أرباح.
واتساب كان قد أوضح أن المستخدمين لم يعودوا مضطرين إلى مراجعة شروط الخدمة المحدثة والموافقة عليها بحلول 8 فبراير/شباط 2021، كما لن يتم تعليق أو حذف حساباتهم بحلول ذلك الموعد.
جاء تراجع واتساب على خلفية هجوم مدافعين عن الخصوصية على تلك التغييرات، مشيرين إلى ما يقولون إنه سجل ضعيف لفيسبوك في دعم مصالح المستخدمين عند التعامل مع بياناتهم، واقترح كثير منهم على المستخدمين الانتقال إلى منصات أخرى.
فيما قال واتساب إنه حدد موعداً مستهدفاً جديداً هو 15 مايو/أيار المقبل، لإطلاق الخصائص الجديدة، وسيتواصل مع المستخدمين بشكل تدريجي؛ لمراجعة التغييرات في السياسة.
خسارة 32.5 مليون مستخدم خلال أسابيع
صحيفة The Guardian البريطانية قالت إنه على مدار الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر يناير/كانون الثاني 2021، انضم 7.5 مليون مستخدم حول العالم إلى تطبيق Signal، حسب الأرقام التي نشرتها لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان البريطاني، بينما انضم 25 مليون مستخدم إلى تطبيق تليغرام.
في الحالتين، كانت تلك الزيادة على حساب تطبيق واتساب، إذ توضّح البيانات التي تتبّعتها شركة التحليلات App Annie أن التطبيق قد ترك مركزه الثامن بين التطبيقات الأكثر تحميلاً في المملكة المتحدة منذ بدء الشهر الجاري، ليحتل المركز الـ23 بحلول 12 يناير/كانون الثاني.
من جهتها، قالت نياف سويني، مديرة السياسة العامة لأوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا لدى شركة واتساب، في حديث مع لجنة الشؤون الداخلية، إن الهدف من التحديث يتمثّل في أمرين؛ أولهما تفعيل مجموعة جديدة من الخصائص المتعلقة بمراسلات العمل، وثانياً "تقديم توضيحات وإتاحة قدر أكبر من الشفافية" فيما يتعلق بسياسة الشركة المطبّقة من ذي قبل.
نياف دافعت عن خطوتهم، قائلة إنه "لم يطرأ أي تغيير على سياسة الشركة بشأن مشاركة البيانات مع موقع فيسبوك في أي مكان بالعالم".
جدير بالذكر أن منشورات لاقت تداولاً واسعاً تزعم أن شركة واتساب قد أعطت التطبيق حق قراءة رسائل المستخدمين وتقديم المعلومات إلى الشركة الأم فيسبوك.
إقبال على تطبيقات المراسلة الأكثر مراعاة للخصوصية
بدوره، ذكر أمير غودراتي، مدير متابعة السوق بشركة App Annie، أن الاتجاه نحو تطبيقات المراسلة الأكثر مراعاة للخصوصية كان سائداً قبل الكارثة التي ارتكبتها العلاقات العامة لدى شركة واتساب.
إذ إن تطبيقات المراسلة التي تقدم مزايا الخصوصية شهدت نموّاً أكبر في عدد المستخدمين، خلال النصف الأوّل من عام 2020. فقد شهدت تلك التطبيقات زيادة نسبة المستخدمين النشطين بنحو 30% مقارنة بالتطبيقات المنافسة. وتقدّم بعض التطبيقات مثل Signal، وتليغرام، وWickr، وواتساب ميزات خصوصية تتراوح من تشفير البيانات المتداولة بين الأطراف وصولاً إلى الرسائل التي تنمحي ذاتياً، وفقاً لغودراتي.
من المفارقات أن واتساب يركز على الخصوصية في بعض النواحي أكثر من منافسه تليغرام. إذ يطبق الأول خاصية التشفير من طرف إلى طرف -والذي يمنع مزود الخدمة من الوصول إلى رسائل المستخدم- كإعداد تلقائي للتطبيق في الدردشات كافة باستثناء تلك التي تدور بين المستخدمين والشركات الكبرى.
في المقابل، يفعّل تليغرام خاصية التشفير من طرف إلى طرف في "المحادثات السرية" فحسب، وهو خيار يجب على المستخدمين تعيينه في كل مراسلة على حِدة. ومثل هذه الدردشات "مخصصة للمستخدمين الذين يريدون مزيداً من الخصوصية أكثر من الشخص العادي"، حسبما تشير الخدمة في صفحة الأسئلة الشائعة.