عادت الحياة في ووهان الصينية التي انطلق منها فيروس كورونا إلى طبيعتها، ولم تعد مدينة أشباح، بل باتت مراقصها ونواديها الليلية مفتوحة على مصراعيها للزبائن الراغبين في الرقص، بينما تسود تدابير حظر التجول قسماً كبيراً من مدن العالم التي تصارع لمواجهة الجائحة.
الحياة في ووهان
مدينة ووهان وصلت إلى الشكل الحالي للحياة رغم الجائحة، بعد عام على الحجر الصحي الذي شهدته المدينة اعتباراً من 23 كانون الثاني/يناير 2020، وبات سكانها البالغ عددهم 11 مليوناً يستعيدون من جديد حريتهم بالحركة التي كانت مفقودة.
وكالة الأنباء الفرنسية، قالت الجمعة 22 يناير/كانون الثاني 2021، إن الراغب في دخول ملهى "سوبر مانكي" الليلي الضخم وسط المدينة، لا يحتاج إلى أن يكون على قائمة الشخصيات المهمة جداً، ولا يُفرض عليه شرط ارتداء نمط محدد من الملابس، لكن وضع الكمامة لا يزال إلزامياً.
من جانبهم، يتولى حراس الأمن عند المدخل فحص حرارة أجسام الزبائن، فلا يقبلون بإدخال من يظهر على الشاشة أن درجة حرارته تفوق 37,3، أما في داخل الملهى فتصدح موسيقى التكنو وتتراقص المؤثرات الضوئية على وقعها، فيما تنفث آلات الضباب دخانها بانتظام.
في هذا الجو المشتعل، يُقبل الرواد الكثر ومعظمهم في العشرينيات باندفاع على الحلبة حيث يرقصون بحماسة، وبينهم شابات يضعن على رؤوسهن عصابات صُمم طرفاها على شكل أرنب لتغطية آذانهنّ.
أما البعض الآخر فيكتفي بدور المتفرج، فالمهم الاجتماع بعد حجر صحي شاق التزموه قبل عام، عندما ظهر ما كان في ذلك الوقت فيروسا غامضاً.
يقول ثلاثينيّ يُدعى شو: "بقيت محجوراً لمدة شهرين أو ثلاثة. الصين تتعامل بشكل جيد جداً مع الوباء، وبات في إمكاننا الخروج مطمئني البال" في الوقت الراهن، وفق تعبيره.
وفي هذا الجو البعيد من التقشف، الذي يدعو إليه النظام الشيوعي رسمياً في الصين، يبدي تشن تشيانغ، وهو شاب عشريني، شعوره بالسعادة لأن الصين نجحت عملياً في السيطرة على الوباء على أراضيها، على الرغم من تفشيه موضعياً في الأيام الأخيرة.
كذلك تُبرز وسائل الإعلام الصينية على نطاق واسع ما يسببه الوباء من مآسٍ في الدول الغربية تتناقض مع العودة إلى الوضع الطبيعي في الصين نفسها، وترى وسائل الإعلام في ذلك دليلاً على تفوق النموذج الاستبدادي الصيني بالتعامل مع الجائحة.
التزام متفاوت بالقيود
لكن توجيهات السلطات لا تُحترم في كل مكان، ففي "سوبر مانكي" لا يضع الزبائن الكمامة طوال الوقت مع أنها إلزامية، ولا يترددون في إشعال سيجارة، ولم يتخذ الملهى أي تدابير لتأمين التباعد الاجتماعي.
وتشكّل القواعد الصحية الشديدة الصرامة التي تطبقها بعض الملاهي أحد أسباب تراجع أعداد مرتاديها، إذ تستقبل عدداً محدوداً من الزبائن، وتشترط الحجز سلفاً، ولا تستقبل إلا من يقدم إثباتاً على أنه في صحة جيدة من خلال إبراز الرمز الأخضر على تطبيق التتبع. لكنّ كل هذه الشروط قد لا تكون أحياناً كافية للدخول.
فقد رفض ملهى "إيمهان" مثلاً إدخال عدد من صحافيي الوكالة الفرنسية لأن سجلهم الصحي يشير إلى أنهم من بكين، حيث رُصِدت في الآونة الأخيرة بؤرة تفشٍّ للسلالة المتحورة من كوفيد-19، في الضواحي الجنوبية للعاصمة الصينية.
كانت ووهان قد شهدت مع بداية العام الجديد احتفالات ضخمة في الوقت الذي كان الفيروس ينتشر بقوة في العديد من بلدان العالم، وأظهرت مقاطع فيديو آنذاك تجمعات لأعداد ضخمة من الناس لم تراعَ فيها إجراءات التباعد الاجتماعي.
كذلك أثارت صور حفلة ضخمة في حديقة مائية مزدحمة في الصيف المنصرم دهشة بعض متصفحي الإنترنت في عدد من دول العالم، حيث يواصل فيروس كورونا حصد عدد كبير من الضحايا.
فعلى خلاف المشهد الحالي في ووهان، تشدد حكومات دول عدة حول العالم إجراءاتها وهي تواجه موجة ثانية شرسة من الفيروس، وتتراوح تلك الإجراءات بين إغلاق لمؤسسات تعليمية، وحظر للتجول، وفرض قيود صارمة على السفر.