كشفت صور للأقمار الصناعية أن ميليشيا حفتر، ومرتزقة فاغنر الروس الداعمين له، يقومون بحفر خندق ضخم حول مدينة سرت، وهو ما يعزز المخاوف من أن المقاتلين الأجانب لن ينسحبوا من البلاد بحلول غد السبت 23 يناير/كانون الثاني، وذلك وفق اتفاق السلام الذي توسطت فيه الأمم المتحدة في أكتوبر/تشرين الأول 2020.
وفقاً لموقع CNN International الأمريكي الجمعة 22 يناير/كانون الثاني، فإن صور الأقمار الصناعية قد أظهرت الخندق، الذي يمتد عشرات الكيلو مترات جنوب المناطق الساحلية المأهولة بالسكان حول سرت، باتجاه معقل الجفرة الخاضع لسيطرة فاغنر، وتدعمه سلسلة من التحصينات المعقدة.
خنادق وتحصينات
تقول منصات مراقبة مفتوحة المصدر إنها حددت سلسلة من أكثر من 30 موقعاً دفاعياً شقّتها ميليشيات حفتر في الصحراء وسفوح التلال التي تمتد لنحو 70 كيلو متراً.
وبحسب الموقع فإن صور الأقمار الصناعية التي كشفت عنها شركة "ماكسار" Maxar الأمريكية تظهر كلاً من الخندق الممتد على طول طريق رئيسي، وأيضاً التحصينات التي حفرها مرتزقة فاغنر.
كما تكشف الصور عن تراكم للدفاعات حول قاعدة الجفرة الجوية، وكذلك مطار براك جنوباً، حيث تم تركيب وتحصين دفاعات الرادار البادية للعيان.
وكانت حكومة الوفاق الوطنية، المعترف بها دولياً، قد نشرت أيضاً صوراً لحفارات وشاحنات ضخمة تشارك في عمليات شق الخندق وبناء الساتر الترابي الذي يمر بجانبه، وقالت إن العمل بدا مستمراً حتى هذا الشهر.
تعليقات دولية
من جانبه، قال وزير الدفاع في حكومة الوفاق الوطنية، صلاح الدين نمروش، لشبكة CNN: "لا أعتقد أن أحداً يحفر خندقاً اليوم ويحشد تعزيزات كهذه، يعتزم المغادرة في أي وقت قريب".
وقالت كلوديا غازيني، من "مجموعة الأزمات الدولية"، لشبكة CNN، إن هذا الخندق "مثير للقلق حقاً"، وأشارت إلى أن الحديث "المتداول عنه بين الدبلوماسيين خلال الأسابيع القليلة الماضية يذهب في اتجاه أن موسكو حريصة على ترسيخ وجودها في ليبيا".
فيما أشار الموقع التابع لشبكة CNN الإخبارية إلى أن المسؤولين الأمريكيين باتوا يشعرون بقلق بالغ حيال الأهداف طويلة المدى لقوات المرتزقة الروسية في الدولة التي مزقتها الحرب، ونقل الموقع عن أحد مسؤولي الاستخبارات قوله إن الخندق هو علامة على أن قوات فاغنر تعتزم "الاستقرار هناك لمدى طويل".
تعليقاً على ذلك، قال مسؤول الاستخبارات الأمريكية إن الخندق ليس إلا سبباً آخر "لأن نرى أنه لا نية أو تحرك حقيقي من جانب القوات الروسية للالتزام بالاتفاق الذي توسطت فيه الأمم المتحدة، وهذا من شأنه أن يعرقل عملية السلام الهشة بالفعل واتفاق وقف إطلاق النار".
حفتر يلوح بمواجهة قريبة
يشار إلى أن الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، قد صرح في 24 ديسمبر/كانون الأول 2020، أن مواجهة عسكرية تلوح بالأفق القريب في ليبيا، وطالب قواته بالاستعداد لمعركة محتملة، وذلك في تصعيد على إقصائه من أي تسوية محتملة للأزمة في البلاد.
تصريحات حفتر تزامنت مع دعوة الجيش الليبي، المريد لحكومة الوفاق، قواته إلى رفع درجة التأهب والاستعداد لصدِّ أي هجوم محتمل في خطوط التماس (سرت-الجفرة) من جانب ميليشيا الجنرال الانقلابي، خليفة حفتر، المستمرة في إجراء تحشيدات وتحصينات.
قال الجيش في بيان: "ندعو كافة القوات المساندة إلى رفع درجة التأهب والاستعداد لصدِّ أي تحرك مرتقب لقوات المرتزقة"، في محور سرت (450 كم شرق العاصمة طرابلس) والجفرة (650 كم جنوب شرقي طرابلس) كما أضاف: "سنضرب بيد من حديدٍ كل من تسوّل له نفسه بيع دماء شبابنا وتضحياتهم من ساسة منبطحين وعملاء مندسين".
وأوضح الجيش أن هذا التطور يأتي "في ظل التحشيدات المتزايدة والتحصينات التي تقوم بها قوات المتمرد (حفتر) حول مدينة سرت ومنطقة الجفرة"، وأردف: "قوات المتمرد تقوم بزراعة الألغام وحفر الخنادق وجلب المرتزقة، إضافة إلى تحشيد الآليات الثقيلة والمدفعية، التي إن دلت على شيء فإنما تدل على نية المتمرد إعادة الكَرَّة كما فعل في 4 إبريل/نيسان 2019".
يأتي ذلك كله في الوقت الذي تستمر اللقاءات التي يعقدها الفرقاء الليبيون للتوصل إلى شكل جديد للحكم، بناء على اتفاق سلام تم التوصل إليه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بوساطةٍ من الأمم المتحدة، وشمل موقفاً لإطلاق النار وتعهداً برحيل كافة القوات الأجنبية.