قال موقع Middle East Eye البريطاني، الأربعاء 20 يناير/كانون الثاني 2021، إن الحكومة الإسرائيلية تمضي قدماً في تنفيذ خطة عزل مدينة العيزرية، وهي ضاحية فلسطينية تقع شرق القدس، حيث إن تل أبيب بصدد تجريدها من كل شيء.
كانت تقارير تحدثت عن موافقة إسرائيل، خلال الأسبوع الماضي، على استكمال مخططات تسمح ببدء العمل في الطريق المسمى باسم "طريق السيادة"، في إطار مخطط البناء بالمشروع الاستيطاني المعروف باسم "E1" شرق القدس.
بموجب هذا المشروع الاستيطاني، سيتم بناء أقسام جديدة واسعة من الجدار الفاصل حول شمال وشرق العيزرية، ليفصلها عن الطريق الإسرائيلي والمسار المباشر إلى القدس الذي تمتّعت به لقرون، والذي سيصير متاحاً الآن للمستوطنين الإسرائيليين فقط.
منظمة Peace Now غير الحكومية الإسرائيلية قالت إن تل أبيب خصّصت 4.3 مليون دولار لهذا المشروع الجديد، الذي لن يُؤدّي إلى عزل العيزرية بالكامل، إذ سيجري إنشاء مدخلٍ جديد إلى البلدة وأبو ديس في الشمال، وهذا سينقل حركة المرور في اتجاه رام الله، بعيداً عن أعين المستوطنين، ويعزلها بالتالي عن القدس، التي لطالما كانت العيزرية تابعةً لها.
"موقع شديدة الاستراتيجية"
الموقع شديدة الاستراتيجية للعيزرية بين القدس والضفة الغربية كان سبباً في جعلها محط أنظار إسرائيل، ويظل مستقبلها محورياً في أي خطط لتوسيع الكتل الاستيطانية حول المدينة المقدسة.
حيث يقع الطريق الوحيد الذي يربط مدينة العيزرية بالعالم الخارجي في الشرق عبر الطريق الذي أنشأته "إسرائيل"، قبالة مدخل مستوطنة معاليه أدوميم، وهي أكبر المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية في الضفة الغربية المحتلة، والتي بُنيت بالكامل تقريباً فوق أراضٍ تابعة للبلدة الفلسطينية.
بينما إلى الغرب تقع بلدة أبو ديس، وهي ضاحيةٌ أخرى من ضواحي القدس المحاطة بجدار الفصل الإسرائيلي، الذي يُجبر كامل حركة المرور الخاصة بأبو ديس على أن تمُر عبر العيزرية لتخرج شرقاً.
"عرقلة نمو البلدة الخضراء"
طبقاً لهذا المخطط ستُعرقل إسرائيل نمو البلدة الحضري، عن طريق مصادرة الأراضي المتبقية في البلدة للبناء عليها، إضافة إلى أن العيزرية فقدت خمسة آلاف دونم من الأراضي لصالح مستوطنة معاليه أدوميم، وألفي دونم أخرى لصالح المنطقة العازلة التي أنشأتها السلطات الإسرائيلية بينهما.
بالتالي لم يتبقَ لسكان البلدة سوى ثلاثة آلاف دونم من الأراضي المُحيطة للعيش عليها وزراعة محاصيلهم، من أصل 11 ألف دونم كانوا يمتلكونها قبل الاحتلال.
لكن العيزرية ظلت متصلةً بالقدس من الغرب، وبمدن الضفة الغربية مثل أريحا وبيت لحم والخليل من الشرق. وكان الطريق الرئيسي بين الاتجاهين يمر بالمدينة حتى تغير ذلك في أواخر التسعينيات. وحينها فُصِلت الضفة الغربية بالكامل عن القدس بواسطة نظام الحواجز الأمنية الذي أعقب اتفاقيات أوسلو.
إبعاد سكان العيزرية عن القدس وتمرير الجدار الفاصل بطول حافة البلدة سيزيدان عزل الضاحية عن الأراضي المجاورة التي ظل الفلسطينيون يعملون ويعيشون داخلها لقرون طويلة.
نظراً إلى أنّ إسرائيل عدّلت طرق العيزرية بمرور الوقت، فقد عانى سكان البلدة الأمَرين نتيجة ذلك. إذ وجد الأطفال الذين اعتادوا حضور المدارس في البلدات والمدن المجاورة أنّ التنقل بات مستحيلاً، مما أدّى إلى تضخم الفصول الدراسية وأسفر عن زيادة التسرّب من المدارس، بحسب موقع Middle East Eye البريطاني.
"ستُجرّد من كل أراضيها حتى النخاع"
من جهته، قال رئيس البلدية عصام فرعون، إنّ بلدته "ستُجرّد من كل أراضيها حتى النخاع؛ فأراضي العيزرية التي لم تستوطنها إسرائيل بالفعل، سوف تُعتبر مضمومة بحكم أمر الأمر الواقع".
إذ إن الاحتلال سيعيق نمو المدينة الحضري من خلال مصادرة الأراضي المتبقية التي تركتها المدينة متاحة للبناء، وفقاً لفرعون الذي شدد على أن المشروع الإسرائيلي الجديد يعدّ بمثابة "جزء من مشروع القدس الكبرى، وخطط الضم الإسرائيلية".
نقل موقع Middle East Eye البريطاني عن سائق حافلة فلسطيني يدعى إسلام ربيع (23 عاماً)، قوله إن "العيزرية بلدة مزدحمةٌ أكثر من علبة تونة؛ فهناك مدخلٌ واحد، وهو أيضاً المخرج الوحيد، وأنا أقود الناس إليه ذهاباً وإياباً طوال اليوم".
رغم أن السائق الفلسطيني قال إن المخطط الجديد لن يُغيّر الكثير بالنسبة له بصفته سائق حافلة صغيرة، فإنه سيظل مضطراً إلى القيادة عبر هذا القفص نحو المخرج الجديد، منوهاً إلى أن البلدة ستُفصل تماماً عن القدس"، مضيفاً: "أنا أصغر من أن أستسلم. لن أرحل من هنا".
"مخطط في أذهان الإسرائيليين منذ سنوات"
بدوره، أكد بسام بحر، الناشط من أبو ديس، أن هذا المشروع كان حاضراً في أذهان الإسرائيليين منذ سنوات، إلا أن الأمر الوحيد الذي أثناهم عن تنفيذه طوال ذلك الوقت هو الضغط الدولي، مشيراً إلى أنهم شرحوا هذا المشروع للعديد من الدبلوماسيين الأوروبيين والأمريكيين عام 2008، وقد صُدِموا جميعاً وضغطوا على إسرائيل لتعليق خططها.
بحر أشار إلى أن "قصة العيزرية تُمثل قصة فلسطين؛ فلا يدور الأمر حول العيزرية، أو أبو ديس، أو القدس الشرقية فقط، بل يتعلّق الأمر بألا تحظى فلسطين بفرصة إنشاء دولة مطلقاً. إنّها ليست مسألة قطع طريقٍ آخر أو استعمار قطعة أرض جديدة، بل هي مسألة جعل الحياة شديدة الصعوبة بالنسبة لنا هنا، حتى نغادر بنهاية المطاف".
يُذكر أنه على مدى السنوات الأربع الماضية، منحت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الضوء الأخضر شبه الكامل لإسرائيل حتى تُتابع سياساتها التوسعية على حساب الفلسطينيين. وارتفع معدل بناء المستوطنات بنسبةٍ كبيرة، واستغلت الحكومة الإسرائيلية آخر أيام ترامب للدفع بالمخططات والمشاريع التي قد تُثير استياء إدارة بايدن.