أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، أن الصين ترتكب إبادة جماعية "مستمرة" ضد الإيغور المسلمين في منطقة شينجيانغ، وذلك قبل 24 ساعة من مغادرة منصبه، فيما ردت بكين على تصريحات بومبيو واصفة إياها بـ"الكذبة السخيفة".
صحيفة The Guardian البريطانية قالت إن تصريحات بومبيو جاءت في آخر ساعات له في منصبه، إذ جرت العادة أن تكون التحركات السياسية في الأسابيع الأخيرة للإدارة الجديدة التي تخلفها، لذا فإن بومبيو، الذي تشير تقارير على نطاق واسع إلى أنه يطمح للترشح للانتخابات الرئاسية في 2024، كسر هذه التقاليد عندما أعلن هذا الأمر، أمس الثلاثاء، الذي يعد آخر يوم له في وزارة الخارجية.
ويأتي هذا بعدما وصف الفريق الخاص بالرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن الاضطهاد، الذي يعاني منه أبناء الإيغور بـ"الإبادة الجماعية"، في أغسطس/آب، بجانب أن أنتوني بلينكن، المرشح لخلافة بومبيو في المنصب، أبلغ خلال جلسة إقرار مجلس الشيوخ، أمس الثلاثاء 19 يناير/كانون الثاني، بأنه وافق على المسمى الجديد.
اتهامات بومبيو للصين
ورغم الضغط السياسي المكثف، لم تعلن إدارة ترامب ذلك رسمياً في وقت سابق، بسبب الشواغل من تأثير مثل هذا الإعلان على المحادثات التجارية.
بومبيو قال في تصريح له: "لقد قرّرت أن جمهورية الصين الشعبية ارتكبت إبادة جماعية ضد الإيغور ذوي الأغلبية المسلمة، وضد الأقليات العرقية والدينية الأخرى في شينجيانغ، بتوجيهات من الحزب الشيوعي الصيني وتحت سيطرة الحزب" مضيفاً: "أعتقد أن هذه الإبادة الجماعية مستمرة، وأننا نشهد المحاولة الممنهجة لتدمير الإيغور عن طريق حزب الدولة الصينية"، كما اتهم إعلان بومبيو الصينَ بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
كما أكد وزير الخارجية الأمريكي بومبيو أن: "هذه الجرائم مستمرة وتتضمن: السجن التعسفي أو صوراً أخرى من الحرمان الشديد من الحرية البدنية لأكثر من مليون مدني، والإعقام القسري، والتعذيب بأعداد كبيرة ضد المسجونين تعسفياً، والعمل القسري، وفرض قيود قاسية على حرية الدين والعقيدة وعلى حرية التعبير عن الرأي وحرية الحركة". وأشار وزير الخارجية المنتهية ولايته إلى أن النازيين اتُّهموا بجرائم ضد الإنسانية في محاكمات نورنبيرغ بعد الحرب العالمية الثانية.
ولا يرتبط هذا الإعلان بأي تدابير عقابية خاصة. وطالب بومبيو "جميع الهيئات القضائية متعددة الأطراف الملائمة وذات الصلة، بالانضمام إلى الولايات المتحدة في تعزيز المساءلة ضد المسؤولين عن هذه الفظائع". بيد أن إدارة ترامب قطعت كامل علاقات الولايات المتحدة مع المحكمة الدولية، التي تعد إحدى أهم هذه الهيئات متعددة الأطراف.
أعرب إريك شوارتز، رئيس منظمة Refugees International للدفاع عن حقوق اللاجئين، عن ترحيبه ببيان بومبيو، لكنه تساءل عن غياب تطبيق نفس المنطق على اضطهاد الروهينغا في ميانمار.
إذ قال شوارتز: "…أشعر بعميق الحيرة والقلق من أن وزير الخارجية مايك بومبيو تجاهل الوصول إلى استنتاجات مماثلة بوجود إبادة جماعية من جانب دولة ميانمار، بسبب هجماتها الجماعية الوحشية ضد الروهينغا، بدءاً من أغسطس/آب 2017. كان ذلك الموضوع أيضاً أمام الوزير، وكان هناك دعم معتبر بين خبرائه في وزارة الخارجية باستنتاج وجود إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية".
الصين تعلق على تصريحات بومبيو
ووصفت الصين، الأربعاء، تصريحات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو حول ارتكاب بكين "إبادة" بحق المسلمين الإيغور في إقليم شينجيانغ (شمال غرب)، بـ"الأكاذيب السخيفة والوقحة".
إذ قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية هوا شونيينغ، قبل بضع ساعات من انتهاء ولاية إدارة الرئيس دونالد ترامب، إن هذا المصطلح "ليس سوى مجرد ورقة بالية في نظرنا"، مضيفاً "في السنوات الأخيرة، نشر مايك بومبيو عدداً لا يُحصى من الأكاذيب والأفكار الخبيثة. هذا الاتهام (بإبادة) مزعومة ليس سوى إحدى الأكاذيب السخيفة والوقحة".
أزمة الإيغور
وتسيطر الصين على إقليم تركستان الشرقية منذ عام 1949، وهو موطن أقلية الإيغور التركية المسلمة، وتطلق على الإقليم اسم "شينجيانغ"، أي "الحدود الجديدة"، فيما تشير إحصاءات رسمية إلى وجود 30 مليون مسلم في الصين، 23 مليوناً منهم من الإيغور، فيما تؤكد تقارير غير رسمية أن أعداد المسلمين تناهز 100 مليون.
وفي التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية لحقوق الإنسان عام 2019، أشارت واشنطن إلى أن الصين تحتجز المسلمين بمراكز اعتقال، لمحو هويتهم الدينية والعرقية.
غير أن الصين عادة ما تقول إن المراكز التي يصفها المجتمع الدولي بـ"معسكرات اعتقال"، إنما هي "مراكز تدريب مهني"، وترمي إلى "تطهير عقول المحتجزين فيها من الأفكار المتطرفة".