قالت صحيفة The Times البريطانية، الأحد 17 يناير/كانون الثاني 2021، إنه في أعقاب انحسار تفشي فيروس كورونا داخل ووهان الصينية أوائل الصيف الماضي، عقد عددٌ من العاملين البارزين في المجال الطبي اجتماعاً سرياً مع صحفيٍّ مواطن صوّرهم سراً. ورغم مخاوفهم من الرقابة؛ سلّطوا الضوء على تستّر بكين على أبعاد التفشّي.
الصحيفة أكدت، في تقريرها الذي حمل عنوان "السياسة أهم من الأرواح"، أن الخبراء الطبيين قاموا برواية قصة مختلفة عن مدى تفشي جائحة كورونا، بخلاف تصريحات الرئيس شي جين بينغ التي قال فيها إن الحزب الشيوعي "تصرّف بانفتاح، وشفافية، ومسؤولية".
حيث تم بث رواية العاملين البارزين بالمجال الطبي، وتمت مشاهدة أدلتهم في فيلم وثائقي عُرض على قناة ITV البريطانية يوم الثلاثاء 19 يناير/كانون الثاني الجاري.
"مصادرة جوازات سفر الأطقم الطبية في ووهان"
لكيلا يتم الكشف عن تفاصيل ما حدث، جرت مصادرة جوازات سفر العديد من الأطقم الطبية في ووهان، وتم تقييد وصولهم إلى الإنترنت على نطاقٍ واسع. كما احتجز مسؤولو الأمن القومي الأشخاص الذين يعرفونهم، ممن كانوا على علمٍ بالتفشّي، وهم على وشك ركوب الطائرة في رحلةٍ إلى خارج البلاد.
كانت تسريبات البيانات الرسمية الصينية أظهرت أن أوّل حالة مؤكدة بكوفيد-19 في ووهان يعود تاريخها إلى الـ17 من نوفمبر/تشرين الثاني عام 2019. وبحلول أواخر ديسمبر/كانون الأول، دخلت أعدادٌ متزايدة من الناس إلى المستشفى مصابين بالتهابٍ رئوي لم تُعرف أسبابه.
الأطباء أرسلوا عينات إلى المختبرات المحلية للتحقيق في الأسباب. وحينها، كان أحد المختبرات قد جمع أدلةً عن الجزء الأكبر من جينوم فيروس تاجي جديد له أوجه تشابه كبيرة مع السارس (متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد)، الذي ضرب الصين لأول مرة في عام 2003.
إلا أنه بعد بضعة أيام، تداول الأطباء تقاريرهم في مجموعات الدردشة حول فيروس شديد العدوى مثل السارس، ثم طُلِبوا لاجتماعات طارئة داخل مستشفيات ووهان. وقال أحد الأطباء للصحفي المواطن، إنهم كانوا يعلمون أن الفيروس ينتقل من إنسانٍ لآخر، ولكن عند حضور تلك الاجتماعات، طُلِبَ منهم عدم الحديث عن الأمر. إذ أمر قادة المقاطعات جميع المستشفيات بإخفاء الحقيقة.
"حالات وفاة يومياً"
شعر الأطباء بالغضب، حيث قال أحدهم إن كثيرين أكدوا أن الفيروس لا ينتقل من إنسانٍ لآخر في المراحل المبكرة، ومن بينهم خبراء في بكين. جميعهم قالوا الشيء نفسه.
من الناحية الرسمية، لم يمُت أحدٌ بسبب الفيروس حتى التاسع من يناير/كانون الثاني، لكن طبيباً بارزاً نفى صحة ذلك، مؤكداً أنه كانت هناك حالات وفاة بصفةٍ يومية في الأيام الأولى.
ووفقاً للأطباء، لم يرغب سكرتير الحزب الشيوعي، جيانغ تشاو ليانغ، في إعلان الأخبار السيئة قبل اجتماع مجلس الشعب الصيني، لذا أخفى الأدلة المتزايدة على انتشار الفيروس بسرعة. ودعمت لجنة الصحة في ووهان عملية التستّر على الأدلة، وفقاً للأطباء.
حيث قال أحد الأطباء: "أغضبَنا ذلك كثيراً"، بينما قال آخر: "لو كانوا قد تعاملوا مع المسألة منذ البداية على أنها مسألةٌ علمية وليست سياسية، لكانت الأمور أكثر سهولة. ولكن حين تدخل السياسة في الأمر، لا يُهمهم شيءٌ آخر. فالسياسة لديهم تأتي أولاً وقبل كل شيء".
"مخاوف من موجة كورونا جديدة بالصين"
كانت الصين قد سجّلت -حتى يوم الإثنين 18 يناير/كانون الثاني 2021- أكثر من مئة إصابة جديدة بفيروس كورونا لليوم السادس على التوالي مع تزايد الإصابات في شمال شرقي البلاد، مما أثار المخاوف من موجة أخرى من التفشي عندما يسافر مئات الملايين في عطلة رأس السنة القمرية الصينية التي تحل بعد أقل من شهر.
إذ لفتت صحيفة جلوبال تايمز إلى أن 11 منطقة في ثلاثة أقاليم هي خبي، وهيلونغجيانغ، وجيلين، تفرض الآن إجراءات عزل عام، وتجري برامج فحص مكثفة.
اللجنة الوطنية للصحة ذكرت، في بيان، أنها سجلت 109 إصابات جديدة، الأحد 17 يناير/كانون الثاني 23021، وهو العدد نفسه المسجل في اليوم السابق.
من بين الإصابات الجديدة 93 حالة محلية، 54 منها في إقليم خبي المحيط بالعاصمة بكين. وسجّل إقليم جيلين بشمال شرقي البلاد رقماً قياسياً بلغ 30 إصابة، مما يشير إلى مخاطر ظهور بؤر عدوى جديدة.
فيما لا تزال الزيادات منخفضة كثيراً بالمقارنة بما شهدته البلاد في ذروة التفشي مطلع 2020، إلا أن المسؤولين قلقون من انتشار العدوى بسرعة على مستوى البلاد أثناء عطلات رأس السنة القمرية.
رغم فرض قيود على السفر، تتوقع شركة السكك الحديدية الصينية سفر 296 مليون راكب أثناء العطلات بالمقارنة مع 410 ملايين خلال العام 2019، وذلك على الرغم من أن شنغهاي، مثل مدن أخرى، تقدم حوافز مادية للعمال لإثنائهم عن السفر.
وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) قالت يوم السبت 16 يناير/كانون الثاني 2021، إن بكين ستبدأ في مطالبة القادمين من خارج البلاد بالخضوع للمتابعة الطبية لمدة سبعة أيام إضافية بعد 21 يوماً من الملاحظة الطبية.
جدير بالذكر أن العدد الإجمالي للإصابات بالفيروس في الصين وصل إلى 89336، في حين لا يزال عدد الوفيات ثابتاً عند 4635.