كشف السباق نحو استمالة استثمارات الشركات متعددة الجنسيات في منطقة الخليج العربي عن صراع جديد بين السعودية والإمارات، في ظل رغبة الرياض الكبيرة لاستقطاب رؤوس أموال جديدة تدخل في إطار السياسة الاقتصادية الجديدة للمملكة، وهو ما من شأنه أن يؤثر على الاستثمارات المتواجدة حالياً في الإمارات.
إذ نقلت وكالة Bloomberg الأمريكية، الثلاثاء 19 يناير/كانون الثاني 2021، عن مكتب أبوظبي للاستثمار تأكيده أنَّ الإمارات العربية المتحدة تستطيع الصمود أمام جهود المملكة العربية السعودية لإعادة رسم خريطة الشركات في الخليج من خلال جذب الشركات متعددة الجنسيات لنقل مقارها إلى الرياض.
المنافسة تشتعل بين دول الخليج
تشتعل المنافسة في أنحاء المنطقة بينما تستعد الحكومات الخليجية لعالم ما بعد الوباء، وتتسابق لتنويع اقتصاداتها لتقليل اعتمادها على النفط.
كان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد صرح بأنَّ فرص الاستثمار في المملكة ستصل إلى 6 تريليونات دولار على مدى العقد المقبل، نصفها يمثل مشروعات جديدة.
فيما ذكرت صحيفة The Financial Times هذا الشهر أنَّ أكبر اقتصاد في العالم العربي يقدم حوافز لإقناع الشركات متعددة الجنسيات في صناعات مثل تكنولوجيا المعلومات والتمويل والخدمات النفطية بنقل مقارها الإقليمية.
وكالة بلومبرغ أشارت إلى أن التحركات السعودية تهدد سيطرة دولة الإمارات على التجارة الإقليمية ومكانة دبي بوصفها معقلاً لجميع الشركات متعددة الجنسيات الكبيرة تقريباً التي لها وجود في المنطقة. وتعكف أبوظبي، موطن أحد أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، على تسريع وتيرة تعزيز بناء قطاع التكنولوجيا لديها والابتعاد عن الصناعات المتباطئة مثل العقارات والبناء.
الإمارات غير قلقة من المنافسة
رداً على سؤال حول مبادرة الجار الأكبر لدولة الإمارات، قال المدير العام لمكتب أبوظبي للاستثمار، طارق بن هندي، إنَّ بلاده وعاصمتها ليست في خطر فقدان "ميزتها التنافسية".
كما قال بن هندي: "الأمر كله يعتمد على المكانة التي تتمتع بها، وما الذي يمكنك تقديمه، وما هي التكلفة المباشرة مقابل التكلفة غير المباشرة. وفي الواقع، ما سيفعله ذلك (التحركات السعودية) هو أنه سيساعدنا على تعزيز ما لدينا بالفعل".
إذ يتولى مكتب أبوظبي للاستثمار، وهو كيان حكومي، مسؤولية جذب الاستثمارات لأغنى الملكيات السبع في الخليج، وهي الإمارات.
كما تنتشر أفرعه في 8 مدن في أنحاء أوروبا وآسيا والولايات المتحدة، ويعمل على مساعدة الشركات في صناعات مختارة رئيسية، التي تختار العمل في أبوظبي، في الحصول على دعم صناديق الثروة السيادية الإماراتية.
بل تقول إن هناك وافدين جدداً "كباراً"
قال بن هندي إنَّ مكتب أبوظبي للاستثمار تلقى اهتماماً كبيراً من الشركات العام الماضي، بما في ذلك "مؤسسات دولية كبرى"، التي تتطلع إلى التوسع أو العمل في المنطقة، على الرغم من جائحة فيروس كورونا المستجد. واستحوذت إسرائيل، التي طبَّعت العلاقات السياسية مع الإمارات العام الماضي، على قدر كبير من هذا التواصل.
مع توافر ملياري درهم (545 مليون دولار) للتخفيضات والمنح والحوافز الأخرى، يُعجل مكتب أبوظبي للاستثمار بحملته التي تستهدف جذب الشركات الأجنبية والشركات الناشئة من خلال توفير الوصول إلى السوق المحلية والمساعدة في فهمه.
أوضح بن هندي أنَّ التركيز ينصب في الغالب على الشركات في مجال التكنولوجيا المالية وتكنولوجيا المعلومات والتكنولوجيا الحيوية والرعاية الصحية. وأشار إلى أنَّ مكتب أبوظبي للاستثمار قد يتحمل بعض التكاليف للمساعدة في تسهيل "نقل المعرفة".
تابع بن هندي قائلاً إنَّ الشركات "تريد توسيع نطاق وصولها وتريد منا مساعدتها على التخلص من مخاطر هذا التوسع الأولي. وهذه هي الطريقة التي صُمِّم عليها برنامج عملنا".
فيما السعودية بدأت فعلاً في استقطاب الاستثمارات
من جهته، قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إن فرص الاستثمار بالمملكة تصل إلى ستة تريليونات دولار خلال السنوات العشر القادمة، نصفها مشاريع جديدة، حسبما ذكرته وكالة الأنباء السعودية نقلاً عن كلمة له أمام المنتدى الاقتصادي العالمي الأربعاء 14 يناير/كانون الثاني.
أضاف أن تمويل 85% من ذلك البرنامج الاقتصادي سيكون من صندوق الاستثمارات العامة والقطاع الخاص السعودي، والنسبة الباقية من خلال رأس المال الخليجي والعالمي، حسب ما ذكرته وكالة رويترز.
فيما قالت الحكومة السعودية الجمعة 16 يناير/كانون الثاني، إن شركة التكنولوجيا الصينية هواوي تعتزم افتتاح متجر رئيسي في الرياض، ليكون أكبر متجر من نوعه خارج الصين.
قال البيان إن هواوي وقعت اتفاقية مع كادن للاستثمار السعودية لافتتاح المتجر الذي سيسمح للشركة الصينية بالوصول للمستهلكين مباشرة في ظل تزايد الطلب على المنتجات والخدمات الرقمية في المملكة.
فيما قال بيان وزارة الاستثمار إن السعودية تتوقع زيادة استخدام الإنترنت في المملكة من تغطية 73.2% من السكان في 2017 إلى 82.6% في 2022.