على الرغم من المخاطر الأمنية والصحية التي تحيط بأمريكا، فإن الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن أصر على إجراء حفل تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة، في موعده المحدد يوم 20 يناير/كانون الثاني 2021.
لكن هذه المخاطر التي تمثلت في المخاوف الأمنية التي أعقبت اقتحام أنصار ترامب لمبنى الكونغرس، وانتشار فيروس كورونا، فرضت حفلاً غير اعتيادي لتنصيب الرئيس الـ46 للولايات المتحدة الذي يُعتبر يوماً تاريخياً في أمريكا، حيث ستُعقد معظم مراسم حفل تنصيب بايدن افتراضياً.
كيف سيبدو هذا اليوم؟
كان من المفترض أن يذهب الرئيس المنتخب جو بايدن إلى عاصمة البلاد بالطريقة نفسها التي يذهب إليها منذ عقود، عندما كان عضواً في مجلس الشيوخ، عن طريق قطار أمتراك، إلا أن المخاوف الأمنية دفعته للتراجع عن هذا الخيار.
حيث يشتهر بايدن بارتباطه بقطارات أمتراك، لأنه دأب على استخدامها في تنقلاته اليومية منذ 36 عاماً بين ويلمنغتون وواشنطن العاصمة، أثناء عمله عضواً في مجلس الشيوخ عن ولاية ديلاوير. وقدّرت شركة خطوط السكة الحديد أنه سافر 2.1 مليون ميل في قطاراتها.
كان ذلك من المظاهر الأساسية في حياة بايدن العامة، لدرجة أنه استقل قطار أمتراك للعودة إلى منزله في يومه الأخير نائباً للرئيس.
أما فيما يتعلق باللحظة الأهم في تاريخ أمريكا، وهي قَسَم الرئيس المنتخب، فإن بايدن لم يتراجع عنها، إذ أكد عزمه أداء اليمين على درجات مبنى الكونغرس. وأن هذا الجزء من الحفل سيسير كما هو مخطط له، رغم المخاوف من عودة مثيري الشغب المؤيدين لترامب إلى واشنطن يوم التنصيب.
وقال بايدن في وقت سابق: "لا أخشى أداء القسم في الخارج".
بعدها، سيضع بايدن ونائبته كامالا هاريس إكليلاً من الزهور ويتفقدان قوات الأمن في مبنى الكونغرس. وسينضم إليهما شريكاهما، جيل بايدن ودوغ إمهوف.
سيرافق بايدن وزوجته موكب رئاسي من الشارع الخامس عشر إلى البيت الأبيض بعد أداء بايدن اليمين في الجهة الغربية لمبنى الكونغرس. وسيضم هذا الموكب ممثلين عن كل فرع من فروع الجيش، من بينهم فرقة الجيش الأمريكي، وحرس الشرف، وحرس القائد العام والفرقة الموسيقية العسكرية من فرقة المشاة الأمريكية الثالثة "الحرس القديم".
إذن، ما المختلف هذا العام؟
لكن مراسم حفل تنصيب بايدن، والفعاليات التقليدية المصاحبة له، ستُعقد على نطاق محدود بسبب المخاطر الصحية التي تشكلها جائحة فيروس كورونا.
كما أن تذاكر حضور حفل أداء اليمين محدودة هذا العام؛ إذ أُزيلت منصات مشاهدة العرض بالقرب من البيت الأبيض للحد من التجمعات، وألغيت الحفلات الراقصة الافتتاحية، وينصح مسؤولو الصحة الناس بعدم السفر لحضور الحفل.
من جانبها، أعلنت لجنة حفل التنصيب الرئاسي أنه بدلاً من تجمع الآلاف في منتزه ناشونال مول لمشاهدة الاحتفال، سيُقام استعراض افتراضي يُبث على التلفزيون ليحل محل العرض التقليدي في شارع بنسلفانيا.
ويحتفي هذا الاستعراض بأبطال أمريكا، ويبرز دور الأمريكيين من جميع الأطياف في مختلف الولايات والمقاطعات، ويعكس تنوع البلاد وتراثها وصمودها، على حد قول منسقي حفل التنصيب.
كما ستُقام فعاليات افتراضية يوم التنصيب، وفقاً لموقع حفل تنصيب بايدن، تشبه شكل وأسلوب المؤتمر الوطني الديمقراطي الذي عُقد افتراضياً الصيف الماضي.
أما في عاصمة البلاد، فقد ألغيت زيارات نصب واشنطن؛ حيث قالت إدارة المتنزهات الوطنية إنها لم تتخذ قراراً بعد بشأن الإغلاق الكامل لمتنزه ناشونال مول، الذي يمتد على مساحة هائلة تقترب من 3 كيلومترات بين نصب لنكولن التذكاري في الطرف الغربي إلى مبنى الكونغرس في الطرف الشرقي.
كما تقرر إغلاق أكثر من 12 محطة مترو في عاصمة البلاد وإرسال ما يصل إلى 20 ألف جندي من الحرس الوطني إلى المدينة بحلول يوم الأربعاء.
شعار حفل تنصيب بايدن
أما شعار الحفل فسيكون تحت اسم "أمريكا متحدة"، وهي فكرة تستحوذ على تركيز بايدن منذ فترة طويلة، لكنها اكتسبت أهمية إضافية، خاصة بعد الأحداث الأخيرة التي شهدها الكونغرس، والاستقطاب الحاد الذي رافق الانتخابات الأخيرة.
وقالت لجنة حفل التنصيب الرئاسي، في تصريح حصري لوكالة أسوشيتد برس، إن هذا الشعار "يعكس بداية رحلة وطنية جديدة تعيد إلى أمريكا روحها، وتوحّد البلاد، وترسم طريقاً إلى مستقبل أكثر إشراقاً".
من سيحضر حفل التنصيب؟
في سابقة في تاريخ الولايات المتحدة، أعلن ترامب أنه لن يحضر حفل تنصيب بايدن، مخالفاً بذلك التقاليد المتبعة منذ أكثر من 150 عاماً. لكن نائب الرئيس مايك بنس أعلن عزمه الحضور.
من المتوقع أيضاً أن يكون من بين الحضور الرؤساء السابقون باراك أوباما، وجورج بوش الابن، وبيل كلينتون، وزوجاتهم ميشيل أوباما، ولورا بوش، وهيلاري كلينتون.
فيما أعلن الرئيس السابق جيمي كارتر (96 عاماً) امتناعه عن الحضور. وهي المرة الأولى التي يفوّت فيها حفل تنصيب منذ تنصيبه عام 1977.
تشديد الإجراءات الأمنية بعد اقتحام الكونغرس
بعد الاقتحام العنيف الذي نفذه مجموعة من الغوغاء لمبنى الكونغرس في خرق أمني قاتل، أعربت إدارة الخدمة السرية الأمريكية يوم الإثنين عن ثقتها في خطة شاملة لتأمين حفل التنصيب الرئاسي، واصفة إياها بأنها "خطة لا تقبل الفشل".
كما تعهد مايكل بلاتي، الضابط المشرف على خطة التأمين، بـ"حضور قوي…" لقوات إنفاذ القانون والحرس الوطني، فضلاً عن شبكة من الأسوار ونقاط التفتيش لصد التهديدات المحتملة.
من جانبه، حذر مكتب التحقيقات الفيدرالي السلطات من احتمال اندلاع مظاهرات مسلحة يوم التنصيب في واشنطن وعواصم الولايات، بحسب مسؤول مطلع.
كما مددت عمدة واشنطن موريل باوزر إعلان الطوارئ على مستوى المدينة خلال اليوم بعد التنصيب، موضحة أن "الدافع (من اقتحموا مبنى الكونغرس) سيظل قائماً".
يذكر أن موريل أيضاً طلبت من وزارة الداخلية، التي تشرف على إدارة المتنزهات الوطنية، إلغاء ورفض تصاريح التجمعات العامة حتى 24 يناير/كانون الثاني.
وكان ترامب قد أعلن يوم الإثنين حالة طوارئ استباقية في واشنطن لتنصيب خليفته، وهي خطوة ستمكّن المسؤولين المحليين من الاستعانة بشكل أسرع بالموارد الفيدرالية.