في ظل التوتر الذي انفجر منتصف العام الماضي، مع بكين على الحدود في منطقة "لاداخ"، حذَّر قائد الجيش الهندي الجنرال مانوج موكوند نارافان، الجمعة 15 يناير/كانون الثاني 2021، من اختبار صبر بلاده، في رسالة إلى خصومها، وفي مقدمتهم الصين.
حيث قال نارافان، في خطاب له أمام الجيش بالعاصمة نيودلهي بمناسبة عيد "يوم الجيش": "لا ننصح أحداً باختبار صبرنا؛ فمعنويات قواتنا في لاداخ أعلى من قمم الجبال التي تدافع عنها".
وفيما أشاد الجنرال نارافان بما وصفها بـ"التضحيات الكبرى" للجنود "الشجعان" في وادي جالوان، أكد أن بلاده "قادرة على الصمود على جبهة شرق لاداخ، لتحقيق الأهداف القومية مهما طال الزمن، في حال طال أمد المفاوضات مع بكين بهذا الشأن".
لكنه استدرك بالقول إن "نيودلهي ملتزمة بالبحث عن حل للأزمة الحدودية الهندية الصينية عبر الحوار الدبلوماسي والعسكري، من خلال المناقشات والجهود السياسية"، مؤكداً أن الجيش الهندي "اتخذ إجراءات سريعة عند خط السيطرة الفعلية" لتأمين الحدود، وقدّم "رداً مناسباً" على "مؤامرة" بكين لتغيير الحدود، وفق قوله.
يشار إلى أن "لاداخ" منطقة حدودية تقع في جبال الهيمالايا، وقد شهدت توتراً مع القوات الصينية، منتصف عام 2020، تطور إلى اشتباكات مسلحة أدت إلى مقتل العشرات على طرفي الحدود.
"الدبابات الهندية والصينية وجهاً لوجه"
في السياق ذاته، قالت صحيفة The Daily Mail، الجمعة 15 يناير/كانون الثاني 2021، نقلاً عن صورة نشرتها وسائل إعلام صينية، إن دبابات صينية وهندية اصطفت على بُعد أمتار فقط، بعضها في مواجهة بعض، عند حدود البلدين المتنازع عليها في منطقة الهيمالايا.
تُظهر الصورة عربات مدرعة مصطفةً بعضها في مواجهة بعض، إلى جانب معدات تخييم وقوات مرافقة على طول 3200 كيلومتر، في المنطقة ذاتها التي أسفر قتال يدوي بين قوات من البلدين فيها العام الماضي عن مقتل 20 جندياً هندياً.
الصحيفة البريطانية تقول إن الصورة نشرها "مدون عسكري" للمرة الأولى على موقع التواصل الاجتماعي الصيني "ويبو" Weibo، ثم نقلتها عنه بعض المواقع الإخبارية الموالية لبكين وهي تتباهى ببراعة دباباتها "تايب 15" المطورة حديثاً.
يُذكر أنه منذ اشتباك يونيو/حزيران 2020، الذي يُعد أول قتال يسفر عن قتلى من البلدين منذ 45 عاماً، عملت الصين والهند على تعزيز مواقعهما بشدة على جانبي منطقة لاداخ الهندية، ونشرتا آلاف الجنود في المنطقة.
كما أوردت صحيفة The Times of India الهندية، الإثنين 11 يناير/كانون الثاني 2021، أن الصينيين نقلوا نحو 10 آلاف جندي من قوات الاحتياط، للتمركز عند "خط السيطرة الفعلية" (LAC)، وهو الخط الذي رسمه طرفا النزاع بعد الحرب الصينية الهندية عام 1962.
وبحسب الصور، فإن هناك ما يصل إلى 25 دبابة صينية بالقرب من المواقع التي استولى عليها الجيش الهندي في أواخر أغسطس/آب الماضي. وليس من الواضح بعدُ عدد الدبابات التي صفّها الهنود رداً على ذلك.
كانت معركة وادي جالوان التي اندلعت بين قوات البلدين العام الماضي، قد أدت إلى سخط هندي، ودعوات إلى مقاطعة البضائع الصينية، واحتجاجات غاضبة في شوارع العاصمة الهندية نيودلهي.
جدير بالذكر أن الجانبين بدآ في صياغة خطةٍ لفك الاشتباك وسحب القوات وإنشاء مناطق حظر للدوريات في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، لكن يبدو أن المحادثات قد فشلت.
"جندي صيني ضل طريقه عبر الحدود"
في سياق آخر، ألقت القوات الهندية، الجمعة 8 يناير/كانون الثاني 2021، القبضَ على جندي صيني بعد أن ضل طريقه عبر الحدود.
حيث قال الجيش الهندي، في بيان: "يجري التعامل مع جندي جيش التحرير الشعبي الصيني وفقاً للإجراءات المنصوص عليها، ونحقق حالياً في الظروف التي عبر فيها منطقة السيطرة الفعلية".
على الجانب الآخر، زعم الجيش الصيني أن الجندي ضل طريقه في "الظلام والتضاريس المعقدة" للمنطقة، مؤكداً أنه أبلغ الهند بواقعة اختفاء الجندي قبل ذلك.
كما أضافت صحيفة عسكرية صينية أنه "يتعين على الهند الالتزام الصارم بالاتفاقيات ذات الصلة بين البلدين، وتسليم الشخص المفقود على وجه السرعة إلى الصين، والمساعدة في تهدئة الوضع الحدودي المتوتر بين الصين والهند".
كانت الصين قد احتجزت جندياً صينياً آخر لفترة وجيزة بالمنطقة نفسها في أكتوبر/تشرين الأول 2020.
رغم أن البلدين قد ورثا النزاعات الإقليمية من فترة الحكم الاستعماري البريطاني، فقد كان ثمة بروتوكول بينهما في ما يتعلق بتلك المنطقة، ويشمل اتفاقية لعدم استخدام الأسلحة النارية، غير أن هذه البروتوكولات تعطلت في اشتباكات هذا العام، على ما يبدو.
في سياق متصل، بدأت الصين تعزيز علاقاتها مع باكستان، خصم الهند اللدود، ودعمها في قضية كشمير.