قال رئيس البرلمان التونسي، راشد الغنوشي، الثلاثاء 12 يناير/كانون الثاني 2021، إن المشاكل والأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد أثرت سلباً في أكبر منجز حققته الثورة التونسية، وهو الحرية.
جاء ذلك خلال ندوة في العاصمة تونس، نظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومركز الدراسات الاستراتيجية والدبلوماسية (أهلي)، بمناسبة مرور 10 سنوات على الثورة الشعبية، التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي.
احتقان سياسي واحتجاجات اجتماعية
فسر الغنوشي ذلك بأن الشعب لم يعُد يهتم بهذا المنجز (الحرية)، وأصبح لا يريد سوى المنجزات الاقتصادية والاجتماعية، التي لم تعُد تستطيع الدولة تحقيقها نظراً لأوضاعها المتأزمة.
إذ تعيش تونس منذ فترة على وقع احتقان سياسي واجتماعي واحتجاجات في محافظات عديدة، للمطالبة بتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.
تابع الغنوشي قائلاً: "ليس سهلاً الاحتفاظ بشعلة الثورة إلى حد الآن، رغم العواصف في العالم العربي ورغم المناخ العربي وحرياته المتراجعة"، وأضاف: "نحتفي اليوم بالثورة، لأنها حررتنا واستأصلت الاستبداد، وأطاحت بنظام قمعي".
رأى راشد الغنوشي، رئيس حركة "النهضة" (إسلامية) صاحبة أكبر كتلة برلمانية، أن المجتمع التونسي أصبح أقوى من الدولة، نظراً لأن المطلبية الاجتماعية أصبحت مرتفعة.
كما أردف أن التعويل والاتكال على الدولة أصبح يرهقها، ولا بد أن تخفف على نفسها، ومن غير المعقول أن تواصل في نفس منهجها، باعتبارها هي الراعية التي تعلِّم وتطبِّب (الرعاية الصحية) وتوفر وسائل النقل وتشغل (توفر فرص العمل).
راشد الغنوشي: خطأ الدولة في نظامها الرئاسي البرلماني
قال راشد الغنوشي إن خطأ الدولة هو نظامها الرئاسي البرلماني المزدوج، كما أن عدم وضعها لنظام برلماني كامل تسبب في صعوبة حقيقية في إدارة السلطة.
فيما قال مهدي مبروك، وزير الثقافة الأسبق، أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية: "بعد مرور 10 سنوات على الثورة، برزت حالة انفصام حادة بين الدولة والمجتمع".
تابع مبروك، خلال الندوة: "وبدت الدولة عاجزة وضعيفة في مواجهتها (حالة الانفصام)، إثر المطلبية الاجتماعية التي اجتاحت البلاد في السنوات السابقة، والتي لم تتوقف".
أضاف أن بعض الوهن اعترى الدولة في السنوات الأخيرة، حتى الطبقة الوسطى لم تعد تستطيع احتضانها، علاوة على فقدانها القدرة على بسط نفوذها في ظل بروز فئات تحتج بشكل يعطل مصالح الدولة ويعطل مناطق الإنتاج. ودعا إلى تجديد مواد بناء الدولة، لإنجاح مسار الانتقال الديمقراطي.
رغم أزمات داخلية عديدة، يُنظر إلى تونس على أنها التجربة الديمقراطية الوحيدة الناجحة بين دول عربية شهدت ما باتت تُسمى بـ"ثورات الربيع العربي"، ومنها مصر وليبيا واليمن.