يواجه 355 مشتبهاً به من رجال العصابات ورجال السياسة الفاسدين العدالة الإيطالية في أكبر محاكمة جماعية بإيطاليا منذ 30 عاماً، من المحتمل أن تكشف عن الأنشطة الداخلية لأغنى مافيا إيطالية وأكثرها سرية، إذ تم تحويل مركز اتصالات ضخم في كالابريا إلى قاعة محكمة، لمحاكمة الأعضاء المزعومين في مافيا ندرانجيتا، وهو يتسع لما يقرب من 1000 محامٍ وقاضٍ ومدعٍ عامٍّ وشاهد، كما أن المتهمين سيُحبسون في أقفاص.
حسب تقرير لصحيفة The Times البريطانية، الإثنين 11 يناير/كانون الثاني 2020، فإنه من المقرر أن يدلي أكثر من 900 شاهد بشهاداتهم في هذه المحاكمة، التي ستبدأ يوم الأربعاء 13 يناير/كانون الثاني، وسيعرض المحققون 24 ألف مكالمة هاتفية ومحادثات مسجلة، لدعم تهم القتل والابتزاز وتجارة المخدرات.
الأهم من "باليرمو"
نيكولا غراتيري، المدعي العام البارز الذي يحارب مافيا ندرانجيتا، والذي أمر باعتقالات المتهمين عام 2019 في إيطاليا وألمانيا وسويسرا وبلغاريا والتي أفضت إلى المحاكمة، يقول: "هذه أهم المحاكمات الكبرى منذ محاكمة باليرمو".
حيث تمثل هذه المحاكمة ضربة موجعة لمافيا كالابريا، التي يقدَّر حجم تجارتها بين نحو 48 مليار دولار و61 مليار دولار، وتستغل روابطها القوية مع عصابات المخدرات في أمريكا اللاتينية لاستيراد الكوكايين عبر موانئ مثل روتردام والعصابات الألبانية والتركية، لنقله إلى السوق.
وستركز المحاكمة على نشاط المافيا في مقاطعة فيبو فالينتيا، وهي منطقة تهيمن عليها عشيرة مانكوسو، إحدى أقوى العشائر في الاتحاد الذي تتألف منه مافيا ندرانجيتا. وقال أنطونيو نيكاسو، خبير المافيا الذي شارك غراتيري في تأليف بعض الكتب: "هم عنيفون جداً لكنهم منظمون للغاية وتربطهم شبكة اتصالات عالمية".
شخصيات وازنة في المحاكمة
نالت عائلة مانكوسو، التي كانت تعمل بالأصل في تربية الماشية، شهرتها بعدما بدأ محجر كانت تملكه في توفير الحجارة لتطوير ميناء الشحن جيويا تاورو في كالابريا بالتسعينيات. وقال نيكاسو، إن المحاكمة ستُظهر كيف تطورت هذه العائلة لتصبح مكافئة لعشائر قوية من ريجيو كالابريا في الجنوب. وأضاف: "ورقة الشجر لا تتحرك في فيبو فالنتيا دون موافقة أفراد عشيرة مانكوسو".
من بين المعتقلين سيناتور سابق وقائد شرطة ومحامون ومستشارون ورجال أعمال محليون؛ للاشتباه في تواطؤهم مع المافيا. يقول غراتيري (62 عاماً): "هذه مافيا تشبهنا وأقرب إلينا بدرجة لم يسبقها مثيل". ولدى غراتيري خبرة كبيرة بعقلية عصابات المافيا وذلك بفضل نشأته في كالابريا، حيث قُتل زملاؤه بالمدرسة في نزاعات دموية ولَعِب كرة القدم مع صديقٍ حاكَمه فيما بعد، بتهمة انضمامه إلى المافيا.
ومن أكبر العقبات التي يواجهها روابط الدم التي تحدد أعضاء ندرانجيتا، وهو ما يعني ندرة المنشقين. لكن بعض الثغرات تظهر. إذ ساعد إيمانويل مانكوسو، نجل أحد زعماء العشيرة الذي كان ينقل أسرار عشيرته إلى الشرطة بعد قبول حمايتها، في الإمساك بأفراد العائلة.