تتجه أنظار المنطقة العربية إلى القمة الخليجية، الثلاثاء 5 يناير/كانون الثاني 2021، في السعودية، والتي تأتي بعد ساعات من الإعلان عن الاتفاق الخليجي لإنهاء خلاف استمر 3 سنوات، بيد أن الوصول إلى المصالحة واجهته تحديات، وأسئلة عن شكل العلاقات المقبلة، وفقاً لما كشفه مسؤولون أمريكيون عن كواليس المصالحة.
أولى بوادر الانفراجة في الأزمة الخليجية بين قطر من جهة، والسعودية والإمارات والبحرين، إضافة إلى مصر من جهة أخرى، جاءت مع إعلان الكويت، التي تلعب دور الوساطة، اتفاقاً بين قطر والرياض يقضي بإعادة فتح الحدود والأجواء بينهما.
تلا هذه الخطوة إعلان قطر حضور أميرها، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، للقمة الخليجية في مدينة العلا شمال غربي السعودية، بعد غياب أكثر من مرة عن نظيراتها.
على ماذا تضمن الاتفاق الخليجي؟
حتى الآن لا توجد تأكيدات رسمية من أطراف الخلاف تتضمن ما تم الاتفاق عليه لتحقيق المصالحة الخليجية، لكن مسؤولين أمريكيين تحدثوا لصحف أمريكية عن كواليس الاتفاق الخليجي.
أحد المسؤولين قال لصحيفة Washington Post – دون أن تذكر اسمه – إن السعودية وحلفاءها وافقوا على التخلي عن قائمة الـ13 شرطاً، التي قدموها لقطر في بداية الأزمة عام 2017، والتي كان من بين ما تضمنته إغلاق قناة "الجزيرة" وتقليص تعاون قطر مع إيران.
كانت قطر قد رفضت مراراً الشروط الـ 13 واعتبرت أنها تمس القرار السيادي للدولة.
في المقابل، أشار المصدر للصحيفة الأمريكية إلى أن قطر وافقت على تجميد الدعاوى القضائية التي رفعتها الدوحة ضد دول الحصار، سواء الدعاوى المرفوعة في منظمة التجارة العالمية، وحتى في مؤسسات أخرى.
من جهته، قال مسؤول كبير في إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، لصحيفة The New York Times، والذي تحدث شريطة إخفاء هويته، إن المزيد من الخطوات سوف تتُخذ لفتح الحدود أيضاً بين قطر والإمارات والبحرين، لافتاً إلى أنه من المتوقع أن يتم الإعلان عن ذلك اليوم الثلاثاء.
كذلك أشار المسؤول في إدارة ترامب إلى أن قطر وافقت على إسقاط الدعاوى القضائية، بما فيها القضية المرفوعة في محكمة العدل الدولية، والتي تقول الدوحة من خلالها إن الحصار المفروض عليها يرقى إلى التمييز ضد سكان البلاد.
لا اتفاق كامل
لكن الشكل النهائي للاتفاق والذي يخضع للنقاش طيلة أشهر عدة، ما يزال في تغير مستمر، إذ نقلت صحيفة Wall Street Journal الأمريكية عن مسؤول أمريكي قوله، إن "الاتفاق بين السعودية وقطر ليس مثالياً لكن ما يظهره هو أن الأطراف تعتقد أنها ستكسب أكثر من إنهاء هذه الازمة بالمقارنة مع تركها دون حل إلى ما بعد إدارة ترامب".
مصادر خليجية قالت من جانبها لوكالة الأنباء الفرنسية إن اجتماعات قمة الخليج قد تثمر عن إطلاق حوار واتخاذ خطوات لبناء الثقة مثل فتح المجال الجوي، إلا أن الاتفاق الشامل لإعادة العلاقات إلى طبيعتها ليس جاهزاً بعد.
كذلك رأى المحلل المتخصص في الشرق الأوسط، مايكل ستفينز، أن "هناك مزيداً من العمل يتعين القيام به من أجل سد الانقسامات العميقة بين قطر وخصومها الإقليميين"، وقال: "لا أعتقد أنه تم الاتفاق على أي شيء. هذه أخبار إيجابية. وخطوة كبيرة وخطوة أولى مهمة".
في هذا السياق، ذكرت صحيفة Washington Post نقلاً عن شخص قالت إنه مطلع على المفاوضات، قوله إن الإمارات والسعودية اختلفتا حيال ما إذا كان ينبغي إنهاء مقاطعة قطر، مشيراً إلى أن أبوظبي قاومت تنفيذ هذه الخطوة، لكن السعودية أرادت إنهاء الحصار، وعدم ترك الأزمة مع دخول تسلم بايدن لرئاسة الولايات المتحدة.
كانت أمريكا قد لعبت إلى جانب الكويت دوراً في الوساطة للتوصل إلى الاتفاق الخليجي، ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول أمريكي قوله إن جاريد كوشنر، كبير مستشاري البيت الأبيض، الذي كلفه ترامب بالعمل على حل الخلاف، ساعد في التفاوض على الاتفاق، وظل يجري اتصالات هاتفية من أجل ذلك حتى الساعات الأولى من صباح أمس الإثنين.
وسيتوجه كوشنر إلى مدينة العلا السعودية برفقة مبعوث الشرق الأوسط آفي بيركوفيتش وبرايان هوك المستشار الخاص لوزارة الخارجية الأمريكية لحضور مراسم الاتفاق.
يُذكر أن الأزمة بين قطر والدول الخليجية الثلاث إلى جانب مصر، بدأت في عام 2017، حيث فرضت الدول الأربع حصاراً برياً وجوياً وبحرياً على قطر، بزعم دعمها للإرهاب، وهو نفته الدوحة مراراً، واعتبرته "محاولة للنيل من سيادتها وقرارها المستقل".