قال محللون إن دعم الخليج للبنان في الخروج من أزمته بدأ يتضاءل، مُرجحين أن تعالج دبلوماسية فرنسا وإدارة الأمريكي المنتخب جو بايدن المقبلة بفاعلية أزمة لبنان الاقتصادية والسياسية الطاحنة.
إذ وصف إميل الحكيم، الزميل البارز لشؤون الشرق الأوسط الأمنية في معهد London's International Institute for Strategic Studies، الاستثمارات المالية والسياسية الخليجية السابقة في لبنان بأنها "مُكلّفة ومرهقة" ولا تُحقّق نتيجةً أو فائدةً واضحة.
وبدلاً من ذلك، قال الحكيم، في تصريحات نقلتها شبكة Voice of America الأمريكية، إنّ الساسة اللبنانيين "استغلوا تلك العلاقات لتحقيق مكاسب محلية"، منوهاً إلى لبنان لا يجب أن يتوقّع دعماً من دول الخليج في إنقاذه من أزماته الطاحنة.
حيث يُدرك الناس في السعودية وغيرها، أن الدولة اللبنانية وعائلة الحريري لا تستطيعان فعل الكثير حيال دعم حزب الله مثلاً للحوثيين في اليمن، وهذا أمر يضرب في قلب الأمن القومي الخليجي، يضيف الحكيم الذي أكد أنه يُنظر إلى لبنان بشكلٍ متزايد على أنها مصدر تهديدٍ للدول الخليجية، بسبب حزب الله وافتراض رغبته في التلاعب والاستفزاز أو التجسس لصالح الإيرانيين.
وكانت المواهب اللبنانية، وفقاً للحكيم، "محورية في تنمية الدول الخليجية في الماضي، لكن الحال لم يعد كذلك؛ فهناك اختلاف أجيال في التصور بين قادة الخليج الشباب وكبار السن، مثل ولي العهد محمد بن سلمان الذي قال إن لديه أولويات أخرى لبلاده وللمنطقة".
لكن رئيس معهد Middle East Institute في واشنطن، بول سالم، قال إنه يعتقد أن دبلوماسية فرنسا وإدارة بايدن المقبلة في الولايات المتحدة قد تعالج بفاعلية أزمة لبنان الاقتصادية والسياسية الطاحنة، بعيداً عن استخدام العقوبات لفرض الضغوط على ساسة البلاد من أجل إحداث التغيير.
كما توقع سالم الكثير من التعاون الفرنسي-الأمريكي، داعياً إلى ضمان التنسيق بين الأوروبيين والأمريكيين، إلى جانب ضرورة إعادة بعض الدول الخليجية الكبرى إلى الساحة، مضيفاً: "يجب أن نتوصّل إلى آلية ناجحة وهو أمر مستحيل بدون الخليج".
"كورونا" واحتجاجات لا تتوقف بلبنان
ولا يزال لبنان يعيش تفاعلات "ثورة" 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، في ظل استمرار أزمتين اقتصادية وسياسية، فلا يمر أسبوع إلا ويشهد البلد تحركات احتجاجية.
وزادت تداعيات جائحة "كورونا" الوضع سوءاً في بلد يعاني بالأساس من أسوأ أزمة اقتصادية منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975: 1990)، فضلاً عن استقطاب سياسي حاد يحول، منذ شهور، دون تشكيل حكومة جديدة.
وقبل أيام، حذر الممثل الخاص للأمم المتحدة في لبنان، يان كوبيتش، من واقع لبنان السياسي والاقتصادي وانتظار القادة في بيروت مجيء الرئيس الأمريكي جو بايدن، مؤكداً أن "النظام الاقتصادي والمالي المصرفي في حالة من الفوضى".
وتشير أرقام المعهد اللبناني لدراسات السوق (خاص) أن خسائر المصرف المركزي بلغت 40 مليار دولار، منها 20 ملياراً خسرها بين عامي 2018 و2020.
ووفق بيانات صندوق النقد الدولي، فإن الناتج المحلي الذي وصل 53 مليار دولار في 2019، من المتوقع أن ينخفض بشكل غير مسبوق إلى 18 ملياراً مع نهاية 2020.
أما الدين العام، فبلغ حتى نهاية سبتمبر/أيلول 2020 نحو 95 مليار دولار، بحسب أرقام الدولية للمعلومات (شركة خاصة).