أثارت حادثة مقتل امرأة بأيدي الحوثيين، أمام أطفالها وسط اليمن، غضباً واسعاً في البلاد، وتحولت الواقعة إلى قضية رأي عام، وسط سخط شعبي كبير.
إذ قُتلت اليمنية أحلام العشاري، الخميس 24 ديسمبر/كانون الأول 2020، بعد الاعتداء عليها بأعقاب البنادق من قِبل مسلحين حوثيين اقتحموا منزلها في مديرية العدين بمحافظة إب، الواقعة تحت سيطرة الجماعة منذ ست سنوات، وفق مصادر حقوقية وإعلام محلي.
جريمة قتل بشعة لسيدة أمام طفليها
قالت منظمة "سام" للحقوق والحريات (أهلية مقرها جنيف)، في بيان، الجمعة 25 ديسمبر/كانون الأول، إن العشاري (25 عاماً)، قُتلت فجر الخميس، في منزلها وبين طفليها، بعد الاعتداء عليها بوحشية مفرطة من قِبل قوات حوثية، يقودها العقيد شاكر الشبيبي، الملقب بـ"أبو بشار".
أضافت المنظمة، أن "اقتحام منزل العشاري جاء بحثاً عن زوجها"، دون توضيحات لأسباب ذلك، لكن يُعتقد أنه معارض للجماعة، التي سبق أن اقتحمت العديد من المنازل بحثاً عن معارضين.
كما أوضحت أن "ميليشيا الحوثي أطلقت يد مسلحيها لارتكاب أسوأ انتهاكات حقوق الإنسان ضد المدنيين، على رأسهم الفئات الأشد ضعفاً كالنساء والأطفال، وسط عجز مجتمعي داخلي عن إيقاف هذه الانتهاكات، وصمت دولي مستمر".
كما أدان المركز الأمريكي للعدالة (ACJ)، جريمة مقتل السيدة اليمنية على يد قيادي حوثي عينته المليشيا الحوثي مديرا لأمن المديرية، واعتبر المركز – في بيان له مقتل أحلام العشاري ومداهمة منزلها "انتهاك صارخ لحق الإنسان في الحياة وانتهاك لحرمة السكن".
بحسب البيان قام المذكورون بمداهمة منزل المواطنة أحلام بحجة البحث عن زوجها الذي تطلبه الأجهزة الأمنية في قضية جنائية وقاموا بالاعتداء عليها ضربا وتعذيبا أمام أطفالها نقلت بعد ذلك للمستشفى وتبين أنها قد فارقت الحياة.
ودعا المركز إلى تحقيق قضائي عاجل نزيه وشفاف وبعيد عن أي تدخلات من خارج الهيئة القضائية وسرعة إحالة الجناة للقضاء ومحاسبتهم وإنزال العقوبة المقررة في القانون.
طفلان يبكيان على جثمان القتيلة
جذبت الحادثة انتباه الرأي العام بشكل واسع، بعدما نشر نشطاء، صورةً لاثنين من أطفال العشاري، وهما يبكيان ويضعان رأسيهما على جثمان والدتهما القتيلة.
فقد نشر النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وَسمَي "الحوثي يقتل النساء في إب"، و"أحلام العشاري".
فيما نددت منظمات دولية حقوقية بحادثة القتل، بينها منظمة "رايتس رادار" للحقوق والحريات (أهلية، مقرها هولندا)، والمركز الأمريكي للعدالة (حقوقي، مقره الولايات المتحدة).
كما طالب نشطاء بضرورة الانتصار لقضية العشاري، مناشدين الحكومة الشرعية وأهالي إب، العمل على تحرير المحافظة من الحوثيين.
إذ قال الناشط الإعلامي محمد التويجي، لـ"الأناضول"، إن "العشاري شهيدة الكرامة اليمنية المستباحة بطول البلاد وعرضها".
وأضاف التويجي: "لا خيار أمام اليمنيين لاستعادة حياتهم وكرامتهم إلا بتوحيد الكلمة والبندقية ضد ميليشيا الحوثي الإرهابية التي انتهكت كل شرائع السماء وقوانين الأرض وآدمية الإنسان".
بدورها، تساءلت أمة السلام الحاج، رئيسة رابطة أمهات المختطفين اليمنية (أهلية نسوية)، في تغريدة على تويتر: "إلى متى هذا الإجرام الذي يرتكبه الحوثي؟". وأردفت: "في السجون يُقتل الأبناء، وفي البيوت تقتل الأمهات (..) قتل الأم (العشاري) أمام أولادها جريمة ضد الإنسانية".
لا سلام دون مقاومة الحوثي
مقتل العشاري أدى إلى استهجان من قِبل الحكومة اليمنية، التي نددت عبر عدد من مسؤوليها بالواقعة، داعيةً إلى التوحد "ضد جرائم الحوثيين".
قال رئيس الحكومة معين عبدالملك، مغرداً: "قتل الحوثيين الشهيدة أحلام العشاري في منزلها وأمام أطفالها جريمة بشعة تعبّر بوضوح عن حقيقة هذه الميليشيا العنصرية".
كما اتهم عبدالملك جماعة الحوثي بأنها "استباحت دماء اليمنيين الأبرياء، وفجرت بيوتهم، واعتدت على حرماتهم وأعراضهم".
وشدد بالقول: "لا يمكننا كيمنيين بغير مقاومة هذه الجماعة المجرمة وهزيمتها، أن نجد السلام، وأن نحفظ الكرامة".
من جانبه، قال وزير الإعلام والثقافة معمر الإرياني، في تصريح صحفي، إن "هذه الجريمة التي هزّت الرأي العام تكشف إرهاب ميليشيا الحوثي".
واستطرد: "كما تنصَّلت (الجماعة) من تعاليم ديننا الإسلامي والعادات والتقاليد اليمنية، والقيم والاعتبارات الإنسانية والأخلاقية، والمعاناة التي يقاسيها المواطنون في مناطق سيطرتها".
بينما لم يصدر أي تعليق رسمي من قِبل الحوثيين حيال الحادثة حتى الـ17:25 (ت.غ)، لكن الجماعة سبق أن أكدت التزامها باحترام حقوق الإنسان.
تخضع إب، إحدى أكثر المحافظات اليمنية سكاناً، لسيطرة الحوثيين، منذ نهاية عام 2014.
فيما يشهد اليمن حرباً منذ أكثر من ست سنوات، أودت بحياة 233 ألف شخص، وبات 80% من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات للبقاء أحياء، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.