أصبحت أشجار أعياد الميلاد وأنوار الزينة بألوانها المختلفة تُباع في محلات الهدايا في العاصمة السعودية الرياض، في مشهد كان من الصعب حتى تخيله قبل سنوات في السعودية، المملكة المحافظة، وهو الأمر الذي وصفته وكالة الأنباء الفرنسية "أ.ف.ب" بأنها مؤشرات "الانفتاح" التي تظهر بجلاء في الفضاءات العامة السعودية، في ظل "الإصلاحات" التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
بحسب ما جاء في تقرير للوكالة، الثلاثاء 22 ديسمبر/كانون الأول 2020، فإنه في السنوات الأخيرة بدأت هذه المبيعات بالظهور تدريجياً في المملكة، في بادرة لتخفيف القيود الاجتماعية، بعدما تعهد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بقيادة مملكة "معتدلة ومتحررة" من الأفكار المتشددة.
لم يكن ممكناً تصوره
في تصريح للوكالة الفرنسية للأنباء، قال أحد سكان الرياض، الذي رفض الكشف عن اسمه "لم أتخيل أبداً أن أرى هذا" في السعودية، موضحاً "أنا مذهول".
بدورها، قالت "مريم" في حديث لها مع قناة "فرانس 24" الفرنسية، وهي تونسية مقيمة في السعودية رفضت الكشف عن اسمها "منذ ثلاث سنوات تقريباً، ومنذ سُمح للنساء بقيادة السيارة في السعودية بدأنا نشاهد مظاهر الانفتاح في الفضاءات العامة في السعودية".
المتحدثة ذاتها أضافت قائلة: "أنا أسكن في المدينة، باتت المحلات اليوم تبيع أشجار وزينة أعياد الميلاد وأزياء بابا نويل… وإن كانت بعض العائلات تحتفل في السر سابقاً فإنها اليوم أصبحت تحتفل علناً ولا شيء يمنعهم".
يأتي هذا في وقت يعرف فيه الجميع أن المملكة تحظر ممارسة أي شعائر دينية على أراضيها غير الشعائر الإسلامية.
بالإضافة إلى أشجار عيد الميلاد يبيع متجر الهدايا زيّ بابا نويل والأضواء وغيرها، وهو أمر ظلَّ محظوراً في بلاد تتبع المذهب الوهابي منذ عقود.
انفتاح سعودي
قبل نحو ثلاث سنوات لم يكن من الممكن تصوّر بيع هذه البضائع بشكل علني في السعودية، غير أن المملكة قامت بإنهاء ما كان يُعرف بـ"هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" التي كانت بمثابة شرطة دينية في البلاد.
من جهته، يؤكد مدير المتجر الذي يبيع زينة عيد الميلاد في الرياض الذي عرف عن نفسه فقط باسم عمر، أنه قام أيضاً ببيع أزياء تنكرية في السابق بمناسبة عيد الهالوين.
أما مريم فإنها تعلق قائلة "صار هناك اختلاط في المطاعم وفي مواقع العمل، فُتحت دور سينما".
احتفالات في السر
حسب ما ذكره تقرير للوكالة نفسها، فإنه على مدار عقود كان الناس يقومون بشراء المواد الخاصة بعيد الميلاد بشكل سري تقريباً، بينما كان المسيحيون من الفلبين ولبنان وغيرها من الدول يحتفلون بعيد الميلاد خلف الأبواب المغلقة أو في المناطق التي يقيم بها الأجانب.
وتقول ماري لوكالة الأنباء الفرنسية وهي لبنانية مقيمة في الرياض، إنه في السابق "كان من الصعب للغاية العثور على مواد مشابهة" خاصة بعيد الميلاد في المملكة. وتابعت "اعتاد العديد من أصدقائي على شرائها من لبنان أو سوريا، ثم إدخالها سراً إلى البلاد".
وأجرى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان "إصلاحات" في السعودية سُمح بموجبها بإقامة الحفلات الموسيقية، وإعادة فتح دور السينما، وسُمح للمرأة بقيادة السيارة في إطار مشروعه لتحديث المملكة.
إلا أن المملكة لا تزال محط انتقادات واسعة من المنظمات الحقوقية الدولية جراء أوضاع الحريات في البلاد وعلى رأسها حرية التعبير.