كشف تقرير نشرته وكالة Bloomberg الأمريكية، الإثنين 21 ديسمبر/كانون اﻷول 2020 ، إن المصرفي الشهير ديفيد رولاند، صاحب بنك هافيلاند والذي استفاد من علاقته بالأمير البريطاني أندرو، له علاقة أيضاً بفرد ملكي آخر يقيم في الشرق الأوسط ومعروف باسم "المدير".
الملفات التي وصلت إليها بلومبيرغ الأمريكية والتي خرجت من البنك الشهير، توضح كيف قدّم البنك خدمات لا توصف لـ"المدير"، وكشفت المستندات هوية المدير وهو ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، الحاكم الفعلي للإمارات.
حيث تضمنت تلك الخدمات التي كشفتها الوثائق المسربة، إتمام صفقات في زيمبابوي وتأسيس شركات لشراء صور اللاعبين وتملك الحق في نشرها بملعب مانشستر سيتي المملوك لأبوظبي.
ولي العهد الإماراتي استخدم بنكاً أوروبياً لمهاجمة الاقتصاد القطري
لكن التقرير الذي نشرته بلومبيرغ يقول إن أكثر تلك الخدمات "وقاحة"، على حد وصف التقرير، هي تلك الخطة التي يعود تاريخها إلى عام 2017، والتي رتَّبها البنك من أجل شن هجوم كبير على أسواق المال القطرية، وذلك بعد فرض حصار خليجي مصري على الدوحة، حيث كشف واحدٌ من التقارير المدرجة في العرض التقديمي الذي أعدّه مُحلّلٌ سابق ببنك هافيلاند، أن المصرف دعا الإمارات إلى تنظيم هجومٍ منسّق لاستنزاف احتياطيات النقد الأجنبي القطرية وإفقار الحكومة.
كذلك فقد بعث أحد أبناء صاحب المصرف، السيد ديفيد رولاند، الذي يمارس عمله ككبير المسؤولين التنفيذيين في البنك الذي يتخذ من بلوكسمبورغ مقراً له، بالخطة إلى ويل تريكس الذي تخلّى عن وظيفته في جهاز الاستخبارات الأجنبية البريطاني (إم آي 6) ليعمل مستشاراً لمحمد بن زايد.
العميل السابق في الاستخبارات البريطانية تريكس، الذي كان بمثابة وسيط آل رولاند، كان يتلقى أجراً بصفته من مقاولي بنك هافيلاند، حيث تم إرسال التقرير التقديمي إلى بريد سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة، الذي خزّنه على حاسوبه تحت عنوان "رولاند بنك هافيلاند".
تسريب خطة الهجوم على قطر
في المقابل استطاع مخترقون العثور على التقرير الخاص بالهجوم على قطر ، ثم قاموا بتسريب التقرير والخطة إلى موقع The Intercept الأمريكي، الذي قام بالنشر عنها في عام 2017، لكن في عام 2019 قامت قطر بمقاضاة بنك هافيلاند في لندن، متهمةً إياه بتنظيم حملة كلّفت البلاد أكثر من 40 مليار دولار، في دعم المصارف وحماية عملتها المرتبطة بالدولار الأمريكي. وفي حين لفتت القضية انتباه وسائل الإعلام، لم يسبق من قبلُ الإبلاغ عن حجم العمل الذي أدّاه بنك هافيلاند نيابةً عن محمد بن زايد، فضلاً عن دور تريكس.
في المقابل تجدر الإشارة إلى أن بنك هافيلاند لم يكن مجرد مؤسسة مالية اعتيادية، حيث تخصص في أنشطة يُحجم البعض عن الانغماس فيها، كما أظهرت الوثائق ورسائل البريد الإلكتروني، حيث كشف المخترقون قائمة بعملاء البنك المختلسين والمشاركين في بُؤر الفساد مثل نيجيريا وأذربيجان، فضلاً عن أنشطة قام بها أصحاب البنك في دولٍ فُرضت عليها العقوبات مثل كوريا الشمالية وزيمبابوي.
لكن حين أراد محمد بن زايد أن يدخل سوق التجارة بجنوب إفريقيا في عام 2011، قام بالتنسيق مع العميل السابق في الاستخبارات البريطانية تريكس ورولاند؛ من أجل العثور على مصادر الاستثمار المحتمل، وفقاً للوثائق ورسائل البريد الإلكتروني.
حيث استطاعوا الوصول إلى مكان وهو زيمبابوي، لتكون مركز المنطقة، ولكن واجهتهم مشكلة، حيث كانت زيمبابوي خاضعة لعقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لكن عميل الاستخبارات البريطانية تريكس قدم نصائح تخص إنشاء صندوق ائتمان لصفقات زيمبابوي في أبوظبي؛ لإخفاء هوية المستثمرين بعيداً عن أعين وزارة الخزانة الأمريكية .
استثمارات بـ200 مليون دولار
التقرير قال إن آل رولاند ناقشوا أثناء رحلتهم على هراري ضخ استثمارات بقيمة 200 مليون دولار، مع وزير التعدين في البلاد أوبيرت إمبوفو وفقاً للوثائق، رغم أن الاتحاد الأوروبي جمّد أصوله وحظر تأشيرته.
في المقابل فإن التقرير الذي كتبه عميل الاستخبارات البريطانية الأسبق تريكس تطرق إلى الشائعات حول كون الوزير من "الفاسدين". وبعد الرحلة، بعث ديفيد رولاند بمذكرة إلى إمبوفو يُخبره فيها بأنّه "تشجّع بفضل فرص الاستثمار المتاحة في زيمبابوي، وإمكانية قيام الإمارات وآل رولاند بتوقيع اتفاقيات تعاون ثنائي حكومية قوية في قطاع التعدين".
فضلاً عن ذلك ووفقاً للتقارير المسربة، فقد استطاع رونالد دعم منظمة هيومن رايتس ووتش بمبلغ مليوني دولار في أعقاب انتقاد المنظمة للإمارات عام 2011، بسبب اعتقال ومضايقة النشطاء -ومن بينهم أحمد منصور عضو المنظمة- إبان ثورات الربيع العربي.
حيث قامت منظمة 66 Humanitarian Foundation التي أسّسها رولاند، بتقديم الدعم المالي، في المقابل جرى انتخاب غراهام روبيسون، رئيس بنك هافيلاند السابق، لعضوية مجلس إدارة رايتس ووتش عام 2012. كما جرى تعيينه في اللجنة الاستشارية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمنظمة الحقوقية.
في المقابل فقد أرسل روبيسون بعد انضمامه إلى مجلس الإدارة، رسالة إلى جوناثان رولاند وطلب منه تسليمها إلى والده: "لقد حصلنا على القائمة الكاملة بالمشاريع التي تُنفّذها حالياً منظمة هيومن رايتس ووتش في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".
حيث أضاف روبيسون أيضاً، أنه حصل على مذكرات مفصلة بشأن اجتماعٍ بين المنظمة ووزير الدولة البريطاني للتنمية الدولية آنذاك أندرو ميتشيل، إلى جانب مذكرات إحاطة سرية أخرى.
معلومات مهمة لولي العهد محمد بن زايد
التقرير قال أيضاً، إن هذه المعلومات كانت مهمة جداً لمحمد بن زايد في أغسطس/آب، حين بعث ديفيد رولاند برسالة بريد إلكتروني إلى جوناثان، وأشار فيها إلى روبيسون بالأحرف الأولى من اسمه: "غ ر يشغل دوراً مهماً للغاية في منظمة هيومن رايتس ووتش وحزب المحافظين بالنسبة للمدير، ومن مصلحتنا أن ينجح الأمر".
بعد ذلك، قال التقرير إن منظمة رولاند الخيرية تعهدت بمنح 930 ألف دولار إضافية للمنظمة الحقوقية؛ من أجل إنفاقها على مشاريع الشرق الأوسط.
في المقابل فقد أثبت آل رولاند أهميتهم مرةً أخرى في عام 2012، حين قدموا بعض المراوغات المالية لملاك نادي مانشستر سيتي البريطاني لكرة القدم من أبوظبي. إذ يحظر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) إنفاق أموال أكثر من تلك التي يجنونها، مما هدّد بعرقلة خطط توسع نادي مانشستر سيتي. حيث كان النادي، الذي اشتراه أخ غير شقيق لمحمد بن زايد عام 2008، قد أنفق 519 مليون دولار منذ ذلك الحين وخسر قرابة 399 مليون دولار خلال عامين، قبل دخول الحد الأقصى المفروض حيّز التنفيذ.
لكن بالتعاون مع عميل الاستخبارات البريطاني الأسبق تريكس، أنشأ المصرف شركةً دفعت للنادي رسوماً قيمتها 32 مليون دولار مقابل حقوق صور اللاعبين، وتكبّدت تكلفة 16 مليون دولار مقابل تعويضهم عن ظهورهم في الإعلانات. وخلف الكواليس، ردّت أبوظبي المبلغ إلى آل رولاند.
فشل الخطة مع اليويفا
في المقابل قال التقرير الأمريكي، إن الخطة فشلت مع اليويفا، الذي طلب من النادي عام 2015 تقليل مدفوعات حقوق صور اللاعبين بقيمة 13 مليون دولار سنوياً، وفقاً لما نقلته وكالة Reuters البريطانية عام 2018 بعد اطّلاعها على الوثائق المعروفة باسم "تسريبات كرة القدم".
في المقابل لم يذكر اليويفا في خطابه، أنّ نادي مانشستر سيتي كان ينتوي التهرب من القواعد أو التحايل عليها، كما لم يتّهم الاتحاد النادي بارتكاب مخالفات. بينما رفض المتحدثون باسم مانشستر سيتي واليويفا التعليق على الأمر.
فيما يُمثّل التقرير الخاص بقطر جزءاً رئيسياً في القضية التي تتهم فيها قطر المصرف بوضع حملةٍ غير قانونية مدعومة من الإمارات؛ من أجل خلق انطباعات خاطئة حول استقرار البلاد. وليس الإمارات من بين المدعى عليهم.
في المقابل دعا التقرير الذي كتبه البنك، إلى إنشاء صندوقٍ خارج البلاد تستطيع الإمارات أن تُحوّل إليه حيازتها من الديون القطرية قبل شراء مزيد من السندات. ويستطيع الصندوق أيضاً شراء مشتقات العملات الأجنبية المرتبطة بالريال القطري، وشراء ما يكفي من التأمين على سنداته -التي تُعد مقياس الجدارة الائتمانية للبلاد- من أجل التلاعب بسعر الصرف.
بالتالي، وفقاً للتقرير، سيُغرق الصندوق السوق بالسندات؛ لخلق انطباع بوجود حالة تهافت مذعور على البيع. كما تحدّث التقرير الخاص بالبنك أيضاً عن حملة علاقات عامة تُضيف المزيد من الزيت إلى النار .
لكن بعد وصول الخطة إلى عميل الاستخبارات البريطاني الضابط الأسبق تريكس، دخل الريال القطري في أزمة، بسبب حصار يونيو/حزيران 2017، ووصل إلى أدنى مستوياته. ولم تسترد العملة عافيتها حتى نوفمبر/تشرين الثاني من ذلك العام.