خرج الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، أخيراً عن صمته، بخصوص الهجمات الإلكترونية التي تتعرض لها بلاده، والاتهامات الموجهة لروسيا، وذلك بعد أن كتب السبت 19 ديسمبر/كانون الأول 2020، مجموعة من التدوينات، يتهم فيها وسائل الإعلام بـ"التضخيم" من جهة، وعدم توجيه الاتهام للصين، من جهة ثانية.
منذ يوم الأحد 13 ديسمبر/كانون الأول، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية تعرضها لهجوم إلكتروني، وصفته بـ"الكبير والمستمر"، استهدف عدداً من الجهات الحساسة والمهمة في الدولة، فيما بدا أنها عملية كبيرة مخطط لها بعناية، وتمت على مستوى عالٍ من الدقة والحرفية.
تشير المعلومات التي تتكشف يوماً بعد يوم، إلى أن نطاق الاختراق كان كبيراً جداً، حيث يبدو أنه يتجاوز المعامل النووية وأنظمة البنتاغون ووزارتي الخزانة والتجارة الأمريكيتين، وهو الأمر الذي من شأنه أن يزيد التحدي أمام المحققين الفيدراليين وهم يحاولون تقييم الضرر وفهم ما تمت سرقته.
تناقض بين ترامب ووزير الخارجية
إذ كتب الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إن "الإعلام يعاند في مناقشة احتمال أن تكون الصين وراء الاختراق الإلكتروني"، معتبراً أن بكين "قد تكون فعلاً وراء ذلك".
في تغريدة أخرى، ذهب ترامب إلى أن "وسائل الإعلام تتهم روسيا كلما حدث شيء، لأسباب مالية غالباً".
قبل أن يعود من جديد في تدوينة أخرى، يقول فيها إن "الاختراق الإلكتروني تم تضخيمه كثيراً في الإعلام الكاذب، وقد تم إعلامي وكل شيء تحت السيطرة".
كلام ترامب يتناقض تماماً مع ما صرح به وزير خارجيته مايك بومبيو، السبت، والذي وجَّه الاتهام المباشر لروسيا عن الهجوم الإلكتروني الذي طال وكالات حكوميّة أمريكيّة عدّة وأهدافاً في كلّ أنحاء العالم أيضاً، وتصفه وسائل إعلام أمريكية بـ"الهجوم الكبير" الذي ما زالت آثاره ممتدة منذ أيام.
وزير الخارجية الأمريكي قال إن "جهوداً كبيرة بُذلت لاستخدام جزء من برنامج معلوماتي، وذلك لدس رمز أساسي داخل أنظمة الحكومة الأمريكية"، كما أضاف: "الآن يمكننا أن نقول بشكل واضح جداً، إن الروس يقفون وراء ذلك الهجوم".
مساعٍ حثيثة لتقليل أضرار الهجوم
من جانبها، أكدت وكالة رويترز، السبت، أن فرق الأمن في شبكات الإنترنت على مستوى العالم تسعى حثيثاً لتقليل الأضرار.
فقد قال برايان مورجنستيرن، المتحدث باسم البيت الأبيض، للصحفيين، إن مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين يعقد اجتماعات طوارئ يومياً، إن لم يكن بوتيرة أسرع من ذلك.
وأضاف: "يعملون بكدّ شديد لتقليل الأضرار، والتأكد من أن بلادنا آمنة. لن نخوض في كثير من التفاصيل، لأننا لن نكشف لخصومنا ما نفعله للتصدي لهذه الأمور".
تأتي هذه التصريحات في الوقت الذي أكد فيه رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكي ماركو روبيو، لتلفزيون Fox News الأمريكي، الجمعة، أن "الهجوم الإلكتروني كبير، ومن الأرجح أنه ما زال متواصلاً".
آثار الهجوم تمتد خارج أمريكا
صباح الأحد 13 ديسمبر/كانون الأول 2020، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية تعرضها لهجوم إلكتروني، وصفته بـ"الكبير والمستمر"، استهدف عدداً من الجهات الحساسة والمهمة في الدولة، فيما بدا أنها عملية كبيرة مخطط لها بعناية، وتمت على مستوى عالٍ من الدقة والحرفية.
تشير المعلومات التي تتكشف يوماً بعد يوم، إلى أن نطاق الاختراق كان كبيراً جداً، حيث يبدو أنه يتجاوز المعامل النووية وأنظمة البنتاغون ووزارتي الخزانة والتجارة الأمريكيتين، وهو الأمر الذي من شأنه أن يزيد التحدي أمام المحققين الفيدراليين وهم يحاولون تقييم الضرر وفهم ما تمت سرقته.
من جانبها، أكدت شركة "مايكروسوفت"، الجمعة، أنها "أعلمت أكثر من 40 زبوناً تضرروا من البرنامج الذي استعمله القراصنة، والذي قد يتيح لهم النفاذ إلى شبكات الضحايا".
رئيس الشركة، براد سميث، أشار على مدونته إلى أن "نحو 80% من هؤلاء الزبائن يوجدون في الولايات المتحدة، لكننا تمكنا أيضاً في هذه المرحلة من تحديد ضحايا بعدة دول أخرى"، والدول المعنية هي: كندا والمكسيك وبلجيكا وإسبانيا والمملكة المتحدة وإسرائيل والإمارات.
سميث أضاف أن "عدد الضحايا في الدول المتضررة سيواصل الارتفاع، هذا مؤكد"، وهو أمر "يخلق هشاشة تكنولوجية خطيرة في الولايات المتحدة والعالم". واعتبر أن الهجوم الإلكتروني "ليس تجسساً عادياً، حتى في العصر الرقمي".
قلق من الهجوم الإلكتروني
في سياق متصل، قال الخبير في مجموعة "دينيم غروب" الأمنية جون ديكسون، إن عدة شركات خاصة يُحتمل أن تكون عرضة للهجوم، تقوم بكل ما في وسعها لتعزيز حمايتها، إلى درجة أنها تفكر في إعادة بناء خوادمها الإلكترونية.
ديكسون أضاف في تصريحات للوكالة الفرنسية، أن الهجوم الإلكتروني "كبير إلى درجة أن الجميع يُقيّم الأضرار حالياً"، معتبراً أنه وجَّه "ضربة قوية إلى الثقة بالدولة والبنى التحتية الحساسة".
من جانبهم، ينبه خبراء إلى التهديد الذي يحمله هذا الهجوم الإلكتروني، على الأمن القومي، ليس فقط في حالة السيطرة على بنى تحتية حساسة، ولكن أيضاً في حالة النفاذ إلى إدارة شبكات توزيع الكهرباء أو خدمات عامة أخرى.
فوفقاً لما هو معروف حتى الآن، نجح القراصنة في اختراق الرسائل الإلكترونية الداخلية لوزارة الخزانة ووزارة التجارة الأمريكية، ويُحتمل أنهم نفذوا إلى وزارة الطاقة التي تدير الترسانة النووية.
كذلك نجح القراصنة في اختراق برنامج "أونيون" الذي تنتجه شركة "سولار ويندز"، والمستعمل في إدارة الشبكات المعلوماتية للشركات الكبرى والإدارات، في حين دعت وكالة الأمن القومي التي تشرف على الاستخبارات العسكرية الأمريكية، إلى اليقظة؛ لمنع نفاذ القراصنة إلى أنظمة مهمة تابعة للجيش أو الدولة.