شكَّل فشل منظمة التعاون الإسلامي في إدانة الصين على معاملتها المسيئة لمسلمي الإيغور محور انتقاد واسع عالمياً، إذ بعث تحالفٌ من 140 منظمة بخطاب إلى المنظمة ينتقد موقفها الصامت، ويطالبها بمساءلة بكين على أفعالها.
تحالف الجماعات الحقوقية دعا، خلال مؤتمر صحفي، الخميس 17 ديسمبر/كانون الأول 2020، منظمة التعاون الإسلامي إلى تغيير موقفها من معاملة الصين للأقليات المسلمة، بحسب ما أفاد موقع Middle East Eye البريطاني.
من جانبه، أشار عمر كانات، رئيس المؤتمر الإيغوري العالمي، إلى أن خطاب اليوم إلى منظمة التعاون الإسلامي يتميز بأهمية كبيرة، وذلك "بعد أن اجتمعت المنظمات المسلمة من مختلف أنحاء العالم بصوت واحد من أجل شعب الإيغور".
واستنكر كانات صمت منظمة التعاون الإسلامي المستمر منذ أكثر من عامين، في الوقت الذي أشار فيه إلى أن ميثاق منظمة التعاون الإسلامي ينص على الالتزام بحماية الهوية الدينية، والثقافية، وحقوق، وكرامة المجتمعات والأقليات المسلمة في الدول غير الأعضاء.
استنكار لموقف المنظمة من الصين
قال تحالف الجماعات في خطابه إنّ "منظمة التعاون الإسلامي يقع على عاتقها التزامٌ ديني وأخلاقي بإدانة الفظائع وليس دعمها، والدعاية لحقوق المسلمين حول العالم، فيما يشمل ملايين المسلمين الإيغور الذين يُعانون انتهاكات جسيمة في وطنهم".
سيروي حسين، قائدة الحملات في جماعة "Justice For All" الحقوقية المشاركة في الخطاب، والتي قضت وقتاً داخل أحد معسكرات العمل القسري في سنجان، قالت إنّ الخطاب يهدف إلى حثّ الدول الإسلامية على التصعيد "والضغط على الحكومة الصينية من أجل وقف هذه الإبادة الجماعية والجريمة بحق الإنسانية".
بينما قال عمر سليمان، الإمام الأمريكي ومؤسس "Yaqeen Institute"، إنّ الدول ذات الأغلبية المسلمة يتعيّن عليها العمل من أجل وقف اضطهاد الإيغور، لأنّ هذا يُعد جزءاً من حملة الإسلاموفوبيا العالمية، كما أنّ تكتيكات بكين قد تنتقل إلى دول أخرى يُمثّل فيها المسلمون أقلية.
كما أردف خلال المؤتمر الصحفي: "ليس هناك اضطهادٌ أشد فظاعة من اضطهاد إخواننا وأخواتنا الإيغور على هذا النطاق".
فشل منظمة التعاون الإسلامي
بحسب الموقع البريطاني، فإن منظمة التعاون الإسلامي، المؤلفة من 57 دولة ذات أغلبية مسلمة بهدف أن تصير "الصوت الجماعي للعالم الإسلامي"، قد أصدرت قراراً في عام 2019 يُشيد بالصين "لتوفيرها الرعاية لمواطنيها المسلمين".
ينصّ القرار على أنّ المنظمة "تتطلّع إلى تعاونٍ أكبر بين منظمة التعاون الإسلامي وجمهورية الصين الشعبية"، دون أي ذكرٍ لانتهاكات حقوق الإنسان الموثقة والمُبلغ عنها التي ارتكبتها الصين بحق الأقليات المسلمة.
هذا القرار نال انتقاد الجماعات الحقوقية، وكذلك المسلمون حول العالم، لفشله في تحميل الصين المسؤولية عن انتهاكاتها لحقوق الإنسان، في الوقت الذي تدين فيه العديد من الدول الغربية مثل الولايات المتحدة، وكندا، وألمانيا، والمملكة المتحدة الحكومة الصينية بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان ضد الإيغور.
وعلى الرغم من الدعوات والاحتجاجات من الإيغور خارج الصين والتصريحات الناقدة من الحكومات الغربية، ظلّت الكثير من الدول ذات الأغلبية المسلمة صامتةً أو حتى ساعدت في القمع الصيني أحياناً عن طريق ترحيل الإيغور المهاجرين إلى الصين مرةً أخرى.
خطوات أخرى على صعيد دولي
يأتي الخطاب الموجه لمنظمة التعاون الدولي في وقت ينظم فيه منظمات إيغورية نشاطات وفعالية دولية لمناصرة قضيتهم الإنسانية ضد الصين.
فقد كشفت صحيفة The Guardian الأمريكية، قبل أسبوع، أن تحالفاً دولياً يضم أكثر من 60 عضواً في البرلمانات الدولية من 16 دولة مختلفة، قد حض المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية على قبول شكوى حول شن الصينيين حملة إبادة جماعية ضد الإيغور والأقليات المسلمة الأخرى، وارتكاب "جرائم ضد الإنسانية".
بحسب الصحيفة، فإنه على الرغم من أن جمهورية الصين الشعبية ليست من بين الدول الموقعة على اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية، فإن الادعاء يقول إن المحكمة قضت من قبل بأن الجرائم التي بدأت على أرض دولة طرف في المحكمة الجنائية الدولية تقع ضمن اختصاصها القضائي.
فريق من المحامين المقيمين في لندن يمثل مجموعتين من نشطاء الإيغور، قدَّم في يوليو/تموز 2020، شكوى ضد بكين بدعوى ارتكابها إبادة جماعية واستمرارها في عمليات الاعتقال الجماعي غير القانونية في المعتقلات الصينية، وكذلك عن تعاونها مع كمبوديا وطاجيكستان لترحيل الفارين من الإيغور وإعادتهم للمعتقلات الصينية.
تتضمن الدعوى التي قدَّمها المحامون، وتتألف من 80 صفحة، قائمةً تشمل أكثر من 30 مسؤولاً صينياً قال المحامون إنهم كانوا مسؤولين عن الحملة، ومن بينهم الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني، الرئيس شي جين بينغ.