اتفق زعماء الاتحاد الأوروبي الخميس 10 ديسمبر/كانون الأول 2020 على توسيع نطاق "الإجراءات التقييدية" ضد تركيا، على خلفية أنشطتها في شرق المتوسط، إذ أعرب زعماء دول الاتحاد، في بيان لهم خلال القمة الأوروبية المنعقدة حالياً في بروكسل، عن التزامهم بحماية جميع دول التكتل ودعم الاستقرار الإقليمي.
زعماء الاتحاد الأوروبي اتفقوا على إعداد عقوبات محدودة على أفراد من تركيا وتأجيل أي خطوات أكثر صرامة حتى مارس/آذار، وذلك في ظل اختلاف الدول على كيفية التعامل مع أنقرة.
فيما أحجم قادة الاتحاد الأوروبي عن تنفيذ التهديد الذي صدر في أكتوبر /تشرين الأول بالنظر في اتخاذ تدابير اقتصادية أوسع، ووافقوا بدلا من ذلك على بيان قمة يمهد الطريق لمعاقبة الأفراد المتهمين بالتخطيط أو المشاركة فيما يضفه التكتل بأنه تنقيب غير مصرح به.
وبذلك فشلت مساعي اليونان في فرض العقوبات على أنقرة حيث أن قرارات الاتحاد لم تذهب إلى الحد الذي كانت تريده أثينا، حيث قال مبعوثها إن أثينا شعرت بخيبة أمل من تردد الاتحاد الأوروبي في استهداف الاقتصاد التركي بسبب نزاع النفط والغاز، إذ دفعت ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا باتجاه منح الدبلوماسية مزيدا من الوقت.
من جهة ثانية كشفت خمسة مصادر بينها ثلاثة مسؤولين أمريكيين لرويترز أن الولايات المتحدة بصدد فرض عقوبات على تركيا لشرائها منظومة الدفاع الجوي الروسية (إس-400) العام الماضي.
قرار الاتحاد الأوروبي
البيان زعم أن "تركيا تواصل استفزازاتها وخطواتها أحادية الجانب، وتعلّي من لهجة خطاباتها ضد الاتحاد الأوروبي"، مشيرًاً إلى عودة سفينة البحث والتنقيب التركية "أوروتش رئيس" لميناء أنطاليا.
كما شدد البيان على إصرار الاتحاد الأوروبي على ضرورة خفض التوتر من أجل إمكانية استئناف المحادثات الاستكشافية بين أثينا وأنقرة.
في الوقت نفسه، جدد البيان تأكيده على وجود مصالح استراتيجية في تعزيز الاتحاد الأوروبي لعلاقات قائمة على المصالح المتبادلة، والتعاون الثنائي مع تركيا.
أضاف البيان موضحاً أن "الأجندة التركية الأوروبية الإيجابية ما زالت مطروحة على الطاولة، في حال إظهار تركيا جاهزيتها من أجل دعم شراكة حقيقية مع الاتحاد الأوروبي وأعضائه، وحل الخلافات وفقاً للحوار والقانون الدولي".
تابع البيان قائلاً "إنه من الممكن أن يشمل ذلك الأجندة الخاصة بالمجالات الاقتصادية والتجارية، والتواصل بين الشعوب، والحوار رفيع المستوى، والتعاون المستمر في مجال الهجرة. ويؤكد المجلس الأوروبي على أهمية الحفاظ على قنوات اتصال مفتوحة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا ".
قمة مرتقبة
كما لفت البيان إلى أن الاتحاد الأوروبي سيكون مستعداً للاستمرار في تقديم المساعدة المالية للسوريين في تركيا، وجاهزاً بشأن إدارة ملف الهجرة.
البيان طالب مجلس الاتحاد الأوروبي بوضع قائمة إضافية على القائمة المعدة من قبل، وذلك في إطار القرار الذي تم تبنيه في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 بشأن "الإجراءات التقييدية بسبب أنشطة تركيا غير الشرعية في المتوسط".
بالإضافة إلى ذلك، طُلب من الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد، جوزيب بوريل، والمفوضية الأوروبية، أن يقوما حتى القمة المقبلة في مارس/آذار 2021، بإعداد تقرير حول البدائل والوسائل المتعلقة بملامح الطريق الذي سيتم اتباعه بشكل يتضمن وضع العلاقات السياسية والتجارية والاقتصادية بين أنقرة والاتحاد، ويتضمن كذلك توسيع نطاق قرار القائمة الإضافية الخاصة بالإجراءات التقييدية.
فيما تضمن البيان كذلك إدانة فتح منطقة مرعش المغلقة بقبرص التركية، وشدد على ضرورة احترام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بهذا الموضوع.
وأوضح البيان كذلك أن الاتحاد الأوروبي يدعم الاستئناف السريع للمفاوضات الرامية لحل أزمة الجزيرة القبرصية في إطار الأمم المتحدة، وتحت رقابة أممية، مشيراً إلى أن "نفس الشيء منتظر من تركيا".
كما طلب المجلس الأوروبي من جوزيب بوريل المضي قدماً في اقتراح المؤتمر متعدد الأطراف بشأن شرق المتوسط.
وختاماً شدد البيان على أن "الاتحاد الأوروبي ينوي تنسيق خطواته وإجراءاته إزاء تركيا والوضع في المتوسط مع الولايات المتحدة".
الناتو يدعو إلى التهدئة
الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ، قال في وقت سابق إنه على أوروبا انتهاج موقف إيجابي خلال المحادثات المتعلقة بتركيا في قمة زعماء الاتحاد الأوروبي.
ستولتنبرغ قال في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء البرتغالي أنطونيو كوستا "هناك خلافات يجب أن نناقشها، لكن في الوقت نفسه يجب أن ندرك أن تركيا جزء من الحلف والعائلة الغربية".
مضيفاً "نحتاج جميعاً إلى انتهاج موقف إيجابي أثناء النظر في الخلافات المتعلقة بتركيا في قمة زعماء الاتحاد الأوروبي". كما أشار إلى أن الحلف وضع آلية لفض النزاع بين تركيا واليونان تستند على هذا النهج الإيجابي.
ووصف الوضع في شرقي المتوسط بأنه "صعب"، مشيراً إلى أن القضية نُوقشت أيضاً في اجتماع وزراء خارجية الناتو الأسبوع الماضي.
كما شدد ستولتنبرغ على أن تركيا حليف مهم في الناتو، وأنها تلعب دوراً مهماً في محاربة "داعش" على حدودها مع سوريا والعراق.
تابع قائلاً أن تركيا استضافت عدداً كبيراً من اللاجئين السوريين، وأنها الدولة الأكثر تعرضاً للضرر من الهجمات الإرهابية.
صراع شرق المتوسط
تشهد منطقة شرقي البحر المتوسط توتراً إثر ما تقول تركيا إنه مواصلة اليونان اتخاذ خطوات أحادية مع الجانب الرومي من جزيرة قبرص، وبعض بلدان المنطقة بخصوص مناطق الصلاحية البحرية.
وتقول وكالة الأناضول إن أثينا تتجاهل التعامل بإيجابية مع عرض أنقرة للتفاوض حول المسائل المتعلقة بشرق المتوسط، وبحر إيجة، وإيجاد حلول عادلة للمشاكل، فيما يجدد الجانب التركي موقفه الحازم حيال اتخاذ التدابير اللازمة ضد الخطوات الأحادية.
في المقابل ينتقد الاتحاد الأوروبي استئناف تركيا التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط، وندد سابقاً بما اعتبرها "استفزازات" من قبل أنقرة.
حينها ردّت تركيا على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية حامي أكسوي، بأن وصف الاتحاد الأوروبي تحركات تركيا بـ"الاستفزاز" أمر "لا يبعث على المفاجأة" نظراً للنهج "المعتاد المتحيز والمنحاز" للتكتل.