عبّر مصريون وناشطون في منظّمات حقوقية غير حكوميّة، الثلاثاء 8 ديسمبر/كانون الأول 2020، عن "خيبة أملهم"، لأنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "وضع المصالح الاقتصاديّة قبلَ ملف حقوق الإنسان"، خلال زيارة نظيره المصري عبدالفتّاح السيسي لباريس.
رفض لزيارة السيسي
كان هناك تجمّعان منفصلان، أحدهما للجالية المصريّة، والثاني لمدافعين عن حقوق الإنسان، وعدد من المسؤولين لمنظّمة العفو الدوليّة، قبل أن يُشكّلا في نهاية المطاف تجمّعاً واحداً فقط ضمّ نحو مئة شخص احتشدوا أمام الجمعيّة الوطنيّة الفرنسية في باريس، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
المشاركون حملوا صوراً لـ"سجناء سياسيّين"، ولافتات كُتب عليها "حالة طوارئ لحقوق الإنسان في مصر" و"لا سجادة حمراء للديكتاتوريين" وأخرى تُظهر السيسي بالزيّ العسكري كُتب عليها "جزار مصر".
بدورهم هتف أفراد من الجالية المصرية قائلين: "السيسي قاتل، ماكرون شريك"، و"السيسي مجرم، أوروبا شريكة"، بينما طالب المدافعون عن حقوق الإنسان بمزيد من "الحرية والديمقراطية للشعب المصري".
كاتيا رو، من منظّمة العفو الدوليّة، قالت في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية إنها تعرب عن أسفها لأنّ "زيارة السيسي تمّت في سياق من القمع المتزايد للمجتمع المدني"، ولأنّ "حقوق الإنسان وُضعت في المرتبة الثانية" وراء "المصالح الاقتصاديّة والعسكريّة التي تُعتبر أولويّة".
وبحسب الناشطة، فإنّ ماكرون "استمع" إلى المنظّمات غير الحكوميّة "ولكن لم يُنصت إليها"، في حين كانت هذه المنظّمات تنتظر منه "لفتة قويّة".
بيع الأسلحة لمصر
من جانبه، قال أنطوان مادلين، المسؤول في الاتّحاد الدولي لحقوق الإنسان: "نشعر بخيبة أمل لأنّ السلطات الفرنسيّة لم تنتهز الفرصة لجعل المساعدة العسكريّة لمصر مشروطة".
كما أعرب إلياس جوفروا من منظمة "أكات-فرانس" عن أسفه لعدم وجود "أيّ شروط" لبيع الأسلحة ومعدات المراقبة الإلكترونية لمصر.
ووقعت فرنسا اتفاقيات، بما فيها تلك الأوروبية بشكل خاص، تعهدت بموجبها بأنّ المعدات التي يتمّ بيعها يجب ألا تُستخدم لقمع السكان، وقال جوفروا: "يتعلق الأمر بمسألة قانونية وأخلاقية".
من جهتها قالت أسمهان البكراوي من المبادرة الفرنسية المصرية للحقوق والحريات إن "أكثر من 60 ألف سجين يقبعون في السجون في مصر"، فيما استنكر آخرون "التعذيب المعمم" وعمليات "الاختفاء" و"الهجمات على النساء والمثليين".
بدورها، قالت الفرنسية سيلين لوبرون، زوجة الناشط المصري الفلسطيني رامي شعث، المسجون بدون محاكمة منذ أكثر من عام، إن هناك "أسئلة تُطرح" حول فاعلية "الحوار الصريح والمفتوح" مع القاهرة حول حقوق الإنسان والذي وعد به ماكرون.
كذلك احتجّ المستشار الإقليمي روبرتو روميرو من حزب "أجيال"، قائلاً "يا لها من نهاية رهيبة بعد 10 سنوات على الثورات العربية". ودعا فرنسا إلى وقف بيع الأسلحة "المستخدمة ضد الشعب المصري" باسم "الحرب الزائفة على الإرهاب"، بحسب تعبيره.
يُذكر أنه في 27 يناير/كانون الثاني 2019، أعرب الرئيس الفرنسي عن أسفه لعدم تطور الوضع "في الاتجاه الصحيح" في مصر فيما يتعلق بحقوق الإنسان، لافتاً إلى سجن "مدونين وصحفيين ونشطاء حقوقيين".
لكن هذا الانتقاد الفرنسي لم يؤثر على العلاقة بين القاهرة وباريس؛ ما حفز المدافعين عن حقوق الإنسان على استمرار مطالبة ماكرون باتخاذ إجراءات صارمة تجاه حكومة السيسي، والانتقال من مرحلة "الكلام إلى الأفعال".
ويطالب الحقوقيون بأن تربط باريس دعمها العسكري لمصر بالإفراج عن السجناء السياسيين، حيث إن فرنسا تتقدم الآن على الولايات المتحدة في مبيعات الأسلحة لمصر، بتحقيقها مبيعات عسكرية بقيمة 1.4 مليار يورو في عام 2017، حسب صحيفة "لوموند" الفرنسية.