بدأ عدد من الأطباء والعلماء يبحثون في النظريات القائلة بأن بعض الأشخاص بشرق وجنوب شرقي آسيا قد تعرَّضوا لفيروسات كورونا السابقة التي تشبه كوفيد-19 الذي يجتاح العالم الآن، ومن شأن مثل هذا التعرُّض أن يحميهم من الإصابة بكوفيد-19 أو يقلِّل من شدة المرض، وذلك بسبب العدد الأقل كثيراً من الحالات والوفيات في هذه المنطقة مقارنةً بالولايات المتحدة.
وفق تقرير لصحيفة Wall Street Journal الأمريكية، السبت 5 ديسمبر/كانون الأول 2020، فإن عدداً من هؤلاء العلماء يشكون فعلاً في أن أجهزة المناعة لدى الناس في المنطقة تختلف عن أجهزة مناعة الناس في بقية العالم بأيِّ طريقةٍ منهجية.
إصابات أقل
يحدث هذا، في وقت يشتبه سكان هذه المنطقة في العوامل الثقافية، وفي بعض البلدان تلعب السياسات الحكومية، مثل الحجر الصحي المُطبَّق بشدة، الدور الرئيسي.
يتَّفق الأطباء على أن هناك حاجةً إلى تفسير سبب الحالات الأقل لدى كلٍّ من اليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام وتايوان وماليزيا وسنغافورة، تلك الحالات التي تُعَدُّ بالآلاف فقط على الأكثر يومياً، حتى خلال التفشي الحالي للجائحة.
فيما يقارنون ذلك بعشرات الآلاف من الحالات اليومية في العديد من الدول الأوروبية، وأكثر من 150 ألف حالة جديدة في عدة أيام بالولايات المتحدة وحدها.
نظرية الإصابة السابقة
يتفحَّص ياسوهيرو سوزوكي في هذا السؤال، بصفته الطبيب الأعلى مرتبةً في الهيئة الطبية بوزارة الصحة والرعاية الاجتماعية اليابانية حتى تقاعده في أغسطس/آب الماضي.
قال الدكتور سوزوكي: "هناك نظريةٌ أعتقد أنها قويةٌ للغاية، وهي أنه في شرق آسيا انتشر بردٌ شبيه بفيروس كورونا المُستجَد على نطاقٍ واسع، وقد أُصيبَ به عددٌ كبيرٌ من الناس".
كما أضاف في إشارةٍ إلى كوفيد-19: "بسبب تمتُّعهم بمناعةٍ ضد فيروس مشابه -رغم أن تلك ليست مناعةً حصينة تماماً- فإنهم لا يُصابون به أو لا يعانون أعراضاً خطيرة إن أُصيبوا به".
فيما حذَّرَ الدكتور سوزوكي من عدم وجود دراساتٍ قوية تدعم هذه الفكرة.
أجسام مضادة
تُظهِر الأبحاث في الدول الغربية، أن أجهزة المناعة لدى بعض الأشخاص تتعرَّف جزئياً على فيروس كورونا المُستجَد، رغم أنها لم تتعرَّض له قط، على ما يبدو بسبب العدوى السابقة بفيروس من عائلة كورونا يسبِّب نزلات البرد. وهناك تلميحاتٌ إلى أن هؤلاء الأشخاص يردعون فيروس كوفيد-19 بصورةٍ أفضل.
كما نظرت دراسةٌ أجراها علماء في معهد فرانسيس كريك بلندن، وفي مراكز أخرى بالمملكة المتحدة، في عيِّنات الدم التي جُمِعَت قبل جائحة كوفيد-19. وتوصَّلَت الدراسة، التي نُشِرَت بمجلة Science، إلى أن نحو واحد من كلِّ عشرين بالغاً أُخِذَت عيناتٌ منهم لديهم أجسامٌ مضادة تتعرَّف على كوفيد-19، وأن ما يقرب من نصف الأطفال والمراهقين لديهم مثل هذه الأجسام المضادة.
وتوصَّلَ علماء جامعة بوسطن الأمريكية إلى أن المرضى الذين أظهَرَت سجلاتهم الطبية تعرُّضهم المؤكَّد لفيروسات البرد الشائع كانت لديهم نتائج أفضل عندما أُصيبوا بكوفيد-19. ومن بين المرضى في المستشفيات، انخفض خطر الوفاة بنحو 70%، وفقاً لدراسة علماء جامعة بوسطن، التي نُشِرَت في مجلة Journal of Clinical Investigation.