استغلت مدينة لشبونة البرتغالية، واحدة من أشهر الوجهات السياحية البرتغالية والعالمية، جائحة فيروس كورونا، من أجل الاستجابة لمطالب السكان، والذين لطالما اشتكوا من الارتفاع المهول لأسعار العقارات بسبب الإقبال السياحي الكبير، إذ تمكنت المدينة أخيراً من تحويل الآلاف من الشقق السياحية إلى منازل في متناول البرتغاليين، وذلك وفق تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، الثلاثاء فاتح ديسمبر/ كانون الأول 2020.
لقرون كانت متاهة شوارع حي ألفاما الضيقة والمرصوفة بالصخور في لشبونة عن قصة ماضي المدينة، ولكن في السنوات الأخيرة، مع انتشار المقاهي العصرية والشقق السياحية، بدأ الحي التاريخي يروي قصةً مقلقة عن مستقبل المدينة.
زلزال سياحي
فقد حدث تحول سريع في جميع أنحاء وسط المدينة، حيث تضخمت الإيجارات السياحية على غرار تطبيق Airbnb لتبتلع ثلث العقارات. وعندما وجد السكان المحليون أنفسهم غير قادرين على دفعها وبدأت المجتمعات في الخلو، بدأ الكثيرون يتذمرون من توابع الزلزال السياحي.
كان ذلك هو الواقع، على الأقل، حتى أدت الجائحة إلى توقف السياحة. فقد قال فرناندو ميدينا، عمدة لشبونة، لصحيفة The Guardian البريطانية: "لقد خلق كوفيد فرصة إلى حد ما. لم يطلب منا الفيروس الإذن للدخول، لكن لدينا القدرة على استغلال هذا الوقت في التفكير ومعرفة كيف يمكننا التحرك في اتجاه تصحيح الأمور وإعادتها إلى المسار الصحيح".
انتهزت المدينة هذه اللحظة لتسليط الضوء على برنامج كان قيد الإعداد قبل انتشار الجائحة: خطة طموحة لتحويل بعض الشقق السياحية في المدينة، التي يزيد عددها عن 20 ألف شقة، إلى مساكن بتكلفة في متناول الجميع.
مبادرة المدينة
تقدم هذه المبادرة، التي وصفتها المدينة بأنها خيار "خالٍ من المخاطر"، لأصحاب العقارات إمكانية تلقي ما يصل إلى ألف يورو شهرياً عن طريق تأجير عقاراتهم للمدينة لمدة خمس سنوات على الأقل.
ومن هناك تتولى المدينة زمام العثور على مستأجرين، وتؤجر المنازل بسعر مدعوم أقصاه ثلث صافي دخل الأسرة.
بالنسبة لأصحاب العقارات، من المرجح أن يكون دخل الإيجار أقل مما قد يكسبونه من السائحين فيما بعد.
لكن المدينة تراهن على أن الدخل المستقر طويل الأجل، وعرض الدفع المقدم لما يصل إلى ثلاث سنوات من قيمة الإيجار، ستقنع مالكي العقارات فيما يعانون من عدم اليقين الناجم عن الجائحة.
أزمة الإسكان
وتُبرز جهود لشبونة كيف أن الجائحة سلَّمت حكومات العالم نفوذاً لإعادة تشكيل نهجها تجاه أزمة الإسكان.
لذا صرَّح بالاكريشنان راجاجوبال، مبعوث الأمم المتحدة المعني بحق السكن لوكالة Reuters البريطانية في مايو/أيار: "كما أنه من المرجح أن يتغير التوظيف والعمل بشكل عميق نتيجة لأزمة كوفيد-19، من المرجح أن يتغير الإسكان أيضاً. إنني آمل أن نعتبرها فرصة لإعادة تصوُّر الإسكان في عالم ما بعد كوفيد-19".
وهذا هو بالضبط ما بدأت القليل من الحكومات في فعله. إذ وعد المسؤولون في إنجلترا بإتاحة 3,300 منزل لمن ينامون في ظروف قاسية بحلول مايو/أيار المقبل، بينما أبرمت البندقية اتفاقاً يقضي بتأجير بعض الشقق السياحية لطلاب الجامعات.
أما البعض الآخر فسرَّعوا بالفعل خطط العمل. ففي يونيو/تموز، اشتُري فندقان في فانكوفر يحويان معاً 173 غرفة، لإيواء بعض من أفقر سكان المدينة. وقال كينيدي ستيوارت، عمدة المدينة، في بيان: "تضع جائحة كوفيد-19 تركيزاً أكبر على حاجتنا الملحة للإسكان".
وقبل أشهر، قالت مدينة سان خوسيه في كاليفورنيا إنها ستسرِّع خطة بقيمة 17 مليون دولار لبناء ما يصل إلى 500 منزل صغير لإيواء السكان المشردين خلال الجائحة.