استطاعت شركة ذكاء اصطناعي بريطانية، الإثنين 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أن تفك لغزاً عن البروتينات يحيّر علماء البيولوجيا منذ 50 عاماً، لتظهر بذلك بشائر حدوث ثورة في عالم البيولوجيا وتطوير الأدوية.
إنجاز علمي كبير: صحيفة The Times البريطانية ذكرت، الثلاثاء 1 ديسمبر/كانون الأول 2020، أن علماءً في شركة Deepmind صمموا برنامجاً يمكنه وضع تَصوُّر لبناء البروتينات، وأشاد علماء بالاكتشاف ووصفوه بأنه "إنجازٌ مذهل وتقدُم لا يحدث إلا مرة واحدة كل جيل".
البروتينات هي الآلية الذرية التي تعطي الطاقة للعمليات الحيوية في الجسم، وبفضل الأشكال المذهلة التي تصنعها البروتينات، تتمكن من أداء أدوار تشمل، تسريع ردود الفعل في الجسم، وفي الفيروسات السيطرة على الخلايا.
لذلك يُعتبر فهم الأشكال التي تكونها البروتينات أساسياً لتطوير أدوية جديدة ومحاربة الأمراض، وفقاً للصحيفة البريطانية.
من جانبهم، قال منظمو مسابقة للفرق التي تحاول العمل على الهياكل البروتينية حسابياً، إنَّ شركة Deepmind "حلَّت" المشكلة، إذ استطاعت استخدام التركيب الكيميائي للبروتيناتـ للتنبؤ بالبنية التي تُشكّلها بدقة في ثلثي الحالات من البشر الذين خضعوا للتجربة، وتفوقت حتى على نفسها في بعض هذه الحالات.
ديميس هاسابيس، وهو شريك مؤسس لشركة Deepmind البريطانية، التابعة لشركة Alphabet -الشركة الأم لجوجل- قال إنَّ هذا العمل فتح "طرقاً وفروعاً جديدة تماماً لاستكشاف العلوم والصناعة".
الاستفادة من الإنجاز العلمي: يتمثل أحد الأهداف الأولية الرئيسية لهذه النتائج في اكتشاف الأدوية؛ إذ تبحث شركات الأدوية غالباً عن الجزيئات التي تُثبط البروتينات.
هناك هدف آخر يتمثل في علم الفيروسات، إذ استخدم الفريق البرنامج لوضع تصوُّر لبنية البروتينات على سطح فيروس كورونا المستجد، لكن مع اكتشاف ملايين البروتينات كل عام، قال العلماء إنَّ احتمالات التوصل لفهم أفضل للبيولوجيا، أو حتى تصميم البروتينات لأداء مهام مثل تحلّل البلاستيك الحيوي، لا حصر لها.
من جانبه، قال جون مولت، الأستاذ في جامعة ماريلاند الذي شارك في تأسيس مسابقة بنية البروتينات: "بعد عملي شخصياً على هذه المشكلة لفترة طويلة، أجد أن توصل Deepmind لحل لهذه المشكلة (…) أمر فريد للغاية".
تمثل النتائج أيضاً واحداً من أعظم إنجازات التعلم الآلي من شركة ذكاء اصطناعي كانت قد أنتجت سابقاً أول كمبيوتر يمكنه التغلب على أفضل البشر في لعبة اللوحة اليابانية Go.
وقال إيوان بيرني، نائب المدير العام للمختبر الأوروبي للبيولوجيا الجزيئية، إنَّ هذا الاكتشاف سيأخذ مجاله "لمنطقة مختلفة"، وأضاف أنه "من الصعب معرفة ما التأثير الذي سيجلبه؛ لأنه كان مثل الكأس المقدسة" التي يبحث عنها البعض منذ سنوات.
أما على المستوى الذري، فتعمل البيولوجيا بفضل الهياكل المتشابكة للذرات، التي تتلاءم مع بعضها البعض مثل الأقفال في المفتاح، على سبيل المثال، لاكتشاف أي مفتاح من شأنه فتح قفل بروتين فيروس كورونا المستجد، أو يساعد في تحييد البروتين الناتج عن مرض وراثي، نحتاج إلى معرفة شكل هذا البروتين.
كذلك فإن العلماء بحاجة إلى معرفة كيف "يتحول" التسلسل أحادي البعد للذرات الذي نحصل عليه نتيجة روابط كيميائية إلى شكل ثلاثي الأبعاد.
ويُعد اكتشاف هذا الهيكل صعباً للغاية وأحياناً مستحيلاً، ويتضمن عموماً دراسة البلورات، وهي عملية شاقة. وقال ديميس: "القاعدة العامة هي أنَّ الأمر يتطلب على الأرجح من طالب دكتوراه قضاء دراسة الدكتوراه بالكامل في دراسة واحدة فقط".