لم تكن تنتوي المهندسة البيولوجية والعالمة الأمريكية آنا بلاكني، التي تعمل على تطوير اللقاحات، أن تصبح نجمةً على السوشيال ميديا، حتى إنه حين سُئلت عما إذا كانت تعتزم المشاركة في مبادرة جديدة على تيك توك لطمأنة المواطنين بشأن أدوية فيروس كورونا، لم تتحمس في البداية، لكن مع تزايد أعداد "المترددين بشأن اللقاحات"، وافقت العالِمة البالغة من العمر 30 عاماً في النهاية.
فمقطعها الأول، المنشور في أكتوبر/تشرين الأول 2020، لم يحصل سوى على بضع مشاهدات. والثاني حصل على بضع مئات. وبعد شهر حصلت منشوراتها على 2.6 مليون إعجاب، وصار لها 200 ألف متابع تقريباً، وفق تقرير نشره موقع صحيفة The Times البريطانية يوم الأحد 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
تطوير لقاحات كورونا: العالِمة الأمريكية ضمن فريق يطور لقاح كوفيد 19 بالكلية الإمبريالية بلندن، وهي من بين 30 عالماً في 15 بلداً لجأوا إلى وسائل التواصل الاجتماعي لطمأنة الشباب بشأن أمان اللقاحات وفاعليتها.
حيث تهدف أفلامهم القصيرة إلى عرض كيفية صناعة اللقاحات واختبارها من أجل القضاء على الخرافات. وتيك توك، الذي يستضيف مقاطع مدتها تصل إلى 60 ثانية، هو الوسيط "المثالي"، وفقاً لبلاكني، وتضيف حسب كلامها إن: "الناس يؤمنون بما يرونه بأعينهم، وإن رأيت ما يحدث، فأنت تعرف مجريات الأمور، وهذا يساعد في بناء الثقة عند الناس".
لكن التفاعل لم يكن إيجابياً بالضرورة، إذ عبر المشاهدون عن أن الشركات تعجلت في تطوير اللقاحات، وربما تكون غير آمنة.
فيما تقول بلاكني إن شكّهم ليس أمراً سيئاً بالضرورة. وتُكمل: "ذلك هو جمال هذه المنصة. لقد تمكنت من إجراء العديد من النقاشات الجيدة مع الناس على تيك توك، والرد عليهم فرداً فرداً. وما أدركته هو أننا نصنف الناس على أنهم من المعارضين للقاحات أو من المؤيدين، لكن أغلب الحوارات التي خضتها كانت مع أشخاصٍ عندهم بعض الأسئلة فقط، ولا أظن أن في هذا أي خطأ".
ملايين التساؤلات عن كورونا: وتقول إن المشكلة هي أن الملايين عندهم تساؤلات، لكن لا يجيب عنها أحد. وبدون مبادرات مثل التي تشارك هي فيها، ستملأ المعلومات المضللة الفراغ.
وبعد أنباء عن مشاركة المغنية الأمريكية دولي بارتون في تمويل أحد اللقاحات، سجلت بلاكني نسخة من أغنية شهيرة للمغنية تشرح فيها عملها على لقاح الكلية الإمبريالية.
حيث تقول بلاكني: "إن تخصصي هو اللقاحات والعلم. لكنني أريد للمقاطع أن تكون خفيفة ومسلية، لذا ما أسعى إليه هو أن أقول للناس: تعالوا من أجل الترفيه، ومن أجل العلم أيضاً". تستعمل منشوراتها صوراً ساخرة ومقاطع شهيرة على تيك توك لتشجيع تفاعل الشباب الموجودين على المنصة.
محاضرات تيك توك: وبول ماكاي من الكلية الإمبريالية، الذي يبلغ من العمر 50 عاماً، يصنع فيديوهات على تيك توك أيضاً. يقول ماكاي: "إن العديد من المسائل التي تسبب التردد في أخذ اللقاحات يتحدث عنها الناس ويعززها الآخرون ويعززونها بأنفسهم على وسائل التواصل الاجتماعي".
في المقابل فإن ماكاي زميل رفيع بقسم الأمراض المعدية بالجامعة، ويطمئن مستخدمي تيك توك بأن فريقه لا يسلك أي اختصارات ولا يستعمل أي مكوناتٍ سامة. "نحن نوفر للناس المعلومات، لكن لا يمكننا إجبارهم على تغيير آرائهم".
في حين أن مبادرة "فريق هالو" مدعومة من الأمم المتحدة ومشروع الثقة باللقاحات بكلية لندن للنظافة الشخصية والطب الاستوائي. هايدي لارسون، مؤسسة المشروع، تزعمت مؤخراً دراسة وجدت أن عدداً قليلاً جداً من البريطانيين سيقبلون "بكل تأكيد" الحصول على لقاح كوفيد لدرجة يمكن أن تمنع اكتساب مناعة القطيع. أكثر من النصف بقليل (54%) قالوا إنهم سيقبلون اللقاح. وبعد أن عُرضت عليهم معلومات مضللة من الإنترنت، انخفض الرقم 6.4% إضافية.
كذلك تذهب تقديرات الخبراء إلى أن لقاح كوفيد سينبغي على 55% من السكان أخذه لاكتساب مناعة القطيع، بينما يقترح خبراء آخرون رقماً أكبر. ويقول لارسون: "نحن في منطقة هشة حقاً. لقاحات كوفيد-19 ستكون بالغة الأهمية في مساعدتنا في إنهاء الجائحة والعودة بحيواتنا إلى ما وضعٍ شبه طبيعي. لكن اللقاحات لا تعمل إلا حين يأخذها الناس".