قالت صحيفة The Independent البريطانية، الأربعاء 25 نوفمبر/تشرن الثاني 2020، إن محكمة عليا هندية وجّهت ضربة لمساعي المتشددين الهندوس فيما يتعلق بالجدل المحتدم حول الزواج بين أصحاب الأديان المختلفة في الهند، بعد أن ألغت المحكمة حكماً قضائياً سابقاً يقضي بأن التحول إلى دين آخر "لغرض الزواج فقط" أمرٌ غير مقبول.
وفق تقرير للصحيفة، فإن محكمة "الله آباد" العليا أصدرت قرارها ضمن حيثيات الحكم بخصوص قضية رفعها والدان هندوسيان ضد زوج ابنتهما المسلم، بعد أن تخلت الابنة عن ديانة أبويها الهندوسيين واعتنقت الإسلام، العام الماضي، قبل الزواج به.
تفاصيل القرار
يأتي ذلك فيما تعد تلك القضية من النوع الذي كان من الممكن اعتباره نموذجاً للقضايا التي يستعين بها أنصار نظرية المؤامرة اليمينية "جهاد الحب" Love Jihad، والتي تدَّعي قيام الرجال المسلمين بحملة منسقة لتحويل النساء الهندوسيات عن دينهم إلى الإسلام، عن طريق إغوائهن أو بواسطة الزواج القسري.
على الجانب الآخر، أصدرت هيئة المحكمة المكونة من قاضيين حكمها، قائلة: "نحن لا نرى الزوجين بريانكا خاروار وسلامات أنصاري بوصفهما هندوسية ومسلماً، بل نراهما شخصين بالغين يعيشان معاً في سلام وسعادة، بإرادتهما الحرة واختيارهما، لما يزيد على عام كامل".
كما قال القضاة، إن "الحق في العيش مع شخص من اختياره/اختيارها، بغض النظر عن دينه/دينها… حق جوهري من حقوق الحياة والحرية الشخصية"، مضيفين أن "التدخل في علاقة شخصية كالزواج، من شأنه أن يشكل تعدياً خطيراً على حق الشخصين في ممارسة حرية الاختيار".
ضغوطات من المتطرفين
في المقابل، كانت هيئة قضائية مكونة من قاضٍ واحد، قد رفضت في وقت سابق من شهر سبتمبر/أيلول، التماساً تقدَّم به زوجان من دينين مختلفين، للحصول على قرار قضائي يقضي بتوجيه الآخرين إلى عدم التعرض لهما أو التدخل في حياتهما الزوجية.
وقتها، أشارت المحكمة في حيثيات حكمها إلى أن التحول عن الدين "لغرض الزواج فقط"، وحيثما لا يكون المعتقد الديني للطرف المعنيّ عاملاً، أمر غير مقبول.
أما الحكم الجديد، الصادر في 11 نوفمبر/تشرين الثاني، فقد وصف الحكم السابق بأنه "غير صالح من الناحية القانونية".
لكن في الوقت نفسه، لم يصل الحكم الأخير إلى حد التعليق على "صحة الزواج/التحول المزعوم" بوجه عام. وقالت المحكمة إنَّ حكمها يقتصر على إلغاء حكم محدد لم ترَ ارتكاب أي مخالفات فيه، لأن هناك "شخصين بالغين أمامنا، يعيشان معاً لأكثر من عام بمحض إرادتهما واختيارهما الحر".
جهاد الحب
من جهة أخرى، يأتي هذا الحكم في وقت تشهد فيه البلاد منعطفاً حاسماً فيما يتعلق بتلك القضية، إذ استشهد بالحكم السابق الصادر عن محكمة "الله آباد" العليا رؤساءُ المجالس المنتمون إلى حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم في عدة ولايات، واستندوا إليه في تهديدهم بإصدار قوانين تحظر الزواج بين أصحاب الأديان المختلفة.
وكانت خمس ولايات يحكمها حزب بهاراتيا جاناتا، قد تعهدت بإصدار تشريع جديد ضد ما يسمونه "جهاد الحب"، وهي نظرية يمينية لا تزال تجد رواجاً في المجتمع الهندي المشحون بالمشاغل، على الرغم من أن تحقيقات رسمية أُطلقت بشأن الأمر في 2009 و2010 و2012، ومرة أخرى في 2014، ولم تعثر تلك التحقيقات كلها على أي دليل على نشاط كهذا أو تحرك منظم بشأنه.
وفي الفترة الأخيرة، قضى "تحقيق خاص" أطلقته الشرطة بولاية أوتار براديش الهندية بشأن مزاعم عن "صعود في أنشطة جهاد الحب"، بعدم وجود أي مؤامرة أو تنسيق منظم في 14 قضية حققت فيها سلطات الولاية المذكورة.
كما لم تجد التحقيقات أي دليل على أن أياً من الشباب المسلمين الذين يواجهون تلك المزاعم قد تلقوا تمويلاً من الخارج، وهو أحد الاتهامات الرئيسية التي تقوم عليها المزاعم التآمرية لما يُدعى بـ"جهاد الحب".