قالت الرئاسة الفرنسية الخميس 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 إن باريس تريد إشرافاً دولياً لتطبيق وقف لإطلاق النار في صراع إقليم ناجورنو قره باغ، وذلك لمخاوف لديها من أن روسيا وتركيا قد تبرمان اتفاقاً لإبعاد القوى الغربية عن محادثات السلام المستقبلية، حسب ما أفادت وكالة رويترز.
وفي الوقت الذي تشترك موسكو في رئاسة مجموعة مينسك التي كانت تشرف على نزاع ناجورنو قره باغ مع واشنطن وباريس، إلا أن الأخيرتين لم تشتركا في الاتفاق الذي وقعته روسيا وأرمينيا وأذربيجان لإنهاء القتال الذي استمر ستة أسابيع، بينما شاركت أنقرة في المباحثات، ومن المتوقع أن تنشر قوات لها في الإقليم.
محادثات هاتفية: وقال مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عقب اتصالين مع رئيس أذربيجان ورئيس وزراء أرمينيا إنه "ينبغي أن تسمح نهاية القتال باستئناف مفاوضات حسن النية من أجل حماية سكان ناجورنو قره باغ وضمان عودة عشرات الآلاف الذين فروا من منازلهم في الأسابيع القليلة الماضية في أوضاع أمنية جديدة".
بحسب وكالة رويترز، فإن 400 إلى 600 ألف من سكان فرنسا ينحدرون من أصل أرمني، فيما يحرص ماكرون على عدم دعم طرف على حساب آخر في الصراع، لكنه يواجه انتقادات في الداخل لعدم فعله ما يكفي لمساندة أرمينيا.
فيما قال مسؤول بالرئاسة الفرنسية للصحفيين إن باريس تريد من مجموعة مينسك أن تلعب دورها في تحديد (وضع) المراقبة (وقف إطلاق النار).
وذكر مصدر أن باريس تضغط من أجل "إشراف دولي" على وقف لإطلاق النار بغية السماح بعودة اللاجئين وتنظيم عودة المقاتلين الأجانب، فضلاً عن بدء محادثات بشأن وضع ناجورنو قره باغ.
باريس تفاجأت بالاتفاق: وفي بيان سابق للرئاسة الفرنسية، عقب اتفاق وقف إطلاق النار بين أذربيجان وأرمينيا، أكد فيه الرئيس ماكرون على رضاه عن انتهاء القتال، ولكنه بدا أن اتفاق وقف إطلاق النار قد فاجأ باريس.
الرئيس الفرنسي جدد في بيانه آنذاك التأكيد على صداقته لأرمينيا وشعبها، واستعداده للمساعدة في التوصل إلى حل عادل ودائم ومقبول من كل الأطراف في ناجورنو قره باغ.
اتفاق قره باغ: الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف كان قد أعلن في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني، النصر في المعارك التي خاضها جيش بلاده ضد أرمينيا في قره باغ، وقال إنه تم إجبار رئيس الوزراء الأرميني باشينيان على توقيع اتفاق يقضي بتسليم 3 محافظات.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن في وقت سابق توصل الطرفين الأذربيجاني والأرميني لاتفاق ينص على وقف إطلاق النار في قره باغ.
علييف أشار إلى أن الاتفاق ينص على تسليم 3 محافظات كانت تحتلها أرمينيا لبلاده خلال فترة زمنية محددة، وهي: كلبجار حتى 15 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وأغدام حتى 20 من الشهر نفسه، ولاتشين حتى 1 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وقد وقعت أرمينيا وأذربيجان برعاية روسيا اتفاقاً لوقف إطلاق النار في ناجورنو قره باغ يكرّس الانتصارات العسكرية التي حققتها قوات باكو في الإقليم الانفصالي بعد ستة أسابيع من المعارك الأكثر دموية خلال 30 عاماً.
فيما أعلن الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف أن الاتفاق بمثابة نصر لبلاده، وأن الانتصارات التي حققها الجيش أجبرت رئيس الوزراء الأرميني مكرهاً على قبول الاتفاق.
قوات حفظ السلام: كما أعلنت وزارة الدفاع الروسية، فجر الثلاثاء 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، توجه قوات حفظ سلام تابعة لها للانتشار في مناطق التماس بين قوات أذربيجان وأرمينيا في قره باغ، وذلك بعد أن أعلن بوتين وقفاً لإطلاق النار بين أذربيجان وأرمينيا.
وزارة الدفاع الروسية قالت في بيانها إنّ قوات حفظ السلام تتألف من 1960 جندياً، و90 مدرعة، و380 مركبة، وأوضحت أنّ قوات حفظ السلام التابعة لها ستنشئ نقاط مراقبة على طول خط التماس في قره باغ وممر لاتشين، لمراقبة التزام الطرفين الأذربيجاني والأرميني بوقف إطلاق النار.
أما في تركيا، فقد وافق البرلمان على طلب من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الإثنين 16 نوفمبر/تشرين الثاني، على إرسال عسكريين إلى أذربيجان بهدف المشاركة في مهمة روسية تركية لمراقبة وقف إطلاق النار في إقليم ناغورنو قره باغ.
ونصت المذكرة التي أرسلت إلى الجمعية الوطنية يحمل توقيعه، طلب أردوغان الموافقة على إرسال جنود لإقامة "مركز تنسيق" مع روسيا لمراقبة احترام الهدنة.
كما أشار النصّ إلى أن العسكريين الذين ستُرسلهم تركيا الداعمة لأذربيجان، سينتشرون "للمشاركة في أنشطة مركز التنسيق الذي سيُقام مع روسيا" و"ضمان احترام وقف إطلاق النار"، فيما سيمتد عملهم لمدة عام.
يذكر أن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، كان قد أكد الخميس أن بلاده حاضرة ميدانياً وسياسياً في اتفاق "قره باغ" المبرم بين أذربيجان وأرمينيا، مشدداً على أنه لا يمكن لأحد أن يُخضع تركيا لسياسة الأمر الواقع في المنطقة، ومؤكداً أن النقطة التي تريد تركيا الوصول إليها تتمثل في جعل وقف إطلاق النار دائماً، وضمان الاستقرار والسلام والتطبيع، وفتح الحدود، ونشر الازدهار، وعدم تعدي أحد على حقوق الآخر.