قالت صحيفة The Independent البريطانية، الخميس 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعدما تبيَّن له فشل مساعي الطعن في الانتخابات عبر المحاكم، بدأ في التحول إلى اتجاه جديد ضمن مساعيه الضاربة في كل اتجاه بحثاً عن سبيل لإسقاط النتائج القاضية بفوز بايدن.
تقرير الصحيفة البريطانية أوضح أن ترامب يتطلع حالياً إلى مجالس انتخابية محلية مغمورة من المفترض أنها تصادق على نتائج تصويت اللجان الانتخابية الخاصة بالولايات، لقلب العملية الانتخابية وبث الفوضى وإدامة شكوك لا أساس لها حول عمليات فرز الأصوات.
معركة جديدة لحسم الولايات المتأرجحة: تدور رحى المعركة الجديدة في ساحات الولايات المتأرجحة التي حسمت فوز بايدن.
ففي ميشيغان، رفض اثنان من مسؤولي الانتخابات الجمهوريين في أكبر مقاطعة بالولاية التصديقَ منذ البداية على النتائج، على الرغم من عدم وجود دليل على وقوع عمليات تزوير. وفي أريزونا أيضاً، رفض مسؤولون محليون التوقيع على نتائج فرز الأصوات في إحدى المقاطعات الريفية.
من جهة أخرى، يقول مسؤولو الانتخابات المحليون إن هذه التحركات لا تعكس جهداً منسقاً عبر الولايات المتأرجحة التي حسمت الفوز لبايدن، إذ يبدو أنها مدفوعة بخطاب ترامب التحريضي حول مزاعم لا أساس لها بشأن وقوع تزوير.
هذه المزاعم فاقمها إذعان الجمهوريين لتصريحات ترامب الطاعنة في النظام الانتخابي للشعب الأمريكي، لا سيما أن محاكم الولايات والمحاكم الفيدرالية أخذت ترفض وتتجاهل الطعون القانونية التي رفعها ترامب وحلفاؤه.
مع ذلك، فإن ما حدث في مقاطعة واين بولاية ميشيغان يوم الثلاثاء 17 نوفمبر/تشرين الثاني كان بمثابة تذكير صارخ بهول الاضطرابات التي لا يزال من الممكن حدوثها، فيما يتأهب الشعب الأمريكي لإعلان تأكيد نتائج الانتخابات التي جرت في 3 نوفمبر/تشرين الثاني.
سابقة هي الأولى في تاريخ أمريكا: تعليقاً على ذلك، يقول جوشوا دوغلاس، أستاذ القانون في جامعة كنتاكي، إن مساعي فريق ترامب واسعة النطاق لتأخير أو تقويض عمليات توثيق نتائج الانتخابات لا توجد سابقة لها.
إذ أشار دوغلاس إلى أن استمرار تلك المحاولات "سيكون نهاية للديمقراطية الأمريكية كما نعرفها. إنه شيء لا يمكن السماح بحدوثه".
يُعد التصديق على النتائج خطوة روتينية لكنها مهمة بعد أن يتمَّ مسؤولو الانتخابات المحليون عملية فرز الأصوات، ومراجعة الإجراءات، والتحقق من الأصوات للتأكد من عدها على نحو صحيح واستبعاد أي تناقضات أو أخطاء. وعادةً ما يجري التصديق على هذه الشهادة من قبل مجلس محلي مضطلع بالإشراف على الانتخابات، ثم يتم اعتماد النتائج لاحقاً على مستوى الولاية.
ما مدى أهمية تحركات ترامب؟ بما أن ترامب يرفض حتى الآن التسليم بفوز بايدن ويستمر في نشر مزاعم كاذبة عن فوزه هو بالانتخابات، فإن هذه العملية الثانوية اكتسبت الآن أهمية جديدة.
من بين الولايات المتأرجحة الأساسية، نجحت المقاطعات في ولايات ميشيغان ونيفادا وويسكونسن في اجتياز الخطوة الأولى من عملية التصديق على النتائج. وباستثناء مقاطعة واين المذكورة، جرت هذه العملية بسلاسة إلى حد كبير، فيما لا تزال ولايات أريزونا وبنسلفانيا وجورجيا لم تنتهِ بعد من التصديق على نتائج مقاطعاتها المحلية.
الآن تتحول كل العيون إلى شهادات التصديق وتوثيق نتائج الانتخابات على مستوى الولايات.
ففي مقاطعة واين، رفض الموظفان الجمهوريان في البداية التصديقَ على نتائج التصويت، قبل أن يتراجعا بعد إدانة واسعة النطاق، وليس قبل أن يثني ترامب على ما فعلاه.
الوقت يكاد ينفد من ترامب: تأتي تلك المساعة في ظل أن الوقت يكاد ينفد بالنسبة إلى ترامب، إذ يجب أن تختتم عمليات إعادة الفرز والتعامل مع الالتماسات القضائية، ومن ثم التصديق على نتائج الانتخابات بحلول 8 ديسمبر/كانون الأول، فهذا هو الموعد النهائي الدستوري قبل اجتماع الهيئة الانتخابية في الأسبوع التالي.
كان مات مورغان، المستشار العام لحملة ترامب، قد قال الأسبوع الماضي إن الحملة كانت تحاول وقف إصدار شهادات التصديق على نتائج الانتخابات في الولايات التي شهدت تأرجحاً أو فوزاً بفوارق ضئيلة حتى يمكن التعامل على نحو أفضل مع فرز الأصوات، وتبين ما إذا كانت الحملة سيكون لها الحق في المطالبة بإعادة الفرز التلقائي، لضآلة الفوارق، أم لا. غير أن الواقع حالياً أن حملة ترامب لا تملك ما يعطيها الحق في أي مطالبة بإعادة الفرز.
كما أن بعض المقربين من دوائر ترامب أعربوا عن أملهم في أنه من خلال تأخير عمليات التصديق على النتائج، ستحصل المجالس التشريعية في الولايات التي يسيطر عليها الحزب الجمهوري على فرصة لاختيار ناخبين مختلفين، أو قلب فوز بايدن إلى خسارة أو إرسال النتائج المطعون عليها إلى مجلس النواب، حيث من المؤكد أن يفوز ترامب.
لكن معظم مستشاري الرئيس كانوا ينظرون إلى ذلك على أنه مجرد أضغاث أحلام، فقد عجز فريق ترامب عن تنظيم عملية جمع للمستندات القانونية الأساسية للطعن على نتائج الانتخابات منذ البداية، فما بالك بالطعن أمام المنظمة السياسية والقانونية واسعة النطاق اللازمة لإقناع مشرعي الولاية بالتجرؤ على تقويض إرادة الناخبين في ولاياتهم.